أقفل النشاط السياسي آخر الاسبوع الفائت على "معلومات" تحدثت عن احتمال عقد لقاء بين رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص وبين سلفه الرئيس رفيق الحريري بمبادرة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كان أبلغ الصحافيين في تعليقه على الفتور القائم بينهما "فلنكسر الجليد أولاً مع العهد، فينعكس الجو ايجاباً على الكل". على رغم ان الرئيس بري قال ان لا علم له ان الاثنين متخاصمان أي الرئيسين الحص والحريري واذا اكتشفت ان ثمة عداوة بينهما سأقوم بمسعى توافقي، فان هناك من سارع الى تعميم "معلومات" مفادها ان رئيس المجلس أخذ على عاتقه التوفيق بينهما. وتبيّن من خلال التدقيق في هذه "المعلومات" ان بري الذي يُبدي ارتياحه الى سير اللقاءات الجارية بين رئيس الجمهورية إميل لحود ورئيس الحكومة السابق، أظهر استعداداً قد يبقى حتى اشعار آخر عند حدود الرغبة اذ يصعب في الوقت الحاضر تذليل العقبات التي تحول دون عقد اجتماع بين الحص وسلفه الحريري. أما لماذا هناك صعوبة أمام تحضير الأجواء ولو على سبيل كسر الجليد بين الحص والحريري؟ في الإجابة على السؤال، قال قطب سياسي ل"الحياة" ان الاستعداد للحوار الذي أبداه الحص يعتبر أمراً طبيعياً في مقابل المآخذ التي يضعها الحريري في معرض سؤاله عن جدوى حصول هكذا اجتماع. وأكد ان البعض ينطلق في الترويج لعقد لقاء بين الحص والحريري من ان الحوار الذي بدأ بين الأخير ولحود لا بد من ان يتطور ليشمل رئيس الحكومة، الذي لم يبدِ انزعاجاً من هذه اللقاءات مرحباً بكل ما من شأنه تعزيز الحوار مع المعارضة، بذريعة ان تغييبه من شأنه ان يؤدي الى تكريس النظام الرئاسي. ولفت الى ان بري توقف أمام تسريب أخبار عن إمكان حصول لقاء بين الحص والحريري وهو يعرف ان هناك صعوبة في الوقت الحاضر ما لم يطرأ ما يستعجله وإن كان غير مرئي في المدى المنظور. ورأى ان لا لقاء في الوقت الحاضر بين الحص والحريري، وان الأمر متروك للقضاء والقدر ما يعني ان الصدف قد تُفسح في المجال لجمعهما، مشيراً الى "ان الحوار قد بدأ مع لحود وان إثارة قضية اللقاء بين الحص وسلفه تأتي من جانب المتضررين الذين لا يريدون للحوار الاول ان يستمر". وفي مقابل استعداد الحص للحوار، قالت أوساط الحريري ان لا علم لها بوجود مبادرة يعد لها بري. وكشفت ان اتصالاً تمّ بين بري والحريري الموجود حالياً في باريس ويعود اليوم الى بيروت، وتبيّن انه غير مطروح في الوقت الحاضر، اذ ان رئيس الحكومة السابق لا يجد داعياً لعقد الاجتماع ما دام انه استهدف في شخصه من قبل الحص عندما سارع الى إحالة تقرير ديوان المحاسبة في خصوص أموال البلديات الى النيابة العامة المالية بدلاً من ان يأخذ وقته في دراسته. الى ذلك، قال مراقب سياسي على بيّنة من خلفية الدعوة السورية الى الحوار بين لحود والمعارضة ان اللقاءات التي تمّت أدت الى كسر الجليد تمهيداً لتطبيع الطباع، نافياً ان تكون الاجتماعات تطرّقت الى علاقة رئيس الجمهورية برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أو الى مسألة الملفات المفتوحة، اضافة الى علاقة الحص بالحريري. ووصف المرحلة التي قطعتها اللقاءات بأنها أدت الى تثبيت التهدئة وتبريد الأجواء التي يُفترض في ظل الرغبة السورية الرامية الى تفعيل الحوار الا تتأثر بتسريبات إعلامية من هنا وهناك. واستبعد ان تكون هناك صعوبة لتحقيق تعايش بين لحود والحريري. وقال "اذا كان التعايش قائماً في فرنسا بين رئيس الجمهورية الديغولي جاك شيراك وبين رئيس حكومته الاشتراكي ليونيل جوسبان فان ظروفنا في لبنان تسمح بمثل هذا التعايش، ذلك انها تختلف عن الظروف التي تعيشها فرنسا. وسجّل المراقب مأخذه على الحريري تحت عنوان انه لا يؤيد ما يقوله من حين لآخر في خصوص عدم رغبته في العودة الى رئاسة الحكومة بذريعة انه يعمل في الشأن السياسي العام ومن حقه ان يكون لديه طموح للعودة. وهنا كشف النقاب عن ان لقاءات لحود - الحريري تجاوزت بطريقة غير مباشرة ما كانت تناقلته "المصادر الوزارية" في بيانها الشهير من ان الحكومة الحالية باقية ربما الى ما بعد اجراء الانتخابات النيابية. وقال "ان رئيس الجمهورية أكد في أحد الاجتماعات انه يحتكم الى اللعبة الديموقراطية ويحترم ارادتها ويعود للمجلس النيابي كل الحق في تقرير عمر الحكومات التي تستمد استمراريتها ثقته". واضاف "ان الحوار يستمد مناخه الهادىء من النصيحة السورية، في ضوء اصغاء الجميع الى الاعتبارات التي عكستها القيادة السورية والتي يتمّ التعامل معها بجدية، ولا أظنّ ان احداً غير مطلع على الأجواء الايجابية التي خلفتها زيارة العقيد الركن الدكتور بشار الاسد الى الرئيس لحود في حضور اللواء الركن غازي كنعان". وتابع "ان دمشق حريصة على ديمومة المناخ الحواري، وبالاخص بين الحلفاء، تماماً كحرصها على دعم الرئيس لحود، ظناً منها ان الحلول للمشكلات المطروحة لن تتأمّن ما لم تخلق لها الأجواء الطبيعية". وبكلام آخر، لا تحبّذ دمشق - حسب وجهة نظر المراقب - ان تأتي الحلول وكأنها مفروضة على أحد، بمقدار ما انها تنصح بالتفاهم كمدخل لها بعيداً عن لعبة الغالب والمغلوب، خصوصاً وانها تدعم العهد وتشدد على توافقه مع المعارضة.