استضاف صالون الخليل بن احمد الفراهيدي في القاهرة اخيراً ندوة حول "عُمان في عيون الرحالة" شارك فيها الباحث عبدالهادي التازي، الاستاذ في جامعة محمد الخامس في الرباط والروائي المصري فؤاد قنديل وأحمد بن عبدالله الفلاحي مستشار وزارة التربية والتعليم في سلطنة عمان، وأدارها الروائي المصري جمال الغيطاني. واختتم الصالون، الذي يعقد في منزل سفير سلطنة عُمان في القاهرة عبدالله بن حمد البوسعيدي، بهذه الندوة موسمه الثقافي الثاني. وقام الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي المصري في ختام الندوة التي عقدت تحت رعايته، بتكريم المشاركين فيها، وكذلك تكريم ابرز المشاركين في فعاليات الصالون منذ حلقته النقاشية الاولى التي عقدت في 29 تشرين الاول اكتوبر 1996 ومن بينهم الدكتور الطاهر أحمد مكي، استاذ الادب في جامعة القاهرة والدكتور رؤوف عباس رئيس الجمعية التاريخية المصرية والدكتور محمد صابر عرب، استاذ التاريخ في جامعة الازهر. وفي بداية ندوة "عمان في عيون الرحالة" اشار الروائي جمال الغيطاني الى انه يميل الى رأي أحد الباحثين المصريين الذي أكد اخيراً ان بلاد "بُنت" التي ارتبطت مصر الفرعونية معها بعلاقات تجارية، هي نفسها سلطنة عمان الحالية وتحديداً منطقة ظفار. وأشاد الغيطاني بالتحقيق الذي انجزه اخيراً الدكتور عبدالهادي التازي لرحلات ابن بطوطة، ووعد باصدار هذا التحقيق في سلسلة "الذخائر" التي يشرف عليها وتصدرها الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة. وتحدث بعد ذلك الدكتور عبدالهادي التازي عن حصيلة الزيارتين اللتين قام بهما ابن بطوطة لعُمان، وقال إن ما سجله ابن بطوطة عن مشاهداته خلال تينك الزيارتين يتميز بصدقية كبيرة سواء في ما يتعلق بالأعلام الجغرافية في هذه البلاد، أو بعلاقاتها بجيرانها. وأشار الى أن عُمان اشتهرت بتصدير الخيول الى البلاد الصديقة، فضلاً عن العطور والبخور، كما اشتهرت بأسطولها البحري واستخدام الخيوط بدلاً من المسامير في صنع المراكب. ويعتبر ابن بطوطة - كما يقول عبدالهادي التازي - افضل من وصف مدينة قلهات، العاصمة القديمة لعمان والتي لم يصبح لها وجود عند زيارته الثانية لهذا البلد. أما الروائي والباحث فؤاد قنديل فلاحظ انه ما من عابر الى الشرق الا مرَّ بعمان على الاقل من الطريق البحري، نظرا الى موقعها الفريد على مفترق طرق ما بين الشرق والغرب. وقال ان العمانيين اشتهروا برحلاتهم البحرية، وكما جذبت بلادهم الرحالة من مختلف الجنسيات، فانها كانت مصدراً للرحالة المتميزين بخبرتهم البحرية وفي مقدمهم ابن ماجد، حتى ان المسلمين عندما وصلوا الى الصين وجدوا فيها كثيراً من العمانيين، وهو الامر الذي لاحظه العلامة الهولندي ليفيسكي. واشار الى أن خبرة العمانيين بالبحر ساهمت الى حد كبير في نسج قصص "ألف ليلة وليلة" ورحلات السندباد البحري ومذكرات سليمان التاجر صاحب أول مخطوط في ادب الرحلة البحرية والذي أملاه على مواطنه ابي زيد الصيرافي. وعرض فؤاد قنديل ما سجله عدد من الرحالة المسلمين عن عمان ومنهم المسعودي والمقدسي وياقوت الحموي. اما احمد بن عبدالله الفلاحي فقال: إن الرحالة الذين زاروا عمان وكتبوا عنها في القرون الخمسة الاخيرة، كانوا جميعاً من غير العرب، باستثناء، محمد رشيد رضا الذي زارها مرتين في العشرينات من القرن الحالي وسجل مشاهداته في كتاب. والندوات الاربع التي استضافها صالون الفراهيدي خلال موسمه الثقافي الاول صدرت اخيراً في كتاب عن دار الشروق تحت عنوان "حوارات صالون الفراهيدي". ومن يرجع الى الكتاب الصادر حديثاً يستطيع ان يستنبط رؤية بانورامية حول التاريخ الحضاري الذي شهدته سلطنة عُمان وتميزت به. ولعل اهمية الكتاب لا تكمن فقط في كونه يجمع نصوص المحاضرات والمداخلات التي ألقيت خلال موسم كامل وإنما ايضاً في وثائقيته التاريخية وفي اضاءته نواحي من تاريخ عُمان.