تحولت مباراة الدور النصف النهائي من مسابقة كأس رئيس الجمهورية في تونس إلى كارثة لم يسبق لها مثيل، حيث أسفرت أعمال الشغب والعنف التي صاحبت مباراة الترجي الرياضي والأولمبي الباجي على سقوط 3 قتلى وإصابة عشرات آخرين بجروح بليغة حسب الاحصاءات الأولية. بذلك تحولت مباراة في كرة القدم إلى مأتم وطني. واصيب "التوانسة" بذهول كبير وصدمة قوية عندما شاهدوا تلفزيونياً "هوليغنز" على الطريقة التونسية، وهم الذين لم تعرف ملاعبهم أجواء مثلما عرفها ملعب "باجة" منذ عام 1957 اي منذ تأسيس الدوري التونسي. وبدا لقاء الترجي الرياضي والأولمبي الباجي عادياً في شوطه الأول الذي انتهى بالتعادل 1-1 حيث سجل حسان الرياحي في الدقيقة 16 لباجة وسجل وليد عزيز للترجي في الوقت البدل الضائع في الدقيقة 47. وبالرغم من تعدد الانذارات التي وجهها الحكم الفرنسي للاعبي الناديين والتي بلغت سبعة، فإن ذلك يعود الى طبيعة مباريات الكأس وما تعرفه من اندفاع لطبيعة الرهان. وفي حدود الدقيقة السابعة من الشوط الثاني اكتسحت الجماهير ميدان اللقاء، وشوهد تراشق أنصار الفريقين بالحجارة والقوارير، ما دفع بالحكم الى ايقاف المباراة، وقطع التلفزيون التونسي بثه المباشر وبث اغان "راقصة" في انتظار نقل المباراة الثانية بين الافريقي وشبيبة القيروان التي انتهت بفوز الاول 2-1. ومحافظة باجة في الشمال الغربي لتونس، أو كما تُعرف بعاصمة السكر، يغلب على أهلها الهدوء وطيبة الاخلاق، وتجمع بين الترجي والباجي علاقات صداقة متينة خصوصاً بين رئيسي الناديين سليم شيبوب وعبدالستار بن شيبوب. لكن قلوب أحباء باجة كانت دائماً مع الافريقي، الذي ضم أغلب لاعبيه من باجة مثل ماهر السديري صانع ألعابه ونبيل الكوكي، في حين رفض مراد المالكي نجم باجة الانتقال الى الترجي في بداية الدوري الحالي برغم ارتفاع قيمة العقد، بل ان الافريقي والباجي يشتركان في اللونين المميزين وهما الأحمر والأبيض. ويبدو ان الأبيض رحل من دون عودة في مباراة الكأس ليحضر ما يجمع بين ناديي الترجي والأولمبي الباجي وهو اللون الأحمر، لون الدماء التي سالت على مدارج الملعب الأولمبي وخلفت وراءها خسائر جسيمة في الأرواح: 3 شباب من تونس... في المقابر! وترددت روايات متعددة: ما حدث ربما يكون صادراً عن مجموعة اختارت ان تحضر عرس كأس تونس بعدما ملأت رؤوسها من "كأس" أخرى وعلبات الجعة، فحولت بذلك العرس إلى مأتم، وانجزت سابقة في تاريخ الرياضة التونسية على الطريقة "الهوليغنز". وقد أمر الرئيس بن علي بفتح تحقيق عاجل على المستوى الأمني والرياضي لتحديد المسؤوليات، وجاءت هذه الكارثة الوطنية صفعة للرصيد الضخم من الانجازات والتتويجات الرياضية التي تشهدها تونس منذ اعتلائه سدة الحكم قبل 11 سنة.