يُعطى اليوم الضوء الأخضر لإنطلاق الدوري المغربي لكرة القدم في موسمه الرابع والاربعين باشتراك 16 فريقاً يمني كل منها النفس بأن يكون أول بطل للقرن الجديد، وإن كانت المؤشرات كلها تدعو إلى المراهنة مجدداً على فرسان الصراع التقليديين. ومن دون الدخول في تفاصيل الفرق فإن ما يشغل بال جميع المتتبعين هو الاشكالات الكبرى ذات الطبيعة التنظيمية والفنية وكذا الاستثمارية. فما خطط له قبل مواسم الاتحاد المغربي الذي تديره منذ 1994 لجنة موقتة هو إعادة هيكلة الأندية للارتقاء بالمستوى الفني العام لكرة القدم المغربية من خلال دوريها. ثورات هيكلية وأعطت الكشوف الأولية حلاً استراتيجياً تمثل في ضرورة تحديث القوانين المنظمة للنوادي، وعوض أن تكون الجمعيات العمومية لهذه الأندية مشرعة أمام كل من له صلة بالنادي أو حتى لا صلة له، ولتحجيم الفوضى التدبيرية، تم إحداث نظام الانخراط، وهو الذي يسمح للمنتسب للنادي، عبر حلقات منتظمة، تقرير مصير ناديه عند انعقاد الجمعيات العمومية. وعلى رغم ان هذا المنظور الجديد للمنخرط، كان يراهن على إحداث جيل جديد من المسيرين ذوي الميولات الاستثمارية، إلا أن التسابق نحو الاستثئار بالأندية أفسد عمق هذا النظام ولم يظهره حتى الآن بالنجاعة الضرورية، وهو ما جعل كثيراً من المنشطين الاقتصاديين لا يندفعون نحو الانخراط في هذه الثورة الهيكلية. مفهوم التسويق وكان من الأشياء المراهن عليها بقوة عند إحداث جهاز المجموعة الوطنية، كجهاز وصي على أندية الدرجتين الأولى والثانية وموصول بالاتحاد المغربي، هو تسريع وتيرة الهيكلة في المقام الأول، ثم تطوير الأداء الفني العام، ليصبح معه المنتوج الكروي قابلاً للتسويق في الفضائين الجهوي والعربي، ضماناً لمداخيل إضافية تمكن الأندية من الحصول على مداخيل تخلق لها بعض التوازنات. إلا أن ما نجحت فيه المجموعة الوطنية بدرجة أقل من المرجو هو عقد صفقات خاصة مع مؤسسة للمشروبات الغازية، تدر على المجموعة مبلغ 400 ألف دولار سنوياً، إضافة الى مبلغ مماثل يدره البث المباشر للقاءات الدوري المغربي. إلا أن هذه الأرقام على بعضها، لا يمكن أن تحقق للأندية جميعها، خصوصاً تلك المستضعفة منها، التوازن المطلوب. لذا نجد حتى الآن ان أندية "اللاهواية"، وهكذا سميت لخروجها نهائياً عن نظام الهواية كما هو محدد لفظاً في لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، غير قادرة على أن تدير نفسها بأبسط المستلزمات والمراهنة على هيكلتها لدخول قرن الاحتراف. غياب التوازن ولأن المستوى الفني العام في تطوره وارتقائه ليصبح سلعة قابلة للتسويق وبأسعار متصاعدة، يفترض أن يكون هناك على الأقل بعض القواسم المشتركة بين الأندية كبيرها وصغيرها. وما نخرج به من قراءة معمقة في أرصدة الأندية المغربية، خصوصاً تلك التي تحمل صفة "اللاهواية" هو ان التوازنات مفقودة ما يعني اضطرباً في وتيرة التطور العام. إن نادي الرجاء الذي يمسك منذ أربعة مواسم بقبضة قوية على لقب الدوري المغربي، ويقف في صدارة الأندية الافريقية، ما كان له ان يكون كذلك لولا أنه نجح في خلق أساسات العمل الاحترافي، مع ما يفرضه ذلك من إمكانات بشرية ومادية، ويبقى سنده الكبير في كل ذلك جمهوره العريض الذي يقاس بجماهير كبار أندية العالم، شأنه في ذلك شأن الوداد البيضاوي، الغريم التقليدي، والذي تشغله عن ملاحقة لقب الدوري منذ ست سنوات مشاكل كثيرة على مستوى الإدارة المسيرة. الرجاء... للمرة الخامسة! وبالعودة إلى دوري هذا الموسم الذي سيكون خاتمة قرن وفاتحة قرن جديد، فإن المرشح من جديد للفوز به هو نادي الرجاء البيضاوي الذي ينعم ببعض الاستقرار، خصوصاً على مستوى إدارته الفنية حيث احتفظ بالمدرب الارجنتيني أوسكار الذي حقق الفوز باللقب الرابع في فترة التولّي القصيرة، ما أعطى مؤشراً لطبيعة العمل المستقبلي. فقد كان التركيز كبيراً على العناصر الشابة التي تفرزها مدرسة النادي موسماً بعد آخر. وقد لمسنا ان العملية هذه بدأت الموسم الماضي، عندما شرع المدرب أوسكار في تطعيم المجموعة بعناصر شابة أظهرت علو كعبها، وهي ذات العناصر