أكدت مصادر خليجية ل "الحياة" نجاح الوساطة التي تقوم بها قطر للتقريب بين السعودية والامارات اثر "عتب" متبادل بشأن التقارب مع ايران. وقالت ان قطر "استطاعت ان تزيل العتب المتبادل". واستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز مساء امس امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ووزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، الذي وصل برفقة امير قطر. وقبل ذلك كان امير قطر زار ابو ظبي واجتمع مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الامارات، في اطار تحرّك قطري لتضييق الفجوة بين دول مجلس التعاون التي أبدت مواقف متباينة بشأن التقارب مع ايران. وأكدت الامارات تعاملها ايجاباً مع "مهمة" الشيخ حمد، إذ ارسلت وفداً رفيع المستوى يرافقه الى الرياض في المرحلة الثانية من جولته التي بدأها بزيارة أبو ظبي. وقالت "وكالة الانباء السعودية" ان القمة السعودية-القطرية، التي حضرها ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الامير عبدالله بن عبدالعزيز، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران الامير سلطان بن عبدالعزيز، ووزير الخارجية الامير سعود الفيصل، جرى خلالها "بحث في العلاقات الثنائية والموضوعات ذات الاهتمام المشترك". وكان في مقدم مستقبلي الشيخ حمد في مطار قاعدة الرياض الجوية، الامير عبدالله والامير سلطان وجمع من الامراء ووزراء الحكومة الجديدة في اول نشاط لهم منذ اعادة تشكيل مجلس الوزراء السعودي الاربعاء الماضي. واختير مطار القاعدة بدلاً من مطار الملك خالد الدولي، للخروج من البروتوكولات، خصوصاً ان زيارة الشيخ حمد للرياض لم تستغرق سوى بضع ساعات، اذ غادرها ليلاً. ورافق امير قطر، الى جانب الشيخ حمدان بن زايد، وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، الذي كان نقل الاربعاء الماضي رسالتين من امير قطر للشيخ زايد والامير عبدالله، تتعلق بالخطوط العريضة لمساعي التقريب بين الرياضوابوظبي، ما لقي قبولاً سعودياً - اماراتياً. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان "السعودية ابلغت امير قطر قبولها المساعي القطرية من دون حاجة الى تكليفه مشقة السفر الى الرياض، لكن الشيخ حمد اكد حضوره". ولوحظ ان الشيخ حمدان بن زايد رافق الامير سلطان في سيارته وتوجها رفقة الامير عبدالله والشيخ حمد بن خليفة اللذين أقلتهما سيارة واحدة، الى منزل ولي العهد السعودي، حيث اجريت محادثات حضرها الامير سلطان والشيخ حمدان، ووزيرا خارجية السعودية وقطر، ووصفتها مصادر مقربة بأنها "أزالت سحابة الصيف، واعادت العلاقات الى سابق عهدها". وقالت "وكالة الأنباء السعودية" انه "جرى خلال الاجتماع تبادل الاحاديث الودية، وبحث العلاقات، واستعراض اهم الاحداث الراهنة على الساحة الخليجية والعربية وفى مقدمها قضية الشرق الاوسط والاراضي العربية المحتلة، كما جرى استعراض شامل لأهم المستجدات الراهنة على الساحتين العربية والاسلامية". وقال الشيخ جميل الحجيلان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي في تصريح الى "الحياة" امس إن "المسعى الذي يقوم به الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر لإزالة أثر حدث عارض، أمر يُقَدَّر لسموه، ويعبر عن حرصه وحرص قادة دول مجلس التعاون على الحيلولة دون ما قد ينال من العلاقات الاخوية الوثيقة بين دول مجلس التعاون"، مؤكداً ان "الاختلاف في الرأي الذي حصل في الاجتماع الوزاري الاخير حول صياغة البيان الختامي في الجزء الخاص بالعلاقة مع إيران كان، في اعتقادي، أمراً عادياً في العلاقات السياسية، على انه ظل امراً عارضاً لا يحمل اي معنى من معاني القطيعة او الخلاف". وقال:"أنا على يقين بأن قادة دول مجلس التعاون، بحرصهم، على توثيق الروابط بين شعوبهم وتعزيز مسيرة مجلس التعاون لن يسمحوا لعارض، كالذي نحن بصدده ان ينال من هذه العلاقة". وزاد: "بالامس الاربعاء وقع وزراء الكهرباء في دول المجلس عقد تأسيس وإشهار هيئة الربط الكهربائي الذي يمثل المرحلة الاولى من مشروع اقتصادي كبير، وعقد الاجتماع برئاسة وزير الكهربائي الاماراتي، وكان اول الموقعين على تأسيس واشهار هيئة الربط الكهربائي". وحرص الحجيلان بذلك على تأكيد التزام الامارات عضويتها في مجلس التعاون. ولم تكشف المصادر عن طبيعة مواقف السعودية او الامارات من القضية المشكلة وهي تأثير التقارب الخليجي- الايراني على موقف الامارات التفاوضي في قضية الجزر، خصوصاً بعد نجاح المساعي القطرية، لكن المصادر ذاتها أكدت في تصريحات الى "الحياة" ان "الدول الثلاث من خلال مشاركتها في المحادثات التي عقدت امس في الرياض، اكدت عمق الروابط في ما بينها ووحدة الهدف والمصير، وشددت على قدرة قيادات المنطقة على تجاوز اي عارض يواجه العلاقات الخليجية". وقال مصدر خليجي رفيع المستوى ل"الحياة" ان "الجهد القطري استهدف ازالة ما علق بالنفوس، وإلا فليس هناك خلاف حقيقي بين السعودية والامارات، وما حضور الشيخ حمدان بن زايد مع امير قطر للرياض الا تأكيد لذلك". وقال الحجيلان ل"الحياة" انه "لا توجد عوائق امام تحديد موعد" لاجتماع تكميلي للمجلس الوزاري الخليجي الذي يضم وزراء الخارجية الخليجيين، لكنه أشار الى ان "موسم الاجازات بدأ في الخليج، وربما يكون الاجتماع بعد هذه الاجازات". وفي ابو ظبي، كان الشيخ حمدان بن زايد اكد ترحيب دولة الامارات بمساعي أمير قطر "لتنقية الاجواء بين دولة الامارات والمملكة العربية السعودية حرصاً منه على روابط الاخوة والصلات التاريخية والمصير المشترك وترسيخ عرى التعاون الذي يخدم المصالح المشتركة لدول المجلس".