خروج 17 ألف مواطن من سوق العمل بيونيو    وزير الدفاع يطّلع على قدرات وإمكانات عدد من الشركات الصناعية التركية    ولي العهد يستعرض مع السيناتور الأمريكي كوري بوكر أوجه التعاون    "واتساب" يتيح إنشاء الصور الشخصية ب "الذكاء"    إنذار مُبكر للكبار.. "أرامكو" تحسم صفقات عالمية للقادسية    سباعي روشن يتنافسون في ربع نهائي يورو 2024    حقيقة إعلان بيولي تولي تدريب الاتحاد    الهلال يجري أول حصة تدريبية استعدادًا للموسم الجديد    "الشورى" يطالب بتطوير معايير العلامات التجارية    فنون الأجداد بروح الشباب    «البيت الأبيض»: الرئيس بايدن ماضٍ في حملته الانتخابية    السودان.. القتال يتجدد في أم درمان    ماريو جورجي مدرباً للأخضر تحت 17    الإيقاف يحرم البرازيل من فينيسيوس    %59.88 من مشتركي التأمينات تشملهم التعديلات الجديدة    السجن سبع سنوات وغرامة مليون ريال لمرتكب جريمة احتيال مالي    ماكرون يحضّ نتانياهو على «منع اشتعال» جبهة لبنان    التزام الكِياسة    جامعة أم القرى تبدأ استقبال طلبات القبول    إضافة 205 منتجات وطنية بإنفاق يتجاوز 3.4 مليارات ريال    عروض شعبية ببيت حائل    الربيعة يتفقد برامج إغاثة متضرري الزلزال في سوريا وتركيا    «حرس الحدود» بعسير يحبط تهريب 15 كيلوغراماً من الحشيش    جمعية البر بالشرقية تطلق برنامج إرشادي لمكافحة الإدمان    بن مشيبه متحدثاً لوزارة الحرس الوطني‬⁩    نائب أمير الجوف يعزي التمياط    وزير الخارجية يصل إسبانيا للمشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي    المفتي يستقبل آل فهيد    ضيوف الرحمن يغادرون المدينة المنورة إلى أوطانهم    أمير جازان يتسلّم تقريرًا عن أعمال إدارة السجون بالمنطقة    الوفاء .. نبل وأخلاق وأثر يبقى    الحرارة أعلى درجتين في يوليو وأغسطس بمعظم المناطق    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11595 نقطة    الأمير سعود بن نهار يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية اليقظة الخيرية    الدكتور السبتي ينوه بدعم القيادة غير المحدود لقطاع التعليم والتدريب في المملكة    «الموارد البشرية» تفرض عقوبات على 23 صاحب عمل وإيقاف تراخيص 9 مكاتب استقدام    موسكو تسجل أعلى درجة حرارة منذ 134 عاماً    بدء أعمال الصيانة ورفع كفاءة وتطوير طريق الملك فهد بالدمام اليوم    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس غرفة الخرج    تحسن قوي بالأنشطة غير النفطية في يونيو    محلي البكيرية يناقش الأمن الغذائي للمنتجات الزراعية وإيجاد عيادات طبية    الأمان يزيد إقبال السياح على المملكة    بناء محطة فضائية مدارية جديدة بحلول عام 2033    البرتغاليون انتقدوا مهنيتها.. «قناة بريطانية» تسخر من «رونالدو»    تجسيداً لنهج الأبواب المفتوحة.. أمراء المناطق يتلمسون هموم المواطنين    وصول التوأم السيامي البوركيني الرياض    أمير الشرقية: مشروعات نوعية ستشهدها المنطقة خلال السنوات المقبلة    90 موهوبًا يبدأون رحلة البحث والابتكار    التعليم المستمر يتابع سير الحملات الصيفية لمحو الأمية بالباحة    أزياء المضيفات    ازدواجية السوق الحرة    أمير القصيم ينوه