قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في ساعة متقدمة من مساء أول من أمس أقدم أسير فلسطيني مسجون لديها خليل مسعود الراعي. وكانت الحكومة الاسرائيلية قررت صباح أول من أمس في اجتماعها برئاسة ايهود باراك الإفراج عن الراعي 45 سنة بعد ان قضى زهاء ربع قرن في السجون الاسرائيلية. طالب الراعي الذي يُعتبر "شيخ" الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين فور الإفراج عنه الحكومة الاسرائيلية بالتخلي عن معاييرها التي تضعها كشروط للافراج عن نحو 2200 أسير ومعتقل فلسطيني كانوا اعتقلوا على مدى سنوات النضال الوطني الفلسطيني لمحاربة الاحتلال الاسرائيلي. وقال الراعي امس في كلمته ضمن برنامج "رأي عام" الذي تنظمه وزارة الإعلام الفلسطينية في غزة، ان على الدولة العبرية "ان تلغي من قاموسها مسألة المعايير الخاصة بالإفراج عن الأسرى". وتضع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، ومنها حكومة باراك، شروطاً للافراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أخطرها اشتراطها عدم اطلاق المعتقلين الذين تصفهم بأن أيديهم "ملطخة بدماء اسرائيليين". وترفض السلطة الفلسطينية بدورها مثل هذه المعايير، معتبرة الأسرى الفلسطينيين "مناضلين من أجل الحرية" لا "مجرمين" كما تحاول سلطات الاحتلال تصويرهم. وأكد هشام عبدالرازق وزير شؤون الأسرى في السلطة الوطنية الفلسطينية الذي تحدث ايضاً في البرنامج ان السلطة "لن تساوم على الأسرى والمعتقلين"، ولن تفاوض عليهم ايضاً، واصفاً اياهم "جنودنا" و"نحن قادتهم". وضم "أبو الصاعد"، وهو اللقب الذي يُكنى به الراعي، صوته الى عبدالرازق، مؤكداً ان على سلطات الاحتلال "الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين والعرب" المعتقلين في سجونها "قبل 13/9/94"، تاريخ توقيع اتفاق اعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل "من دون قيد أو شرط أو تمييز". وكانت "الحياة" انفردت أول من أمس من بين جميع الصحف العربية والفلسطينية بنشر خبر نية الافراج عن الراعي. وبدا الراعي، الذي اعتقلته سلطات الاحتلال، في الرابع من آذار مارس عام 1974 زاعمة أنه شارك في قتل قائد شرطة غزة آنذاك موشيه كارميلي عام 1973، في صحة جيدة أمس. وسئل عن غزة التي تركها مرغماً قبل ربع قرن، فأجاب بأنها "تحتاج الى جهود كبيرة لإعادة بنائها". لكن مقياس الأمور لدى الراعي "ليس البنيان والعمران، بل خلق ظروف جديدة في مجتمعنا، لبناء الدولة العتيدة"، موضحاً انه لا يستطيع "خلال يوم واحد ان يصف أحوال الشعب الفلسطيني"، مؤكداً ان "الظروف التي مر بها شعبنا تحت الاحتلال كانت قاسية على شعبنا". وكان الراعي نجح في الفرار مرة من سجن نفحة في صحراء النقب عام 1987، ولكن تم إلقاء القبض عليه قبل تمكنه من اجتياز الحدود الى مصر.