بين فاطمة بن سعيدان والابداع روابط وثيقة تدل عليها الجوائز العربية والعالمية التي حصلت عليها. وفي معظم أعمالها لعبت أدواراً مهمة بدءاً من "عرب" المسرحية والفيلم، ومسرحيات "العوادة" و"كوميديا"، "فاميليا"، "عشاق المقهى المهجور" لفاضل الجعايبي وأفلام "عصفور السطح" و"صيف حلق الوادي" لفريد بوغدير و"صمت القصور" لمفيدة التلاتلي وغيرها الكثير". عن رحلة عطائها الطويلة تحدثت الينا فاطمة وكان هذا الحوار: لنتحدث عن بدايتك مع المسرح الهاوي؟ - بدايتي كانت أوائل الستينات مع مسرح "القمة" برفقة المسرحي حمادي المزي الذي شاركته عدداً من الاعمال أهمها "امرأة عند نقطة الصفر" لنوال السعداوي. اضافة الى اعمال خاصة بالاطفال مع الفنان المختار الوزير وفاطمة اسكندراني. كيف كانت انطلاقتك في مجال الاحتراف؟ - كانت مع المسرح الجديد الذي اكتشفني منذ أكثر من عشرة أعوام، وقد عرفني الجمهور في مسرحية "الحرب" ثم "العوادة" و "كوميديا" و"فاميليا" و"عشاق المقهى المهجور" وكل هذه الاعمال من اخراج الفاضل الجعايبي. كيف تقيمين كل هذه السنوات الطويلة من العمل مع الجعايبي؟ - بكل فخر واعتزاز أقول انني مدينة له، فلولا الجعايبي واللقاء معه لما كانت فاطمة اليوم، الا ان العمل مع هذا الفنان شاق ومضن، لكن في الوقت نفسه عمل مثمر، فمرحلة التجربة قد فاتت ومضت مع مسرحية "عرب" وبعد هذه المسرحية اصبح العمل مشتركاً حتى في "الحرب" كان المخرج يرفض اعطاء الفنان دروساً، فالعملية هي عملية أخذ وردّ، خاصة وان طريقته تقوم على "الارتجال" فاضل الجعايبي عرف كيف يحركني. ماذا عن السينما؟ - كما تعرف السينما حديثة العهد، وبالتحديد بدأت الافلام تظهر منذ نحو عشرين سنة، ولأن السينما والذين اشتغلوا فيها ظهروا حديثاً بدورهم وبالتالي ليس لدينا ممثلون محترفون ولذلك فالمخرجون السينمائيون يتعاملون اساساً مع ممثلي المسرح. التجربة السينمائية الأولى مهمة بالنسبة لي كانت في فيلم "عرب" الذي تحول من المسرحية التي حملت الاسم نفسه وهو من اخراج الفاضلين الجعايبي والجزيري ثم في فيلم بوغدير "عصفور السطح" وقد قمت فيه بدور "صلوحة" وهو فيلم جميل جداً وعرف رواجاً كبيراً كذلك فيلم "صيف حلق الوادي" لفريد بوغدير و"سلطان المدينة" و"مجنون ليلي" و"صمت القصور". أيهما أقرب اليك: المسرح أم السينما؟ - العمل المسرحي بلا شك، لانه يمنحك مجالاً للخلق والابداع، فالادوار التي قمت بها هي بمثابة ابتداء لي، فكل شخصية آخذها على عاتقي تتبلور لدي وتتحسن في كل مظاهرها فتعطيها من نفسك وروحك وكذلك علاقتك بالجمهور، فكل يوم تأخذ الشخصية طابعاً جديداً لها، في حين ان السينما تجسد علاقتك بالنص الذي لا يجب عليك تجاوزه، وعلاقتك بالسينما بصفة عامة فيها خدعة. لعلك الوحيدة التي حققت رصيداً مهماً في مجالي المسرح والسينما في تونس، كيف تفسرين ذلك؟ - حبي لما أقوم به اولاً ثم سعيي لعدم خداع نفسي والجمهور. فأنا لا أتعامل عندما أتحدث عن المسرح مع الشخصيات بخجل، بمعنى اذا كانت الشخصية وضيعة وقبيحة المنظر فأضعها تحت المجهر وأسلط الاضواء على هذه النقاط السلبية. لا أريد ان تكون الشخصية تشبهني، بل أقدم المطلوب مني، ثم انني جريئة فوق المسرح والشخصيات التي أديتها درامية وقد فوجئت بان الجمهور كان يضحك خاصة في السينما، اذ هي اعمال تراجيدية، ولم أكد أتصور ان تكون الشخصيات التي كنت أقوم بها تراجيدية - كوميدية، وهذا يسعدني. من خلال ما قدمت سواء في المسرح أو في السينما، هل هناك أعمال كتبت خصيصاً لك؟ - في المسرح، كلا. لكن في السينما نعم. وعلى رغم قصر تجربتي السينمائىة الا انني أوجّه اللوم على المخرجين لانهم لا يكتبون للشخصيات، لانه اذا كانت له الثقة بالممثل، فانه قادر على خلق دور له، وهذا هو السائد في جميع الدول، فخلافاً لفيلم "عصفور السطح" الذي كتب فريد بوغدير الدور فيه لي، فانه لم يتم ذلك وهو شيء مؤسف، فالادوار التي أديتها لا يمكن لأي فنان ان يقوم بها، وقد قدمتها بشكل جيد بهدف خدمة السينما التونسية، فأنا لا أرفض الادوار الصغيرة والبسيطة لكن احساسي هو انني لم أعط بعد الكثير للسينما. ما هو الدور الذي تتمنين القيام به من خلال قراءاتك المسرحية؟ - القيام بدور "ريسرتوار" لشكسبير وبصفة عامة أي دور كلاسيكي. بعيداً عن الفن، ماذا تعملين؟ - أعمل في الجمعية التونسية لمساعدة الصمّ والاعتناء بالاطفال فاقدي السمع، وقد قمت بتنشيط للاطفال لمدة عامين في المسرح "التعبير الجسماني" ولكنه مشروع لم يتواصل وعوضته بمجال الدعم التربوي حيث اهيىء مجموعة الاطفال الصم المدمجين في الاقسام الدراسية. أعود الى الفن وأسألك عن سبب غيابك عن الاعمال الدرامية التي تنتجها مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية؟ - يعود الى صغر الادوار وبساطتها، وكان آخرها دوراً في عمل رمضاني قدم منذ سنوات، وكان دوراً مخجلاً. أعطيت الفن أكثر من عشرين عاماً، فماذا اعطاك؟ - المتعة. أهم الجوائز التي حصلت عليها؟ - ليست كثيرة، ومن ابرزها جائزة رئيس الجمهورية في بداية حياتي المسرحية، كما حصلت على جائزة أفضل ممثلة في احدى دورات مهرجان المسرح التجريبي في القاهرة اضافة الى تكريمي في الدورة السابعة لمهرجان قرطاج المسرحي، هذا التكريم الذي جاء كاعتراف بالعمل الذي قمت به ولن أبخل في اعطاء المسرح التونسي كل ما لدي من جهد وحبّ.