باشرت سلطنة عمان خطوات تنفيذية لتخصيص مطار السيب في العاصمة مسقط، وهي تجربة تنفرد بها في المنطقة، وتعدّ السلطنة ايضاً لتخصيص طرق. ولكن، هل يمكن ان تتخلى دولة عن مطاراتها لرؤوس أموال المستثمرين، وهل يتغلب الاقتصاد على السيادة في عصر البحار والأجواء المفتوحة؟ وزير المواصلات العماني السيد سالم بن عبدالله الغزالي الذي تشرف وزارته على المطارات والمرافئ في السلطنة تحدث الى "الحياة" عن توجه بلاده الى اعطاء دور أكبر للقطاع الخاص "ينسجم مع رغبتها في الانضمام الى منظمة التجارة الدولية"، وايجاد مصادر دخل تقلص الاعتماد على النفط. وذكر ان القطاع الخاص في سلطنة عمان قادر على الاستثمار في مشاريع ضخمة، مثل مشروع الغاز وتطوير ميناء صلالة مشدداً على ان السلطنة تطمح الى ان يكون لمرافئها في المنطقة دور ميناء روتردام في أوروبا، وتستعجل تطوير مرافق مطار السيب لتكتمل بين عامي 2002 و2003. وكان وقع هذا الاسبوع اتفاقاً اختيرت بموجبه مؤسسة "كريدي سويس فيرست بوسطن" مستشاراً مالياً لتخصيص المطار، بعدما أعلِنت المنطقة الحرة في ميناء صلالة قبل ايام قليلة. وأوضح الغزالي ل"الحياة" ان "واحداً من أبرز المطارات في أوروبا واكثرها فاعلية لجهة الجدوى الاقتصادية، هو في ايرلندا، وإدارته للقطاع الخاص بما في ذلك مراقبة الاجواء والجوازات. اذ له شرطته الخاصة". وتابع ان هناك اتجاهاً الى تشكيل "مجموعة استثمارية من شركاء عرب واجانب وعمانيين" لمطار السيب وستطرح اسهم ثم يبدأ العمل لتطويره عبر تجربة التخصيص "باستثناء مراقبة الاجواء لأنها شأن سيادي وكذلك مراقبة جوازات المسافرين". وابدى تفاؤلاً بالمشروع لافتاً الى ان "الموقع الجغرافي للبلد يستقطب استثمارات ضخمة ارتبط بها ازدياد تنقل المسافرين، علماً ان الطائرات المتجهة من الشرق الى الغرب تمر بالأجواء العمانية لاختصار المسافات". وكانت السلطنة انفقت قبل سنتين ملايين الدولارات لتحديث أجهزة المطار. تعزيز دور القطاع الخاص وذكر الغزالي الذي كان وزيراً للتجارة والصناعة لمدة ثماني سنوات ان تعزيز دور القطاع الخاص ينسجم مع "الرؤية المستقبلية لعمان عام 2020" التي حددت قبل ست سنوات ورسمت مسارء التنمية في البلد. واشار الى ان الحكومة "كان لها على مدى 29 سنة الدور الأكبر في انشاء البنى التحتية، قبل ذلك لم تكن هناك مدارس أو مستشفيات أو طرق معبدة. بدأت الدولة قبل 30 سنة التنمية من تحت الصفر، لكن القطاع الخاص بات الآن مهيأ للعب دوره، بعدما اكتملت الى حد كبير البنى التحتية من خلال مشاريع كانت نفقاتها مضاعفة بسبب اتساع الرقعة الجغرافية للسلطنة، وتوزع السكان حوالى مليوني شخص في مناطق متباعدة على مساحات شاسعة تفصلها وديان وجبال". واعتبر ان "التوجه الصحيح" في هذه المرحلة هو "تشجيع المستثمر الاجنبي على المساهمة بأمواله وفي الوقت ذاته ترك دور له يمارسه في الإدارة، مما يشكل حافزاً