مع بدء الموسم الدراسي الجامعي الجديد، بعد غد السبت، وضعت السلطات المصرية خططاً لمواجهة محاولات بعض القوى السياسية المعارضة اختراق صفوف مليوني طالب في الجامعات واستغلالهم في ممارسة نشاطات تعتبر مخالفة للقانون. ومازال المواطنون يتذكرون ذلك اليوم الذي عقد فيه الرئيس الراحل أنور السادات لقاءً مع اعضاء اتحاد طلاب مصر في مدينة الاسكندرية ليشرح لهم الأسباب التي دعته الى اتخاذ قرارات في كانون الثاني يناير من العام 1977، تضمنت زيادة أسعار بعض السلع الضرورية، والتي خرجت على اثرها التظاهرات في غالبية المدن المصرية والتي أطلقت عليها المعارضة اسم "الانتفاضة الشعبية"، في حين سماها هو "انتفاضة الحرامية". في ذلك اليوم وقف أحد الطلاب ويدعى عبدالمنعم أبو الفتوح ووجه انتقادات حادة الى السادات الذي رد عليه منفعلاً وحدثت مشاجرة نقلها التلفزيون على الهواء الى ملايين المصريين. وظلت الجامعات المصرية مصدراً لقلق أنظمة الحكم المتعاقبة في مصر. وخلال عهد السادات كثيراً ما خرجت التظاهرات من أسوارها الى الشوارع المحيطة. لكن الظاهرة تقلصت بشكل كبير خلال عهد الرئيس حسني مبارك، من غير أن تمنع الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة بهدف وضع قيود على ممارسة العمل السياسي داخل الجامعات، الطلاب من التعبير عن آرائهم في كل مناسبة. ولم تفلح الجهود الحكومية في منع محاولات قوى المعارضة من استقطاب الطلاب، وربما تجنيدهم. وصار من الأمور المعتادة أن تشن أجهزة الأمن قبل السنة الدراسية حملات على من تعتقد أنهم من العناصر الناشطة سياسياً، وخصوصاً الذين ينتمون الى جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة والتي حاولت خلال السنوات السبع الأخيرة ملء الفراغ الذي حدث عقب اختفاء لافتات الجماعات الراديكالية داخل الجامعات بفعل الصراع الذي تفجر بين عناصر الأجنحة العسكرية لتلك الجماعات والحكومة منذ 1992. ووفقاً لتقارير رسمية فإن نشاط "الجماعات الجهادية" بدأ في منتصف السبعينات من داخل الجامعات، غير أن السلطات في ذلك الوقت لم تتخذ من الإجراءات ما يحد من نشاطها بعدما مررت إليها تعليمات من السادات نفسه بإتاحة قدر من الحرية للإسلاميين لممارسة نشاطات سياسية داخل الجامعات لمواجهة المعارضة المتزايدة لنظام السادات من الناصريين واليساريين. غير أن انقلاب الاسلاميين على السادات، والمفاجآت التي تفجرت عقب حادثة المنصة، والكشف أن تنظيمي "الجهاد" و"الجماعة الإسلامية" استغلا الساحة الجامعية لبناء أكبر تنظيم ديني في تاريخ مصر تغطي خريطته طول البلاد وعرضها من خلال تجنيد الطلاب في كل الجامعات والمعاهد العليا في مصر، وممارسة نشاط غير شرعي من خلال الاتحادات الطلابية. كل ذلك دفع الحكومات المتعاقبة إلى وضع قيود على ممارسة العمل السياسي داخل الجامعات ورصد العناصر الناشطة بين الطلاب وخصوصاً الاسلاميين. وطوال عهد مبارك لم تقع مصادمات بين الشرطة والطلاب داخل أسوار الجامعات، وتبنت أجهزة الأمن اسلوباً يعتمد على منح الطلاب حرية التظاهر ورفع اللافتات وحرق العلمين الاميركي والإسرائيلي ماداموا داخل اسوار الجامعة، ومنعهم من الخروج الى الشوارع المحيطة، ويبدو أن الطلاب أنفسهم ارتضوا بالأمر، واعتبروه إيجابياً فلم يحاولوا الخروج إلا نادراً. وتعج السجون المصرية بعشرات من الإسلاميين الذين شاركوا في عمليات العنف التي وقعت في مصر منذ عهد السادات، على رأسهم قادة تنظيمي "الجهاد" و"الجماعة الإسلامية" الذين كانت لهم صلات بمنفذي حادثة المنصة، إضافة الى آخرين شاركوا في حوادث أخرى خلال سنوات العنف الدامي. كما أن الطالب صار الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح الذي تشاجر مع السادات العام 1977 يقضي حاليا عقوبة السجن في إحدى قضايا جماعة "الإخوان المسلمين" التي نُظرت أمام محكمة عسكرية في 1995.