قالت دوائر صناعية خليجية ان معدلات النمو السنوي للاستثمار الصناعي في مجموعة دول المجلس سجلت تراجعاً في الاعوام القليلة الماضية وانخفضت من 35 في المئة عام 1994 الى 14.4 في المئة عام 1995 ثم الى 4.3 في المئة عام 1998 بسبب نقص الموارد المالية لدول المجلس. واعتبرت ان التراجع يشكل عاملاً مهماً في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا القطاع لتعويض الانحسار في دور الحكومات في الاستثمار الصناعي. وقدرت "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" ان يكون حجم الاستثمارات الصناعية في مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي بلغ 80.6 بليون دولار نهاية العام الماضي. وذكرت ان الاستثمارات نمت في العقد الماضي بمعدلات كبيرة حيث كانت تبلغ عام 1988 نحو 28.5 بليون دولار مشيرة الى ان 65 بليون دولار من تلك الاستثمارات هي استثمارات مشتركة من القطاعين العام والخاص. واظهر تقرير المنظمة ان حجم الاستثمارات المحلية في المشاريع الصناعية المشتركة في دول المجلس كانت عام 1998 نحو 32 بليون دولار أي ضعف الاستثمارات الاجنبية في هذه المشاريع وبلغت حدود 16 بليون دولار. وبين ان التطور في حجم الاستثمارات الصناعية أدى الى زيادة ناتج الصناعة التحويلية في دول المجلس من 13.1 بليون دولار عام 1988 الى 25.6 بليون دولار عام 1997، ما دفع نصيب الصناعة التحويلية في الناتج الاجمالي المحلي خلال الفترة نفسها من أقل من خمسة في المئة الى اكثر من عشرة في المئة. وتبعاً لذلك زاد عدد المنشآت الصناعية خارج القطاع النفطي من 4692 مصنعاً عام 1988 يعمل فيها 254 ألف عامل الى 7243 منشأة صناعية تشغل 569 ألف عامل عام 1998. ولاحظت المنظمة ان الصناعات كثيفة رأس المال العائدة للقطاع العام استوعبت النسبة الأكبر من الاستثمارات الصناعية، إلا ان الاعوام الأخيرة شهدت توجهاً حكومياً لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الاساسية. اضافة الى تشجيع تدفق الاستثمارات الاجنبية التي استفادت من المزايا التي تتمتع بها المنطقة: كأنظمة الاستثمار وتوافر موارد الطاقة بالكميات والأسعار المناسبة. ورأت ان فرص القطاع الخاص في تحقيق النجاح في مجال الاستثمار الصناعي كبيرة في المرحلة المقبلة، حيث يجد المستثمرون من القطاع الخاص المجال مهيئاً لاستكمال السلاسل الانتاجية والانطلاق من الصناعات الاساسية الى الوسيطة والنهائية وسد الفجوات الانتاجية ودعم تكامل القطاع الصناعي من جهة ثانية، من خلال القيام بانتاج المستلزمات والقطع والمكونات والخدمات التي تحتاجها الصناعات الكبيرة من جهة أخرى. وأوضح التقرير ان دول المجلس عملت على تشجيع القطاع الخاص وحفز رؤوس الاموال الخاصة على الاستثمار الصناعي من خلال تبني مجموعة من السياسات والإقدام على عدد من الاجراءات التي تشكل حوافز تشجيعية منها: توفير القروض الميسرة، والاعفاءات الضريبية، وتقديم المساعدة الفنية في مرحلة ما قبل الاستثمار كتمويل دراسات الجدوى، وإعداد دراسات فرص الاستثمار وتقديمها الى القطاع الخاص مجاناً، واعطاء الأولوية للمنتجات الوطنية في المشتريات الحكومية، وانشاء المناطق الصناعية بما تتضمنه من خدمات بأسعار تشجيعية. لكنه اشار الى ان الانضمام