التي يفترض ان تعوض الفرسان القدامى بمن فيهم المدافع ريمي الزيتوني، والعميد المخضرم مصطفى خاليف والزئبق مصطفى مستودع الذي آثرت إدارة النادي منحه فرصة الاحتراف في نادي النصر الإماراتي. وإن كان يبدو من السابق لأوانه المراهنة على هذا الجيل الجديد للحفاظ على إرث النسور الخضر، واستمرار سيطرتهم على الدوري المغربي، فإن الأمل كبير لدى جماهير النادي لتذويب الفوارق الخاصة بالتجربة. وغير بعيد عن الرجاء، هناك الوداد الذي ايقظ ذاكرة الألقاب بعد طول سبات عندما حقق الفوز بكأس العرش مطلع شهر تموز يوليو الماضي أمام نادي الجيش بقيادة المدرب بادو الزاكي، الذي اختارته لعبة الأقدار ليكون هو ربان الفرسان الحمر خلال الموسم الحالي. وبمطالعة للمباريات الودية التي خاضها نادي الوداد، فإن المؤشرات كلها تدعو إلى الاعتقاد بأن منافسة الفرسان الحمر على لقب الدوري ستكون هذه المرة قوية إذا ما انتفت المشاكل التقليدية التي تطفو عادة على السطح، والتي لها طابع تسييري محض... فحتى الآن لم يتمكن النادي من الحصول على توافق بين الفرقاء في أوساط المسيرين. ومن يتحدث عن الوداد والرجاء، لا يمكن أن يغفل نادي الكوكب المراكشي، الذي منذ فوزه عام 1992 بلقبه الثاني، وهو يغازل مراكز الصدارة من دون أن يحقق اللقب الثالث، فلم يمر منذ ذاك العام موسم واحد لم يكن فيه هذا النادي بين صفوف الأندية وأكبر المتنافسين على اللقب. ويكمن أمله هذا الموسم في استقراره أولاً على مدربه المغربي الشاب عزيز بنيس وعلى رصيده البشري الذي تراكمت لديه خبرة ميدانية. مراقبة... درجة ثانية في مستوى ثان، هناك ثلاثة أو أربعة أندية تعودت مقارعة مراكز الصدارة، ولكنها لم تكن لتملك القوى البشرية الضرورية للحسم. وأول هذه الأندية أولمبيك خريبكة الذي يبحث منذ ارتقائه إلى درجة الصفوة على الفوز بأحد الألقاب لتخليد اسمه في لوائح الشرف، إلا أن نقص التجربة وغياب عناصر القرار فوّتا الفرصة على هذا النادي للصعود إلى قمة الهرم. وهذا الموسم ينطلق أولمبيك خريبكة بأحلام جديدة وبثوابت فنية وبشرية، لتحقيق ما لم يتحقق من قبل. نادي الجيش الملكي، الذي كان مراهناً عليه الموسم الماضي للخروج من دوائر التعتيم وفشل في أن يكون من أندية الصدارة على رغم مما له من امكانات بشرية واحترافية، أصبح له اليوم مدرب جديد هو الشاب رشيد الطوسي الذي قاد منتخب شباب المغربي إلى الفوز بكأس أمم افريقيا لعام 1997. وتعول إدارة نادي الجيش على الطوسي وعلى الرصيد الفني من المواهب، ليكون هذا الموسم بمثابة عودة النادي إلى غابر أمجاده، وهو من فاز بلقب الدوري عشر مرات، والرقم لا يماثله في عظمته سوى نادي الوداد البيضاوي. وفي المقام الثالث يأتي نادي سبورتينغ سلا الذي يذكره الجميع كقائد مفاجئ للدوري المغربي الموسم الماضي طوال دور الذهاب، قبل أن تمنعه تجربته القاصرة من مواصلة الزحف ليتخلى مكرهاً عن السباق نحو اللقب. سبورتينغ سلا غادره مدربه بادو الزاكي ملتحقاً بنادي الوداد، وتم التعاقد مع المدرب الفرنسي باسكال، ويبدو ان سبورتينغ له رغبة لمعاودة تجربة الموسم الماضي، ولكن بصيغة مستحدثة. المعذبون دائماً مبدئياً لا يمكن أن ينحصر التنافس على اللقب بين هذه الأندية، فهناك أندية المغرب الفاسي وحسنية أكادير وحتى نهضة سطات أو الاتحاد الرياضي، وهما الصاعدان إلى الدرجة الأولى، إلا أن محدودية التمثيل البشري وغياب الدعم المالي والقصور في التجربة أمور تجعل من الصعب على كل هؤلاء دخول معبد الأقوياء. والموسم يظهر من بداياته عموماً الأندية التي ستكتوى بنار المؤخرة، وما يعيشه حالياً نادي شباب المحمدية من غياب حزين لكل رجال القرار من فنيين وإداريين يعني انه المهدد أكثر من غيره باللعب على النزول إلى الدرجة الثانية. الجولة الأولى السبت: الاتحاد الرياضي - أولمبيك خريبكة الأحد: نهضة سطات - سبورتينغ سلا الكوكب المراكشي - شباب المحمدية شباب المسيرة - الفتح الرباطي وداد فاس - النادي المكناسي الأربعاء: رجاء بني ملال - الرجاء البيضاوي الجيش الملكي - حسنية أكادير الوداد البيضاوي - المغرب الفاسي