بعناية القيادة بالمشروعات التنموية    الحج .. يُسر و طمأنينة وجهود موفقة    هنّأ رئيس موريتانيا وحاكم كومنولث أستراليا.. خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    تأثير التكنولوجيا ودورها في المجتمع الحديث    "التخصصي" يجري 5000 عملية زراعة كلى ناجحة    أمير القصيم يكرّم عدداً من الكوادر بالشؤون الصحية في المنطقة    "الطبية" تعالج شلل الأحبال الصوتية الأحادي لطفل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارمفتوح في مهرجان الثقافة العربية - الدانماركية : ماذا يعرف المثقفون العرب عن آداب الشمال الأوروبي ؟
نشر في الحياة يوم 20 - 09 - 1999

الوصول الى كوبنهاغن يعني أوّل ما يعني البحث عن تمثال أو متحفٍ للكاتب الدانمركي كيركغارد الذي رسم بعض ملامح مدينته "الكئيبة" في مخيّلات قرائه الكثيرين في العالم. وقد ارتبط اسمه بإسم كوبنهاغن حتى بات من الصعب فصلهما بعضهما عن بعض تماماً مثلما ارتبط اسمه بإسم ريجينا أولسن تلك الفتاة التي أحبّها وهجرها وجعل من علاقته الغريبة بها أسطورة شكسبيرية بامتياز. ويكفيك كزائر أن تمرّ بالبيت الذي قطنه كيركغارد فترة وأن تعبر حيّ السوق الجديد وتتخيّل "أبا الوجودية" يتهادى بقامته الملتوية وقدميه غير السوّيتين ووجهه المتجهّم... فهو لم يبق منه سوى ذاك الطيف الهائم والروح النبيلة والصفحات الكثيرة التي كتبها بحبره ودمه معاً، وكانت وما برحت بمثابة القوت الروحي واليوميّ ليس لأهل الدانمارك فقط وإنّما للقراء الذين أدمنوا قراءته مرّة تلو مرّة.
كوبنهاغن، قلعة هاملت، كيركغارد، أندرسن أيضاً وكذلك كارين بليكسون وربما "ديانكسيت" الدواء الدانماركي الذي طالما تناوله الكثيرون بغية التخلّص من الكآبة، من الاكتئاب العميق... هذه الأسماء هي التي تلمع في ذاكرتك كزائر يطوف ساحات المدينة وأحياءها وبعض معالمها القديمة والحديثة. هنا يندمج الواقعي في الأسطوري حتى يصعب عليك أن تميّز بينهما: "عروس البحر" تلك الحورية التي نحتها ادوارد أريكسن عام 1913 على شاطىء المدخل البحري للمدينة باتت رمز كوبنهاغن الأشهر. وكان أيقظها أريكسن من احدى قصص أندرسن الخرافية التي غزت مخيلات الأطفال والكبار معاً. و"عروس البحر" هذه التي تتجمد مياه البحر التي تغمرها في الشتاء أثارت حفيظة بعض النسوة والعاشقات كما تقول الحكاية فقطعن مرّة رأسها وخبّأنه ثمّ لم يلبث أن عاد الى القامة الجميلة. إلا أنّ المدينة التي تحرسها تلك العروس عُرفت أيضاً بما يُسمى "انتحارات الآحاد". ويقال إنها من المدن الكئيبة جداً طوال فصل الشتاء الذي لا ينتهي في ضوئه الكابي وظلمته المنقشعة قليلاً. وكآبة كوبنهاغن عبّر عنها كيركغارد خير تعبير مرتقياً بها الى مرتبة الكآبة الميتافيزيقية أو كآبة التكوين. الكآبة هنا حافز من حوافز الانتحار الذي تشهده المدينة وكذلك الوحدة والضباب والبرد... هكذا قيل ويقال. فالمدينة تحمل ملامح المدن الأوروبية الكبيرة التي يتوه فيها الفرد ويقع ضحيّة فرديّته وعزلته وعجزه حيال سقوط المثل والقيم وسقوط الجماعة أياً كانت. ويزيد طابعها الشمالي من غموضها وضبابيّتها ويجعلها عرضة أكثر فأكثر لأن تكون "قصراً" - كما يعبّر كيركغارد - للألم والوحدة والانقطاع.
