نظمت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات بالتعاون مع الرئاسة العامة لتعليم البنات اخيراً ندوتها السنوية تحت عنوان "الشباب الحاضر والمستقبل"، وذلك في قاعة عائشة أم المؤمنين في كلية التربية للبنات في الرياض. افتتحت الندوة مديرة الاشراف التربوي في الرياض الأستاذة موضي العذل بكلمة تحدثت فيها عن مسؤولية التعليم التحصينية والتوعوية بين صفوف الطالبات، ومساهمة هذه الندوات في "رفع كفاءة المعلمة ومشرفة التربية الاجتماعية والمرشدة الطلابية لتتمكن من القيام بدورها في توعية الطالبة بأضرار المخدرات وحمايتها وأسرتها من اخطارها". وألقت الأستاذة أمل خاشقجي، مديرة القسم النسوي في ادارة مكافحة المخدرات، كلمة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات أشارت فيها الى الجهود التي قام بها الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز في مجال مكافحة المخدرات، ما دعا اللجنة الى تسمية ندوة هذا العام باسمه تقديراً منها لجهوده في هذا المجال. وقالت الأميرة هيفاء بنت فيصل التي رعت الندوة: "كابنة لهذا الوطن الكريم وكابنة لفيصل بن فهد الذي يشاركني في أبوته كل شباب وشابات بلدنا الحبيب أردد شعار: لا للمخدرات، ولا لكل الذين يهملون تربية أبنائهم وبناتهم ومراقبتهم وتنشئتهم التنشئة الصالحة..." والقيت في الندوة سبع محاضرات، تناولت في اولاها الدكتورة رقية المحارب، المديرة العامة للتوجية والارشاد في الوكالة المساعدة لشؤون الطالبات في رئاسة تعليم البنات في الرياض، موضوع "تنمية الرقابة الذاتية لدى الناشئة"، وركزت على ضرورة تنمية الرقابة الذاتية التي توجه صاحبها. أما الدكتورة سهام الصويغ، من قسم علم النفس في جامعة الملك سعود، فناقشت "دور الأسرة في وقاية النشء من المخدرات"، وعرضت أسباب تعاطيها، وتناولت بالتحليل تأثير الأسرة على البناء النفسي والشخصي للأبناء في مراحلهم العمرية المختلفة. ومن خلال ذكرها للعوامل المؤثرة في قيام الأسرة بدورها ربطت بين ظروف الأسرة والادمان لدى المراهقين، وتطرقت الى كيفية معاملة المراهقين لحمايتهم من خطر المخدرات، فقالت: "معظم الآباء في تعاملهم مع المراهقين يكونون مدفوعين بالحب وفي نفس الوقت بالخوف الشديد من وقوع المراهق فريسة للمخدرات، وهذا الخوف يكون السبب الرئيسي لاستخدام الأهل لأسلوب السلطة والضبط الخارجي بطريقة تحرم المراهق من تعلم مهارات الحياة والثقة بالنفس، وهي صفات مهمة ولازمة ليتعلم المراهق كيف يحافظ على نفسه ويقف أمام اغراء هذا المخدر". واضافت ان الممارسات التربوية الخاطئة تدفع بالمراهق الى البحث عن جماعات أخرى تستمع اليه وتشعره بالانتماء، وفي محاولته اليائسة للشعور بالانتماء قد ينجرف في تجربة المخدرات تماشياً مع جماعة الرفاق، أو اشباعاً لحاجته للتمرد أمام سلطة الوالدين، أو رغبة في إثبات ذاته واستقلاليته في أن يختار ما يريد من سلوك حتى وإن كان متعارضاً مع القيم والأخلاق المتعارف عليها في المجتمع، وهكذا نجد أن الأسر التي تضع قوانين جامدة وتفتقد الحوار وتعتمد على المبدأ التربوي الذي يقول: لا تفكر، ولا تتكلم، ولا تشعر، هذه الأسر، ودون قصد منها تسهم في دفع أبنائها، وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من نموهم، وجعلهم عرضة للانحراف. ولوقاية الأبناء المراهقين منهم خصوصاً، اقترحت الصويغ بعض أساليب التربية مثل "التحصن بالمعلومات العلمية وتعريف الأبناء بأضرار المخدر في مرحلة مبكرة من العمر، وعدم الاعتماد التام على المدارس والمؤسسات التعليمية، بل يجب أن تكون الأسرة مصدراً أساسياً للمعلومات، ومن المهم للوالدين أن يتعرفا على المراحل التي يمر بها المدمن حتى يستطيعا التنبه ومساعدة ابنهما قبل فوات الأوان". وتذكر الصويغ أسلوباً تربوياً آخر هو "التواصل والحوار مع المراهق المتمثل في اظهار الحب له والقبول غير المشروط واعطاء الابن مساحة من الحرية المناسبة ليتدرب على مهارات الاختيار فتتكون لديه تدريجياً القدرة على الاختيار الصحيح، وتعلم مهارات التشجيع وزرع الثقة في ذاته. وأوصت "بالوقوف مع الأسرة اجتماعياً وتربوياً واعلامياً