بعد أكثر من سبعين سنة مرت على ترك الأشرطة في المخازن، ستعرض أهم الأفلام الكلاسيكية الصامتة مرة أخرى على الجمهور الحديث، بعد أن يتم ترميمها في معامل مختصة. تتضمن هذه أعمال مخرجين مثل جون باريمور، دوغلاس فيربانكس، سيسيل دي ميل، د. و. جريفث، وهي من بطولة نجوم عصر ذلك الزمان مثل الممثلة كلارا بو. بذلك سيكون بوسع الجمهور مشاهدة الأفلام الصامتة كاملة للمرة الأولى ضمن مشروع تكلف مليون دولار بمنحة من الحكومة الأميركية. وكانت هوليوود قد درجت في عزّ شهرة مرحلة الأفلام الصامتة على انتاج ما يقارب السبعمئة فيلم سنوياً. ومع اختراع الصوت في السينما عام 1928، أتلفت الشركات المنتجة العديد من تلك الأشرطة، أو تركتها لغبار الزمن على أرفف المكتبات المختصة. ويقدر العاملون في أرشيف مؤسسة صيانة الأفلام في سان فرانسيسكو، ان خُمس الأفلام الصامتة الأصلية فقط قد نجا، وان نصف المتبقي يحتاج لصيانة متينة. فالأشرطة في الأساس طبعت من خامة النيترات السريعة الاشتعال، ما يمنحها عمراً قصير المدى. كما تحتوي الأفلام على دهون حيوانية تؤدي إلى سرعة التفسخ. وتبعاً للمشروع الذي اطلق تحت عنوان "انقاذ الافلام الصامتة"، سيتم انتاج نسخ من الأفلام الشهيرة وعرض مقتطفات من 67 فيلماً قصيراً، تعود للعقود الثلاثة الأولى من تاريخ السينما الأميركية. ويعتقد روجر ماير، مدير "مؤسسة صيانة الأفلام" المشرفة الرئيسية على المشرع، "ان الزمن يسير بسرعة، وعلينا ان نحفظ تراث مخرجي السينما الأوائل". من جهته، طالب المؤرخ السينمائي كيفن براونلو، وهو مالك مؤسسة صيانة أفلام أيضاً، برفع قيمة المبلغ الممنوح من الحكومة الأميركية "إذا كنا حريصين فعلاً على عدم ضياع تلك الأفلام إلى الأبد". وقال إن ترك تلك الأفلام تتلف هو كأن ترمي روايات روائيين كبار مثل ديكنز وتولستوي لمجرد أنها تراث قديم! واعتبر ان تكلفة انتاج فيلم "تيتانيك" التي تقدر بثلاثمئة مليون دولار، كانت كافية لانقاذ كل الأفلام الصامتة مع الأخذ في الاعتبار اننا نتحدث عن أفلام هي في حال صيانة منذ فترة. الأفلام الصامتة هي جزء من التراث السينمائي ومن تاريخ هذا القرن. وحتى في حال كون هذه الأفلام غير ممتعة للبعض، فهي على الأقل توضح للأجيال الجديدة كيف كان حال الحياة وحال البلاد في تلك الفترة. ويتطلب ترميم تلك الأشرطة، إعادة طباعتها على خامة أفلام لها صلاحية حياة أطول. ومن بين خطوات المشروع، البحث عن أشرطة ضائعة الاصول، وعلى سبيل المثال، فإن فيلم "المرأة الكاهنة" عام 1927، من بطولة غريتا غاربو، ظهر في روسيا في اعقاب الحرب العالمية الثانية. ويقول بروانلو إن كل اختراع استخدمته السينما الحديثة ولد في عهد السينما الصامتة، ففي ظل عدم القدرة على تقديم الحوار كان لا بد من اللجوء إلى لغة بصرية بديلة، لذا يمكن القول إن بعض أعظم أفلام تاريخ السينما هي أفلام صامتة. تشتمل الأفلام المقترح صيانتها على عشرين فيلماً روائياً قصيراً لتوماس اديسون، المخترع الشهير، وأحد المساهمين في اختراع كاميرا الصورة المتحركة. كذلك أول أفلام الويسترن الاثنين والاربعين للمخرج توماس إنس بعنوان "حرب في السهول" 1912، الذي كانت غالبية طاقمه من الهنود، وفيلمه الآخر "شارلوك هولمز" 1922 من بطولة جون باريمور والمخرج توفي عام 1924، أي قبل اختراع الصوت في السينما. كنا ذكرنا هنا مشروع ترميم الأفلام الذي تقوم به القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني. والمشروع بدأ عام 1992 بالتعاون مع كيفن براونلو، وقد انجز حتى الآن: "الحصان الحديدي"، "شروق الشمس"، "شبح الأوبرا"، "نوسفراتو"، "أجنحة" و"مارش الزواج". وتعرض الأفلام عادة عرضاً جماهيرياً بصحبة اوركسترا موسيقية حية، ثم يتم عرضها بعد ذلك تلفزيونياً مع الخلفية الموسيقية الجديدة.