لم يكن من قبيل الصدفة ان يعطي مهرجان دوفيل السينمائي، في الغرب الفرنسي، جائزته الأولى لفيلم غريب من نوعه هو "ان تكون جون مالكوفيتش". فإذا كان الكاتب ويليام بوروز قال ذات مرة ان اغرب تجربة قد يمر بها انسان هي ان يتسلل الى دماغ شخص ما، فإن هذا الفيلم يعطي هذه الفكرة بعدها البصري. ما يمنح الفيلم غرابة واستثنائية لفتتا الأنظار في مهرجان يهتم عادة بالسينما الاميركية التقليدية. "ان تكون جون مالكوفيتش" هو فيلم أول حققه سبايك جونز شبه المتخصص في شرائط الاغنيات. والحال ان هذه المهنة التي يعتبرها كثيرون مهنة المستقبل، هي التي تقف خلف اختيار سبايك جونز لموضوعه الغريب هذا: موضوع لاعب الدمى الذي، اذ يكون عاطلاً عن العمل، يجد نفسه في وظيفة مكتبية تقوده، ذات مرة، لأن يتسلل الى داخل دماغ الممثل جون مالكوفيتش. في الفيلم يلعب هذا الممثل الاستثنائي دوره الخاص في الحياة أو يسمح للاعب الدمى بأن يدخل أعماقه، بادئاً مغامرة فلسفية وجمالية لا عهد للسينما بما يشبهها من قبل. الشكل الاساسي للفيلم تجريب، مثل موضوعه، ولكن فوزه بجائزة مهرجان دوفيل يعطيه الآن بعداً جديداً. وكذلك فإن وجود جون مالكوفيتش فيه يضيف الى هذا البعد. الصحافة العالمية التي تابعت مهرجان دوفيل، حيّت هذا الفيلم، كما حيّت فوزه - غير المتوقع بالنسبة اليها، نظراً لطبيعة المهرجان - بالجائزة الكبرى. والسؤال الآن: هل يتبع الجمهور هذا الاهتمام؟ لو فعل سيأتي هذا ليؤكد على قدرة سينما تجريبية تنطلق من حساسية خيال متجدد، على فرض حضورها في سوق سينمائية يبدو ان انتاجاتها التقليدية باتت أمام طريق مسدود. بقي ان نذكر ان الفيلم نفسه منح، في "دوفيل" أيضاً جائزة النقد العالمي. - لقطة من "ان تكون جون مالكوفيتش"