يكفيك أن تجول في كوبنهاغن لتلمس بيديك وعينيك ألفة هذه المدينة وغرابتها، غموضها وإشراقها، حداثتها وأصالتها. فالقديم يتآخى هنا مع كلّ ما ينتمي الى الحداثة وما بعدها تماماً مثلما يتناغم الجوّ الغامض والكئيب مع ضوء الخريف وزرقة البحر التي لا تنتهي، بل كما تتآلف الخرافة مع الواقع لينهض من تآلفهما عالم يشبه عالم أندرسن في حكاياته الكثيرة. الزبد الذي يغسل شواطىء كوبنهاغن مفعماً بروائح الماء العميقة يستحيل في الشتاء ثلجاً شبه ساكن: لعله أجمل اللقاءات ذاك اللقاء بين البحر والثلج.
ربّما لم تكن مصادفة أن يلجأ شكسبير - كما تقول الحكاية - الى "قلعة هاملت" مثلما يُسمى ذاك القصر الجميل "النهضوي" الطراز قصر كرونبورغ الرابض على أحد شواطىء كوبنهاغن، ليكتب مأساته الشهيرة "هاملت - أمير من الدانمارك". وقيل ان شكسبير طاف الغرف والردهات والصالات والباحات الخارجية وبنى وفق انتظامها الحيّز المسرحي الذي دارت فيه الأحداث المأسوية. وفي إحدى قاعات القصر يخيّل للزائر أنّ هاملت سوف يطلّ من هنا، من وراء الستارة حيثما سقط بولونيوس خطأً تحت طعنته... ويهاب الزائر أيضاً أن يظهر طيف الملك المغدور على الأسوار في الخارج مثلما ظهر على هاملت المضطرب... والقصر قلعة هاملت الذي بني في القرن السادس عشر يجذب فرقاً كثيرة تتسابق لتقدّم مسرحية "هاملت" في صيغ مختلفة مستفيدة من عظمة القلعة ورهبتها وغموضها وجميعها تلائم المناخ المأسوي الذي أحاط بالشخصيات وعلاقاتها غير السويّة. وسواء أكانت حكاية زيارة شكسبير للقلعة حقيقية أم خرافية فأن هاملت ذاك الأمير الدانماركي بطل "شمالي" بامتياز، بطل طالع من ذاكرة أهل الشمال كما يقال عن البلاد الاسكندينافية، عن الدانمارك وأسوج والنروج وسواها... ولا غرابة أن يشبه كيركغارد هاملت في سلوكه المضطرب وأسراره وكذلك بعض شعراء الشمال وفنانيه.
وان كان أدب الشمال شبه مجهول عربياً وعالمياً أيضاً فهو استطاع أن يفرض نفسه من خلال بعض الأسماء الكبيرة والكبيرة جداً. وبات من المجحف أن يوصف أدب الشمال بالأدب البارد والصعب والكئيب والأدب البعيد لغةً وجغرافيا. ولعلّ الترجمات التي شهدها هذا الأدب خلال القرن الأخير أعادته الى المعترك الأدبيّ العالمي وأعادت اليه بعض حقّه كأدب أصيل وطليعي. ويكفي أن نقول "أدب الشمال" حتى نتذكّر سترندبرغ الأسوجي وأبسن النروجي وهامسون النروجي أيضاً وبرغمان... إضافة الى تلك الأسماء الدانماركية التي هدمت جدار الجليد الفاصل بين أدب الشمال وآداب العالم. غير أنّ صورة الشمال تظلّ محفوفة ببعض الضباب: إنها بلاد الشمال، بلاد الشتاء الطويل، بلاد الماء والخضرة، بلاد النهار والليل الأبديين، بلاد اليأس والانتحار، بلاد "التزمّت" البروتستانتي... ولعلّ "صرخة" الرسام النروجي الشهير مونخ أحد روّاد المدرسة التعبيرية استطاعت أن تصل الى أسماع العالم محمّلة بالصمت والوحشة اللذين يتشحان في الشمال بهالة خاصة وضوء هو العتمة نفسها.