لمساعدتها على القيام بدورها في تنشئة الأبناء، وتأسيس مراكز ارشاد أسرية لتوعية الأهل بكيفية التعامل مع الأطفال والمراهقين، وتقديم دورات تدريبية في كيفية التعامل مع المراهقين والمراهقات ووقايتهم من خطر الانحراف في هذه المرحلة الحرجة من نموهم، وتوعية الأبناء بأخطار المخدرات بل والمشاركة العلمية في مكافحتها، واستثمار طاقات الشباب من الجنسين، وتوجيهها وشغل أوقات الفراغ بالهوايات النافعة والنشاطات الرياضية والعمل التطوعي". وفي محاضرة عن "عناصر الادمان وكيفية الوقاية والعلاج"، تطرقت الدكتورة نورة الناهض، الأستاذة المشاركة في قسم طب الأسرة والمجتمع في جامعة الملك سعود، الى الفرد المدمن وسماته الشخصية وأعمار وفئات المدمنين. وتناولت العلاقة بين الجنس والادمان، والبيئة التي يحدث فيها الادمان ومنها الأسرة، وآثارها في التنشئة الاجتماعية، والعوامل المؤدية الى الانزلاق في هاوية المخدرات وعلامات الادمان التي تظهر على المدمن، مركزة على أثر ردود فعل الأسرة حول مشكلة الدمان ودورها في معالجة المدمن. واختتمت الناهض ورقتها بعرض نتائج بحث اجري في مستشفى الأمل في الرياض العام 1998 على عينة من المرضى، توضح مدى ارتباط العوامل الديموغرافية في تكرار انتكاسة المدمن وتكرار معالجته. بعد ذلك قدمت ورقة عن "تقويم البرامج العلاجية المقدمة للمدمن في المستشفيات الحكومية" للدكتورة عائشة قفاص الأخصائية في مستشفى الصحة النفسية في الرياض، أشارت فيها الى الهدف الرئيسي من العلاج وهو ايقاف المدمن تماماً عن تناول المخدر، والى كيفية معالجة حالات الادمان، فقالت: "يتم علاج حالات الادمان بواسطة فريق علاجي يتكون من الطبيب النفسي وطبيب مقيم وأخصائي نفسي وأخصائي اجتماعي وممرض، ويتم تقديم العلاج الشامل للمريض ويشمل الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية. ويتم تحديد تنويم المريض أو المتابعة في العيادات الخارجية على ضوء نتائج الفحص الاكلينيكي والتقييم الشامل للحالة". واختتمت عائشة قفاص بحثها بالاشارة الى ما يعتمد عليه نجاح البرامج العلاجية مثل: "المرحلة التي يأتي فيها المدمن للعلاج، وشخصيته، والأسباب التي أدت الى ادمانه، ودورالأسرة والمجتمع في ذلك". وقدمت الأستاذة فاطمة الحبشي التي تعمل في مصلحة الجمارك في الرياض ورقة عن "كيفية استغلال المرأة في تهريب المخدرات ودور الجمارك في الحد منها". فطرحت دور مصلحة الجمارك التي تعتبر خط الدفاع الأول ضد محاولات التهريب بكافة أنواعه، ثم أوردت أهم عوامل تهريب المخدرات الى المملكة منها دخول العمالة الأجنبية، وزيادة وزن الواردات من البضائع لاخفاء المادة المخدرة فيها. وركزت الحبشي على قضية استغلال المرأة في التهريب، وزودت الحاضرات بعدد من التوجيهات أثناء سفرهن وعودتهن من الخارج لتلافي الغدر وخداعهن واستغلالهن في التهريب. وعرضت في آخر ورقتها أهم أسباب استغلال المرأة في التهريب وأساليب وطرق التهريب في الوقت الحاضر. وعن مدى "ارتباط العوامل الاجتماعية والاقتصادية والذاتية وبيئة السجن بالعودة الى الجريمة"، قالت الأستاذة مها الدوسري، وهي باحثة اجتماعية في سجن النساء في الرياض: "يتعين العمل على تحقيق الهدف من السجن كمؤسسة اصلاحية تُعنى باصلاح النزيلات واعادة تأصيلهن، والمساهمة في معالجة العودة للجريمة والقضاء على العوامل المؤدية اليها داخل السجن من خلال زيادة اعداد الباحثات الاجتماعيات ومنح النزيلات السعوديات الاهتمام الكافي وتقديم الرعاية اللازمة والعمل على تكثيف الوعظ والارشاد والتوجيه الديني... وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة..." وأوصت الدوسري في دراستها بالاهتمام بالنزيلات والاستفادة منهن ورعايتهن رعاية لاحقة في الجمعيات الخيرية النسائية لرعاية النزيلات السابقات وانشاء مراكز خدمات اجتماعية في الأحياء التي يرتفع فيها معدل الجريمة، وينخفض اقتصادها. ثم عُرض فيلم عن المخدرات عنوانه "قضية العصر"، وبعد ذلك عرضت التوصيات الخاصة بالندوة وشملت ثلاثة مستويات: المستوى الأسري والاجتماعي، والمستوى التربوي والمدرسي، والمستوى الاعلامي والتوعوي.