سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نظرية مخيفة تزعزع مفهوم السرية والحياة الشخصية لبلايين البشر . أشباح وكالة الأمن القومي الأميركية تتجسس على العالم من باب خلفي زرعته "مايكروسوفت" في برامج الكمبيوتر
لعل التاريخ سيتذكر البليونير الكبير بيل غيتس على أساس أنه أكثر الجواسيس في التاريخ نجاحاً، في حال ثبتت صحة التهم المثيرة الموجهة إلى شركته. ووضعت "مايكروسوفت كوربوريشن" التابعة لغيتس باباً سرياً خلفياً في برمجياتها يمكن من خلاله للاستخبارات الاميركية أن تتجسس على أجهزة الكومبيوتر التابعة للحكومات ورجال الأعمال والأفراد في أنحاء العالم. ووجهت تهمة بارتكاب هذا الأمر إلى خبير رائد في مجال كتابة شيفرة برامج الكومبيوتر لحمايتها من الاختراق. ويزعم أندرو فرنانديس، رئيس الشعبة العلمية في شركة "كريبتونيم" للأمن المتخصصة في برمجيات الكومبيوتر، أن وكالة الأمن القومي في الولاياتالمتحدة تستطيع على ما يبدو النفاذ الى قلب إجراءات الحماية والأمن في معظم أنظمة نوافذ التشغيل الرئيسية "ويندوز" في العالم. ولو صدق هذا لأمر فإن بوسع أشباح الوكالة أن ينفذوا ليس فقط إلى أجهزة الكومبيوتر الفردية لملايين الأشخاص حول العالم، بل إلى الشبكات التي تعتمد نوافذ تشغيل وتستخدمها المصارف والمؤسسات المتعددة الجنسية والوزارات. وتتضمن كل طرازات نوافذ التشغيل، بما في ذلك مايكروسوفت ويندوز 95، و98، و2000، و"ان. تي."، "مفتاحين" يتيحان لمتسلل خارجي أن يزرع مكونات مراقبة أمنية داخل ذاكرة كومبيوتر من دون الحصول على إذن مسبق من صاحب الجهاز. والمفتاح الأول تستخدمه "مايكروسوفت" من أجل وضع توقيعها على وحدات حماية الخدمة. وحتى يوم الخميس الماضي بقي اسم حامل المفتاح الثاني وهويته مجهولين. وعمدت "مايكروسوفت" إلى تمويه هوية مالك المفتاح الثاني عبر نزع كل الرموز التي تعرّف عنه. إلا أن فرنانديس تمكن، من خلال إعادة تفكيك هندسة نوافذ التشغيل "ان. تي." التي تتضمنها مجموعة الاستخدام الرقم خمسة ومراجعتها رأساً على عقب، من الوصول الى المعلومات التي تعرّف عن المالك الثاني سليمة لم تمس. واكتشف بذلك أن الاسم الذي يرمز به الى المفتاح الثاني هو "-NSAKEY". ورأى فرنانديس وخبراء آخرون متخصصون مثله في شؤون الأمن أن هذا الرمز يشير إلى وكالة الامن القومي التي تعتبر أكثر وكالة الاستخبارات في العالم سرية وسطوة الأحرف الأولى من اسمها NSA وكلمة مفتاح تعني KEY. وقال فرنانديس: "من خلال الجمع بين NSA وKEY جعلوا الأمر أكثر سهولة... ليس سهلاً بل أكثر سهولة لوكالة الأمن القومي NSA من أجل زرع مكونات أمنية وتجسسية في جهاز الكومبيوتر لديك من دون الحصول على إذنك أو موافقتك". ونفت "مايكروسوفت" بكل قوة ان تكون ساعدت وكالة الامن القومي الأميركية على التجسس على زبائنها. وقال سكوت كولب المدير المسؤول عن شؤون حماية منتج نوافذ التشغيل "ان. تي.": "المفتاح هو مفتاح في حوزة مايكروسوفت. ولا يتقاسمه معها أي طرف آخر، بما في ذلك وكالة الامن القومي الاميركية". وذكر أن كل برمجيات التشفير المخصصة للتصدير يجب أن تخضع لمراجعة مسبقة لترخيصها تقوم بها وكالة الامن القومي. وأشار إلى أن المفتاح سُمي برمزه الحالي ليشير إلى أنه خضع لعملية المراجعة هذه، وأنه يستجيب لاجراءات التصدير المتبعة. وأضاف: "نحن لا نترك أي باب خلفي في أي من منتجاتنا". إلا أن خبراء الصناعة لا يصدّقونه. وسبق للاتحاد الأوروبي أن اتهم وكالة الامن القومي الاميركية بأنها تدير شبكة تنصت عالمية، اسمها الرمزي "ايشلون" أو النسق. وهذه الشبكة قادرة على النفاذ الى أي نمط من انماط الاتصال الالكتروني في أي مكان في العالم. وعلى رغم أن الوكالة ممنوعة بحكم القانون من التنصت على المواطنين الاميركيين، إلا أن بوسعها أن تلتف على هذا المنع من خلال تكليف مركز التنصت البريطاني الكبير "جي. سي. إتش. كيو." والوكالات الاستخبارية التي يعمل معها للقيام بهذا العمل القذر نيابة عنها. وقال مدير "جمعية مطوَّر البطاقة الذكية" مارك بريشنو إن زرع المفتاح يمكن أن يشكل خطراً على التجارة الالكترونية حول العالم. وأضاف: "إنه يشكل خطراً مالياً كبيراً لأي شركة تستخدم مايكروسوفت ويندوز في التطبيقات الخاصة بالتجارة الالكترونية"، مشيراً إلى أنه "مع اكتشاف باب خلفي لوكالة الامن القومي في كل نسخة من أنظمة نوافذ التشغيل المباعة، فإنه سيكون حتماً على مستخدمي نوافذ مايكروسوفت للتشغيل، من أميركيين وغير أميركيين، أن يفترضوا أن الاتصالات الخاصة بأعمالهم قد انكشفت تفاصيلها لدى وكالة الأمن القومي الاميركية". وقال أوستن هيل، رئيس شركة "زيرو نولدج سيستمز" المتخصصة في أعمال الانترنت المغفلة المصدر: "أعتقد أن المفتاح يعود الى وكالة الامن القومي". وتابع: "سرنا عبر كل مراحله وناقشنا كل السيناريوهات التي تبرر وجوده، وكان هذا استنتاجنا النهائي". وأفاد أنه، مثله في ذلك مثل رئيس القسم العلمي في شركته إيان غولدبرغ، لا يعتقد أن اسم المفتاح هو مزحة وضعها هناك مبرمجو "مايكروسوفت"، وهو احتمال ممكن جرى تفحصه بدقة. وكان فرنانديس حقق اكتشافه هذا مطلع الشهر الفائت، إلا أنه أجرى جملة عمليات تدقيق عبر "نادي كيووس كومبيوتر" الذي يتخذ من برلين مركزاً له، وعبر هواة اختراق شبكات حماية برامج الكومبيوتر حول العالم قبل أن يعلن المسألة على الملأ. وقال أحد أعضاء النادي البرليني آندي موللر ماوغن: "نسّقنا الأمر على مستوى هواة اختراق شبكات الكومبيوتر حول العالم. وكان مبعث اهتمام لهواة اختراق الكومبيوتر الاميركيين أن الأمر لا يقتصر فقط على اميركا بل أيضاً أوروبا". وأضاف: "قد يكون طبيعياً بالنسبة إلى المواطنين الاميركيين أن تكون وكالة NSA في برمجياتهم. إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة الى الدول خارج الولاياتالمتحدة. نحن لا نريد أن تكون الوكالة في كومبيوتراتنا". وقال فرنانديس إنه لا يريد أن يتسبب في موجة ذعر. لكنه أضاف: "قد أصيب بالصدمة والمفاجأة إذا كانت وكالة الامن القومي تهتم بالأفرد. أنا شخصياً لا أبالي إذا دخلت وكالة الامن القومي إلى جهازي، لأني أعتقد أن لديهم وسائل أفضل للتجسس عليّ كشخص. ولكن، إذا كنت الرئيس التنفيذي لمصرف كبير فستكون المسألة شيئاً مختلفاً". وأشار إلى أن "المفتاح يجعل شحن خدمات تجسسية غير مأذونة على كل نسخات نوافذ تشغيل مايكروسوفت ويندوز أمراً على قدر هائل من السهولة لوكالة الامن القومي، وعندما تكون هذه الخدمات التجسسية مشحونة فإن بوسعهم أن يصيبوا بالخلل كل نظامك التشغيلي". وتابع: "تسعى السلطات الاميركية حالياً إلى جعل عملية استخدام برنامج مشفّر قوي أمراً صعباً قدر المستطاع خارج الولاياتالمتحدة". واعتبر أن "نصب باب خلفي لتحليل شفرة البرامج في أغزر نظام تشغيلي في العالم يجب أن يبعث برسالة قوية إلى مديري تقنيات المعلومات الأجانب". البحرية الاسترالية تحظر "ويندوز - 95" يذكر انه في 16 آب اغسطس 1995 اعلن ضابط كبير في البحرية الاسترالية ان البحرية حظرت استخدام برنامج "ويندوز - 95" الذي طرحته "ميكروسوفت" في ذلك الشهر الى ان ينتهي الخبراء من التحقيق في "مشاكل أمنية" محتملة. وجاء الحظر عقب تحذيرات على شبكة الكومبيوتر العالمية "انترنت" من ان برامج الكومبيوتر التي يتضمنها "ويندوز - 95" تتيح اخذ معلومات من جهاز الكومبيوتر الخاص بأي مستخدم ونقلها الى "ميكروسوفت". وقال سايمون هارت مدير الخدمات الاعلامية في البحرية الاسترالية لوكالة "رويتر" ان خبراء الامن في البحرية يحققون في هذه المزاعم ويعملون مع "ميكروسوفت" للتحقق من امكانات البرنامج الجديد. وكان "ويندوز - 95" آنذاك احدث انتاج لعملاق الكومبيوتر "ميكروسوفت". واستعدت الشركة لطرح 30 نسخة على الاقل باللغات المحلية من البرنامج الجديد.