***
"مهرجان الثقافة العربية - الدانماركية" الذي نظمته في كوبنهاغن مؤسسة "السنونو" وعلى رأسها الشاعر العراقي "المنفيّ" منعم الفقير كان أشبه بالفرصة النادرة التي أتاحت لبضعة شعراء وكتّاب عرب أن يتعرّفوا الى هذه المدينة الغريبة أولاً والى الأدب الدانماركي الحديث من خلال بضعه شعراء وكتّاب دانماركيين. والشاعر أو الكاتب العربي هو أشبه بالضيف الحقيقي هنا على الرغم من الغربة التي تفرضها اللغتان العربية والدانماركية. طبعاً كانت اللغة الإنكليزية هي الحيّز المشترك، حيّز التعبير والحوار. إضافة الى ما قام به الشاعر منعم الفقير وبعض رفاقه من ترجمات فورية ومرتجلة أزالت مقداراً من تلك الحيرة أو ذاك التوجّس حيال اللغة الغريبة. وأجمل ما في المهرجان عدم ادعائه الثقافي وربّما عفويته ولطافته. فهو أقلّ من مهرجان وأكثر من مهرجان في الحين عينه: أقرب الى اللقاء المفتوح بين ثقافتين تجهل واحدتهما الأخرى "بعض" الجهل ولكن من غير أن تتخلّيا كلتاهما عن فضول التعرّف وهمّ الحوار. ولعلّ ما يعرفه الأدباء والشعراء الدانمركيون عن الثقافة العربية والأدب العربي ليس قميناً في أن يؤلّف صورة حقيقية عن الثقافة والأدب هذين. تماماً مثلما لا يؤلّف ما يعرفه الكتّاب العرب عن الثقافة الدانماركية، صورة حقيقية عنها. ولم تستطع بعض الترجمات في الحقلين المتقابلين العربي والدانماركي أن تهدم الجدار الذي يفصل بينهما وهي أصلاً قليلة جداً ونادرة ولا سيّما على مستوى الأدب الحديث. وما وصل الى الكتّاب العرب من أدب دانماركي إنّما وصل عبر الإنكليزية والفرنسية. وكذا الأمر للكتّاب الدانماركيين إذ قرأوا الأدب العربيّ أمّا في الإنكليزية أو في الفرنسية. وقد قامت مؤسسة "السنونو" في تعريب بعض الشعر والأدب الدانماركيين بغية التعريف بهما عربياً على أن تشرع أيضاً في نقل بعض الأدب العربي الى الدانماركية. ولكنّه مشروع باهظ ويفترض الكثير من الجهد والوقت. غير أنّ الشاعر منعم الفقير استطاع أن يكسر عزلته "العربية" في كوبنهاغن مذ راح يصدر كتبه باللغتين معاً: الأصل العربي تقابله ترجمة دانماركية وإذا به خلال سنوات من الإقامة في كوبنهاغن يصبح شاعراً دانماركياً ولكن بالعربية ومن دون أن يتخلّى عن صفته كشاعر عربيّ. ورحابة الثقافة الدانماركية وقدرتها على قبول الآخر أفسحتا له كي يكون دانماركياً بحق فها هو يشارك في مؤتمر الأدب الدانماركي الذي عقد في اسبانيا كشاعر دانماركي أدرجت قصائده ضمن القصائد الدانماركية. على أنّ الفقير لم يتخلّ يوماً لا عن همومه العراقية ولا عن شجونه الشخصية التي ليست إلا شجون شاعر عربي يحيا في المنفى. أمّا الأمسيات التي تبادل فيها الكتّاب والشعراء العرب والدانماركيون القراءات فكانت شديدة الألفة واللطافة وشعر المشاركون العرب أنهم يقرأون في ديارهم حتى وإن كان معظم الجمهور القليل دانماركياً. واستمع هؤلاء الى قصائدهم ونصوصهم السردية تقرأ بالدانماركية كما استمعوا الى الدانماركيين يقرأون شعرهم وقصصهم بلغتهم الأمّ: حلمي سالم وصبري موسى مصر، عزّت الغزّاوي فلسطين، حسن داوود وعبده وازن لبنان، ربيعة ريحان المغرب، وليد الكبيسي العراق - النروج، صموئيل شمعون العراق، منصور راجح اليمن - النروج... أمّا الدانماركيون فوازوا العرب عدداً وتفاوتاً بين الشعر والرواية. ولعلّ المشاركين العرب استطاعوا