بعض الشباب تسمح له ظروفه المادية بالسفر لتمضية عطلة الصيف. والبعض الآخر، وان توافرت له الامكانات، تمنعه ارتباطاته الدراسية من ذلك. وثمة بعض يحلم بعطلة في الخارج "لكن اليد قصيرة"، يحلم ليس إلا، ويستعيض عن ذلك بالبحث عن عمل لتأمين قسط الجامعة أو توفير مال لشراء حاجات. وبين هذا وذاك، كثر يفضلون تمضية العطلة في رحلات سياحية داخلية أو ارتياد الشاطىء. هذه "تطلعات" طلاب جامعيين لبنانيين التقتهم "الحياة"، لعطلة الصيف الجاري: تقول كنده الكسم، وهي طالبة في الجامعة اللبنانية - الأميركية L.A.U انها باقية في الجامعة لمتابعة الفصل الأول من الصيف في الكلية وبعد الانتهاء منه ستسافر الى خارج لبنان لتمضية شهر من الراحة بعد عناء الدرس لتعود بعده الى بيروت وتتهيأ مجدداً للعام المقبل. أما الطالب محمود جعفر الذي ينتظر انقضاء الشهرين المتبقين لتخرّجه فيقول: انه سيسافر الى اسبانيا ومن ثم ايطاليا للقاء أحد أصدقائه والقيام بجولة سياحية وفق برنامج مخطط له مسبقاً. ويضيف جعفر الذي يدرس ادارة تسويق وهو يتحدث بلكنة عربية ركيكة، انه سيغادر لبنان نهائياً العام المقبل بعد حضور حفلة التخرج الى بنما للعمل في مؤسسة لتجارة الألبسة يملكها والده هناك وهو "يحمل ذكريات جميلة عن لبنان لن ينساها". وديالا طعمة وهي طالبة سنة أولى ادارة أعمال كانت تود السفر "لأنه الأفضل عندها في الحياة لأخذ قسط من الراحة بعد عناء الدرس". إلا أن هذا الأمر يصطدم بعقبات كثيرة أقلها عدم موافقة الأهل على ذلك على رغم الامكانات المادية المتوافرة. وتقول انها ستستعيض عن ذلك بالقيام برحلات داخلية مع زملاء دراسة الى المشرف والجاهلية في ساحل الشوف وهي منطقة تمتاز بمناظر طبيعية خلابة ويمر أحد الأنهر وسطها ويتوافر فيها الكثير من وسائل الراحة كنادي المشرف. والى ذلك تفكر طعمة بأن تمضي باقي أيام العطلة الصيفية في "السبور" وعلى "البحر". وتعقب زميلتها غيدا درويش بالقول انها ستمضي معظم عطلة الصيف في السباحة وال"ويك اند" في رحلات منتظمة مع زملاء دراسة الى الجبل وبعض الأماكن السياحية للتعرف اليها". وتضيف درويش ان ما يقلقها انه كان لديها مشروع سفر إلا أن اضطرارها الى متابعة فصل دراسي صيفي حال دون ذلك. مع أنني كنت أرغب في أن أملأ كل أوقات فراغي في العطلة الصيفية بالمرح والسهر والرحلات، وألا أكون مقيدة بأوقات الدراسة، وأستيقظ باكراً لأكون على مقعد الدراسة السابعة صباحاً. وتمنت درويش لو أنها ولدت في أوروبا لكثرة ما تسمع عن وسائل الترفيه المخصصة للمواطنين، ولا سيما منهم الطلاب. "ففي لبنان لا يوجد غير السينما والمطاعم فلماذا لا تنشىء الدولة باركات للسبور والمشي والركض وملاعب مجانية للتنس وغير ذلك". رانيا كنيعو طالبة سنة ثانية ادارة أعمال في الجامعة الأميركية تقول "عندي تدريب صيفي لمدة شهرين. وسأسافر في تشرين الأول سبتمبر