نجحت الحكومة اللبنانية في تجاوز مواجهة مع الاضرابات العمالية في عدد من القطاعات الحساسة، لا سيما الكهرباء ومصالح المياه ومرفأ بيروت وبعض مجالات الخدمات. اذ عقدت أمس اجتماعات مع قيادة اتحاد نقابات المصالح المستقلة، أفضت الى اتفاق على صيغة لتحقيق عدد من المطالب التي رفعها الاتحاد، والى قرار بتعليق الاضرابات سيعلن اليوم. كما أدت الاتصالات الرسمية مع شركات استيراد النفط الى تجاوز أزمة محروقات في الأسواق، كانت بدأت تلوح في الأفق بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، في وقت بقي جدول التسعير الرسمي على حاله، فأصدر وزير النفط أمس قراراً برفع السعر 300 ليرة لبنانية ما أحدث انفراجاً في محطات توزيع الوقود. وكان اعلان اتحاد نقابات المصالح المستقلة التي تدير معظم الخدمات الرسمية، الاستعداد للاضراب تضامناً مع نقابتي عمال وموظفي الكهرباء والمياه، بدءاً من غد الاثنين، أثار مخاوف من تزايد الظلام، فطلب رئيس الجمهورية اميل لحود من المعنيين، كما قالت ل"الحياة" مصادر قريبة اليه، إيجاد حل سريع لهذه الاضرابات يضمن مصلحة الجميع. واوضحت أن لحود أجرى اتصالات بالحكومة التي تابعت الوضع، داعياً الى حل القضية "وفق مصلحة الجميع وتأمين استمرار العمل في المصالح العامة وتأمين الإنتاج على كل الصعد". وأبلغ رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص "الحياة" ان وزير الاصلاح الإداري الدكتور حسن شلق اجتمع الى المسؤولين في اتحاد النقابات المستقلة، وناقش معهم مطالبهم، وانتهى الاجتماع الى وعد بتعليق الاضراب، ووعد من الحكومة ببحث المطالب في مجلس الوزراء، خصوصاً أنه تم تحضير بعض الصيغ في شأنها. وتتمحور مطالب عمال وموظفي الكهرباء والمياه حول زيادة التقديمات الاجتماعية لهم في مجال الخدمات الطبية وتثبيت عدد من المياومين، واصدار سلسلة رتب ورواتب أسوة بموظفي القطاع العام، كانت الحكومة السابقة وعدت بها. وما زاد المخاوف من أن تؤدي الاضرابات الى حال شلل في البلاد ان اتحاد نقابات المصالح المستقلة كان أعلن عن اضراب تدريجي يبدأ في قطاعي المياه والكهرباء غداً، ويتصاعد ليكون شاملاً للنقل المشترك وإدارة حصر التبغ والتنباك الخميس المقبل. وقال الوزير شلق ل"الحياة" انه اجتمع مع وفد النقابات مرتين، صباحاً وبعد الظهر وأن هناك تجاوباً وتفهماً لقضاياه. وسيلتقي شلق مسؤولي النقابات مساء اليوم، ثم بعد غد الثلثاء للتشاور حول صيغ رفع المطالب الى مجلس الوزراء. وأبلغ وزير النقل نجيب ميقاتي "الحياة" انه لم تكن هناك مشكلة مع عمال المرفأ، لأنه التقى سابقاً مسؤولي النقابة واتفق معهم على حلٍ لقضاياهم بالحوار. وكان الحص أبدى امتعاضه من أن وسائل اعلام وبعض التصريحات، أعطت انطباعاً بأنه ينوي قمع العمال حين قال أول من أمس انه يمكن الاستعانة بقوى الأمن إذا أدت الاضرابات في مصالح المياه بدأت في الجنوب والبقاع والشمال قبل أيام الى قطع المياه عن المواطنين. وقال الحص رداً على سؤال ل"الحياة" عما إذا كانت أطراف سياسية تشجع الاضرابات: "كل شيء مسيّس وله علاقة بالسياسة في البلد، لكن الأمور تتجه نحو الإيجابية في معالجة المطالب، وبالتالي تجنب الاضرابات".