ربطت آخر الأبحاث التي أجريت في جامعة كولومبيا في نيويورك بهدف تحري اضطرابات الذاكرة عند المصابين بمرض الزهايمر، بين معدل تراجع الملكات العقلية والوظائف الدماغية المشاهدة في هذا المرض وبين مستوى الثقافة ودرجة العمل عندهم. وذلك بعد دراسة دقيقة لحالة 177 مصاباً، كان محور تحرياتها فحوصات نوعية من أجل تحديد درجة نقصان الذاكرة بشكل دقيق. فقد وجد من متابعة جميع هؤلاء المرضى لمدة أربع سنوات، ان تراجع المهارات العقلية الدماغية يحدث عند جميع مرضى الزهايمر بمعدل درجة واحدة سنوياً، وبغض النظر عن الحالة الاجتماعية والوظيفية، إلا أن هذا التراجع يصبح سريعاً جداً عند المرضى ذوي التحصيل العلمي العالي وعند الذين يشغلون وظائف عالية المستوى ومهمة. وقال الباحثون في تفسيرهم لآلية هذا التفاوت في درجات نقص الذاكرة، إن السبب من وراء هذا التراجع يعود إلى التركيبة الخاصة لدماغ المريض الذي أتم تحصيله العالي، حيث يستطيع هذا الدماغ مضاعفة عمله في بداية الأمر، لذلك لا يلاحظ أي ضعف في الذاكرة عندها. ولكن تطور المرض إلى مرحلة متقدمة يحمل معه استحالة في تعويض الدماغ الذي لا يستطيع التأقلم أكثر من ذلك، وعندها يحصل التراجع السريع والانحدار في عمله، خصوصاً في الذاكرة التي تنقص إلى حد كبير. ويعد مرض الزهايمر من أكثر أسباب تطور العته الدماغي المزمن شيوعاً، حيث تعود نسبة 60 إلى 80 في المئة من حالات الاصابة بالعته إلى الاصابة بمرض الزهايمر. ويتميز بنقصان في الذاكرة وفي الوظائف العقلية الأخرى، يبدأ في السواد الأعظم من الحالات متأخراً في العمر. وتقدر نسبة اصابة الأشخاص فوق ال65 من العمر ب5 إلى 15 في المئة. إلا أنه قد يصيب الأعمار المتوسطة أيضاً. وتلعب الوراثة دوراً في ظهوره، إذ تمكن علماء الوراثة من عزل المورث المسؤول عن المرض الذي يكمن في الكروموزومات 14 و19 و21. وعلى رغم أن الأسباب المباشرة التي تؤدي إلى تطوره غير معروفة على وجه التحديد، إلا أن الآلية التي تؤدي إلى أعراضه الدماغية العصبية هي معروفة ومميزة. وتعود إلى تشكل شبكة من الألياف العصبية داخل الخلايا العصبية من جهة، وإلى تكون صفيحات عصبية خارج الخلايا تتألف بشكل أساسي من بروتين بيتا اميلويد من جهة ثانية، بالإضافة إلى حدوث اضطرابات عدة في المواد العصبية التي تلعب دوراً في النقل العصبي. وتعتمد معالجة هذا المرض، في غياب العلاجات الجذرية التي ما زالت في طور البحث والاختبار، على معالجة الأعراض مثل عدم القدرة على النوم والتهيج والكآبة.