للراحة نحو 15 يوماً، أعود بعدها لتمضية بقية العطلة على البحر". أما ياسمين زين وهي طالبة سنة ثالثة علم نفس فتقول "على ما جرت العادة أمضي أيام الصيف مع زميلاتي اللواتي يتابعن كل سنة فصلاً دراسياً اضافة الى تنظيم رحلات داخلية في لبنان، هذا إذا لم أتمكن في هذه العطلة من تأمين عمل ما لقتل الوقت الضائع وما تبقى من أيام فراغ سأحاول أن أمضيه بالمطالعة كوني شغوفة جداً بالقراءة لا سيما القصص". ولأنها لم تغادر لبنان البتة فإنها ترغب في السفر ولو مرة واحدة لاكتشاف العالم الآخر. وهي تنتظر إذا سمحت الظروف للقيام بذلك. "إلا أن الإمكانات المادية راهناً تحول دون تنفيذ رغبتي". محمد أبو فارس ادارة أعمال ينهي تخرجه هذا العام. ويقول "سأنتقل من قيد الدراسة الى قيد الخدمة إذ أن فصل الصيف الجاري سأمضيه من دون راحة كوني سألتحق بالجيش خدمة العلم لكن هذه الخطوة لا بد من القيام بها من أجل تأمين وظيفة مستقبلاً خصوصاً أن الشركات والمصارف وكل أصحاب العمل يرفضون توظيف أي كان من دون وجود اثبات يؤكد تنفيذه الخدمة العسكرية الإلزامية ويضيف أبو فارس "لولا خدمة العلم لكنت تابعت دراستي وأكملت الماسترز أو كنت استفدت من فصل الصيف لأسافر الى أميركا حيث أشقائي فكل شيء متوافر لي هناك". أركان صالح سنة ثالثة علوم نفطية يقول "لا مشاريع الآن لدي. كل الأمور مرهونة بتوافر الأموال، ولأن ذلك غير مؤمن فإن معظم أوقاتي في الصيف سأمضيها على شاطئ البحر"، ويستدرك قائلاً "طبعاً على شاطئ "السان بالاش" مجاناً إذا وجد، لقد استملكوا كل شيء ولم يعد لدينا إلا الهواء". فراس قبيسي سنة ثالثة ماجستير علوم أحياء يقول "أنا في صراع مع الحياة يضحك أي الظروف الصعبة التي نعيشها طبعاً لا مع جريدة "الحياة". مع الأسف لا وقت لديّ ولا امكانات لأخذ قسط من الراحة بعد تعب العام الدراسي. ففي فصل الصيف أعمل مساعد باحث في الجامعة من أجل تأمين القسط فبالكاد يتوافر لي بعض الوقت فأغتنمه لارتياد مسبح الجامعة". ويضيف "انني أعمل ليلاً ونهاراً وإذا تمكنت من توفير مبلغ محدد فثمة طلاب ينوون القيام برحلة سياحية الى طرطوس في سورية وأخرى الى قبرص للسياحة، فسأكون في عدادهم وإلا سأنتظر عودتهم لإلقاء النظر مجاناً على المناطق السياحية التي سيزورونها عبر الصور الفوتوغرافية التي سيلتقطونها هناك". زاهر ضاهر رياضيات: "أفكر في رحلة وهذا الأمر يعتمد على ما يتوافر من الأموال التي أجنيها من خلال تعليم ساعات خصوصية خارج الدوام". لكنه يستطرد "أفضل أن أبقى في لبنان إذ بالكاد يكفيني ما أحصل عليه كمصروف لأشهر الصيف، على أن أسافر وأطيّر المبلغ في بضعة أيام في الخارج، علماً أنني لو كنت مرتاحاً مادياً لجلت في أوروبا كلها لأطلع على معالمها وطبيعة البشر فيها". ويتمنى ضاهر لو كان مواطناً أوروبياً إذ أن الطالب هناك يأخذ أسعاراً "أوفر" لكل شيء وهذا ليس متوافراً عندنا. هذه رسالة موجهة الى وزارة السياحة في لبنان إذ لا أحد يعيرنا اهتماماً حتى إذا أردنا أن نقيم مخيماً في بلدنا فالأمر يتطلب إذناً، هذا إذا توافر، إذ لم يعد ثمة مكان إلا اجتاحته الأبنية السكنية. وجدان حمود طالبة سنة رابعة حقوق تقول "مع العطلة الصيفية بدأت تتسلل الينا المتاعب، كيف سنرسم مستقبل حياتنا؟ بدأنا نشعر بصعوبة إذ أن المحاماة والقضاء يقيدان حرية الطالب الذي اختار مهنة في قطاعهما، وعليه لم يعد من مجال للتفكير بالسفر أو القيام برحلات معينة مع الزملاء والزميلات، خصوصاً أن الوضع الاقتصادي لم يسمح حتى بالتخطيط لأي مشروع يريح أعصابنا وتفكيرنا ولو قليلاً بعد عام من الجهد وعناء الدراسة. ولا تخفي حمود "زعلها" من انقضاء العام الدراسي "أشعر بانزعاج كبير لكنني سأمضي معظم أوقاتي في المطالعة وقراءة الكتب، وحتى لو أتيح لي السفر لجعلت من كتابي رفيقاً لي لشدة تعلقي بالكتب والدراسة". أما وائل عريضي، وهو في السنة الرابعة حقوق أيضاً، فيقول "ان عطلة الصيف لا تعني له شيئاً بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة على كل الصعد، وهذا ما سيدفعني الى التفتيش عن عمل للحاجة الماسة اليه، وأشك أن أجد عملاً في هذه الأحوال التعيسة"، وتمنى "لو كان في امكاننا أن نحكي سياسة: على الرئيس اميل لحود العمل على تطبيق خطاب القسم من أوله الى آخره. إذ أن الشباب اللبناني بلغ مرحلة لم يعد يستطيع معها التحمل، فالكل يشكو من البطالة والعمل ليس متوافراً لا للطلاب ولا لغيرهم. فمشكلة الشباب "عويصة"، أما بالنسبة الينا كطلاب حقوق فالأمر في غاية الصعوبة إذ أننا نفكر في التدرج وهذا ما يحتاج الى سيارة وهاتف خليوي في الحد الأدنى، ونحن بالكاد نأكل، لكن تفكيرنا الآن محصور بالعمل لا غير. ففي هذا البلد، يفكر اللبناني في سياحة العمل لا في السياحة ككلمة شائعة لأن هم الشغل طاغ على كل شيء". بلال سعد طالب حقوق يفكر في السفر الى الخارج للعمل واكمال الدكتوراه. "ولكن من أين أحصل على "فيزا"؟ سأجهد من أجل تنفيذ هذه الرغبة لتأمين مستقبل بدلاً من تمضية عطلة الصيف متنقلاً هنا وهناك، الأهم أن أجد عملاً في الوقت الحاضر في شركة ما ضاحكاً حتى نضبط وضعنا خلال الصيف، إذا "سكّرت" معنا ليس لنا إلا العسكر التعيين في السلك العسكري. إذا حصلت دورات بعد وحظينا بواسطة، هذه مشكلة من ليس له ظهر، يبقى مقطوعاً". ويعزو سعد عدم التخطيط للقيام برحلات سياحية وما شابه "لأننا مادياً، حدّث ولا حرج ومن يريد أن يخطط لبرنامج عطلة يجب أن يكون منتجاً، والوضع ليس بسيطاً. أما دانيا الأمين خريجة كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية فتقول عن برنامجها الصيفي الذي خططت له "إذا سنحت لي الفرصة لتمضية العطلة في مخيمات شبابية فلن أتردد. لكن ما يهمني أولاً أن أجد عملاً في الصيف بعد تخرجي هذه السنة".