له لإنجاح أي مشروع". وسئل هل تجربة التخصيص ستترك لرأس المال الاجنبي معظم الحصص، فأجاب ان النسبة الأكبر ستكون للعمانيين "والمهم لإنجاح أي مشروع تكامل عوامل الموقع الجغرافي والتمويل والإدارة والتسويق". وهل يتجاوز التوسع في مشاريع المرافئ الضخمة الحاجة الفعلية لاقتصاد السلطنة، أجاب الغزالي: "لا، فموقع عمان كبلد مطل على البحار خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي يؤهلها لدور بارز في تجارة المنطقة والتجارة الدولية، له شواهد تاريخية في متاحف كثيرة في العالم، ولا علاقة للمسألة بعدد السكان بل بالاستثمارات". وذكر بخطوط التجارة عبر البحار، التي نشطت منذ القدم بين عمان وشبه القارة الهندية، وافريقيا زنجبار. وقال ان "انشاء المرافئ الجديدة سيعود بالنفع على عمان والمنطقة"، وربط ذلك ب"تجارة الحاويات التي باتت الوسيلة الأمثل لنقل البضائع، وكلما كبرت ازدادت الحاجة الى ابعادها عن المضائق كونها مناطق خطر بصرف النظر عن أي اعتبارات سياسية. وهناك ايضاً عامل اختصار المسافات، مثلاًَ صلالة تبعد عن الخط العالمي للملاحة 150 ميلاً، بينما المسافة بينها وأقرب ميناء خليجي، الفجيرة، هي 800 ميل". واستنتج ان المرافئ العمانية التي وضعت دراسات وخطط لتوسيعها "ستلعب دور الوسيط، وقبل أيام بدأنا تجربة جديدة، اذ شحنت ملابس مصنوعة في عمان الى مطار صلالة ومنه الى مينائها ومن هناك بحراً الى ميناء ميسوري الاميركي، وخفضت نفقات الشحن". وهل تنافس تلك المشاريع المرافئ الأخرى في المنطقة، أجاب وزير المواصلات العماني: "قدرة الآخرين على المنافسة أكبر، اذ سبقونا في هذا المجال، ونفضل الا نتحدث عن منافسة في الأسرة الواحدة، مجلس التعاون الخليجي أو الوطن العربي عموماً، فاقتصاداتنا يجب ان يخدم بعضها بعضاً". أولويات ورداً على سؤال آخر حدد الغزالي 3 أولويات في التخطيط للبرامج الاقتصادية في السلطنة: "تنمية في الداخل للتكامل مع دول الخليج بما يمهد للسوق العربية المشتركة". لكنه شدد على أولوية "استكمال البنى التحتية في كل من دول المنطقة كي تستكمل حلقات التكامل". وذكر ان الحكومة العمانية كانت وقّعت اتفاقاً لإدارة محطة حاويات وتشغيلها مع شركة صلالة التي تملك شركة "Sea Land" 15 في المئة من اسهمها وشركة "Maersk" نسبة مماثلة. كما وقع اتفاق لتوسيع ميناء صحار بمبلغ يتجاوز 25 مليون ريال عماني. وفي اطار تنويع مصادر الدخل، خصوصاً بعد أزمة اسعار النفط، ستعتمد سلطنة عمان على مشروع الغاز الذي سيشكل عام 2020 عشرة في المئة من دخلها القومي. وهي تملك احتياطات ضخمة منه، ووقعت عقوداً مع كوريا الجنوبية لتصدير كميات من الغاز بدءاً من عام 2000 وعلى مدى 25 سنة. وتستثمر السلطنة الآن 95 حقلاً نفطية تنتج 800 ألف برميل يومياً، وبين المشاريع الرئيسية لتنويع مصادر الدخل مشروع الأسمدة الكيماوية في صور ومشروع الألمنيوم في صحار.