الى منظمة التجارة الدولية من شأنه إلزام دول التعاون بأطر محددة لسياسات الحوافز، وبصورة تفرض بعض القيود، والأهم من ذلك ان مثل هذه السياسة لم تعد كافية في حد ذاتها لجذب الاستثمارات الخاصة. وتشير التجارب الى ان بعض الدول التي تمنح مزايا قليلة للغاية مثل: هونغ كونغ وتايوان وكوريا الجنوبية، استطاع ان ينجح في جذب قدر كبير من الاستثمارات الخارجية، معتمداً على توافر البيئة الاقتصادية الكلية والسلمية. وعليه، فإن الحوافز لا تشكل سوى جزء من مجموعة الاجراءات والسياسات المطلوبة لتحقيق الهدف المنشود. واعتبرت المنظمة ان نجاح دول الخليج في دفع القطاع الخاص، المحلي والاجنبي، للاستثمار في القطاع الصناعي يعتمد على توفير مجموعة من المتطلبات ابرزها بناء عامل الثقة في الادارة الاقتصادية من خلال ضمان المناخ الاقتصادي والاستثماري المواتي، والكفيل بجذب رؤوس الأموال الاستثمارية، وتطوير أسواق الأوراق المالية ودعمها بمجموعة من المؤسسات المالية وبإطار تشريعي وتنظيمي جيد البناء ورسم توجهات اقتصادية وأولويات استثمارية واضحة، حيث من المهم ان يكون المستثمر على بينة بأولويات التوجه الاستثماري للدولة توفيراً للوقت والجهد والمال، مشيرة في هذا الصدد الى انه من الأنسب لدول الخليج العربية توجيه الاهتمام الى الصناعات التي تملك فيها ميزة نسبية كالصناعات البتروكيماوية وتلك المعتمدة على الطاقة. وحضت المنظمة على توفير قدر مناسب من التنسيق الخليجي في السياسات الاقتصادية والمالية والضريبية لما لهذا الأمر من تأثير قوي في تشجيع التجارة البينية، وتلافي الازدواجية وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الخليجية، وبالتالي اجتذاب الاستثمارات الاجنبية، وعلى الاهتمام ببرامج التدريب والتعليم الفني والمهني الصناعي، لإعداد كوادر فنية مؤهلة يعتمد عليها سواء من حيث العدد أو النوعية. ويعتبر ذلك مطلباً اساسياً لأية عملية تنموية بعيدة المدى وكذلك الاتجاه نحو توسيع قاعدة الملكية الخاصة من خلال تخصيص المشاريع الانتاجية المملوكة للدولة أو ادخال القطاع الخاص كشريك اساسي فيها. ورأت المنظمة ان على القطاع الخاص ان يتحرك ويتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في عملية التنمية الصناعية، وهو مطالب بالقيام بدور رئيسي في الجهود الرامية للنهوض بالصناعات الخليجية من خلال ايلاء اهتمام اكبر لنشاط البحث والتطوير باعتباره المدخل الرئيسي للرقي بالصناعة والسبيل لطرح منتجات اكثر قدرة على التنافس في الاسواق المفتوحة ووضع رؤى للدخول في الاسواق الخارجية، ما يتطلب طرح منتجات تتناسب ومتطلبات الاسواق الدولية. علماً بأن معظم المنشآت الخليجية أُسّس لسد حاجة السوق المحلية. كما دعت القطاع الخاص الى الاسهام في تطوير الأيدي العاملة الوطنية وتأهيلها وصولاً الى الاعتماد عليها قدر الامكان في المستقبل، والاهتمام بالتنسيق بين الصناعات القائمة بصورة اكبر مما هو واقع حالياً لتفادي الازدواجية في قيام صناعات متشابهة تقود في العادة الى المنافسة السلبية. ونوهت المنظمة بأهمية الاتجاه الى التخصيص في الصناعات مع التوسع في الصناعات التي تتمتع بها دول المجلس بمزايا نسبية مثل البتروكيماويات، والالومنيوم، والحديد والصلب.