أن يؤلّفوا صورة ما عن الأدب العربي في مخيلات الدانماركيين، صورة غير شاملة طبعاً وان كانت أصيلة. فالمهرجان أصلاً لم يدّع أن مهمّته استقطاب الحركة الأدبية في العالم العربي بل كان همّه، كلّ همّه عقد حوار هادىء وعفويّ بين الثقافتين اللتين تجهل واحدتهما الأخرى. وهذا ما عبّر عنه الشاعر الفقير في بيان "السنونو" حين تحدّث عن "الجسر الذي يربط بين ثقافتين" والذي يمتدّ "فوق الهوّة التي تفصل بينهما". ويعترف أنّ حيّز الثقافة العربية ضيق جداً في حقل الاهتمام الدانماركي وهذا في رأيه أشاع قراءة مخطئة للثقافة العربية دانماركياً وللثقافة الدانماركية عربياً. ولعلّ احدى غايات مؤسسة "السنونو" أن تصحّح صورة الثقافة العربية المتهمة بالنزعة الأصولية بحسب ما يزعم الإعلام الغربي. ومن غايات المؤسسة أيضاً أن تنشر الثقافة الدانماركية عربياً من خلال الترجمات. لكنّ العلاقة بين الثقافتين هي وقف على صيغة "الحوار المفتوح" الذي لا يخلو من النقد البنّاء. ويقول الفقير: "لا نجمّل واقعاً ولا نقبل بالإساءة أياً كان مصدرها". وهكذا ضمّ المهرجان الى الأمسيات الأدبية ندوتين فكريتين غايتهما تقويم المفاهيم العربية والغربية عن "سوء الفهم المتبادل" الذي ساعد الإعلام الغربي في تعميمه. و"سوء الفهم هذا، يزيد، كما يقول الفقير، من هاجسي الشك والحذر حيال الآخر". والندوتان عقدتا تحت عنوان "العرب والدانماركيون: ماذا يعرف بعضهم عن بعض؟" وشارك فيهما كتّاب عرب ودانماركيون منهم: حسين شحادة، عزّت الغزّاوي، سمر اليوسف، سمير رسلان، ثورين لونبك مدير المتحف الوطني الدانماركي، كنوذ فيلبي رئيس اتحاد الكتّاب الدانماركيين ومارغريت أوبنك ناشرة مجلة "بانيبال" في لندن.
وإن حضرت القصة والرواية في الأمسيات فأنّ الشعر هو الذي طغى عليها سواء بالدانماركية أم بالعربية. فالمنبر يتسع للقصائد أكثر مما يتسع للقصة أو الرواية. ولكن بدا من الصعب فعلاً تأمّل المشهد الشعري الدانماركي المعاصر على الرغم من الترجمات التي ضمّها العدد الأوّل من مجلة "السنونو" وقد احتجبت أو هي في انتظار الانطلاقة الجديدة. وبدا من السهل قراءة الشعر الدانماركي بالفرنسية أو الإنكليزية. ولعلّ "المختارات" من الشعر الدانماركي التي أصدرتها مثلاً دار غاليمار في باريس تمكّن القارىء من تلمس صورة حقيقية للحركة الشعرية الدانماركية. ولا يُخفى أن هذه الحركة تعكس حالاً من التآلف بين التيارات الشعرية العالمية ولكن انطلاقاً من خلفية شمالية أو دانماركية. فهي حركة شعرية دانماركية ولكن منفتحة على الشعر العالمي بل هي لا تفرض عالميّتها إلا عبر خصوصيّتها المحلية. ومثلما عرف الشعر العالمي الكثير من المدارس والتحوّلات عرف الشعر الدانماركي مراحل مختلفة بدءاً من "العصر الوثني" كما يقال، أو عصر الملاحم والميثولوجيا والعصر الوسيط وعصر النهضة والإصلاح وعصر الباروك وعصر الأنوار وانتهاء في عصر الأزمات وعصر النهايات... ومثلما انتشرت المدارس في الشعر العالمي عرف الشعر الدانماركي صعود المدارس من الكلاسيكية الى الرومانطيقية فالرمزية والواقعية والسوريالية... أما قصيدة النثر فحاضرة بشدّة ولا سيما في المرحلة الراهنة، ويقول أحد الشعراء المشاركين إنّ قصائد الوزن والتفاعيل انحسرت كلياً أمام زحف قصيدة النثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.