السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    المملكة تتصدر دول «العشرين» في نسبة نمو عدد السياح الدوليين    النفط يسجل مكاسب أسبوعية 4 % مع خفض أسعار الفائدة الأميركية    البنية التحتية الرقمية في المملكة.. تفوق عالمي    279,000 وظيفة مباشرة يخلقها «الطيران» في 2030    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    فرنسا تعلن تشكيل حكومة يمينية جديدة برئاسة بارنييه وسط انتقادات سياسية حادة    أمريكا: نحذر من انهيار البنوك الفلسطينية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    «ميترو قول» يواصل صدارة هدافي روشن    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    خادم الحرمين لملك البحرين: نعزيكم في وفاة خالد آل خليفة    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    "طويق" تحصل على شهادة الآيزو في نظام الجودة    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    مسيرة أمجاد التاريخ    نوابغ المستقبل.. مبرران للفخر    الملك سلمان.. عنوان العمل الإنساني !    هنأت رئيسي مالطا وأرمينيا وحاكم بيليز.. القيادة تعزي ملك البحرين    خيسوس: المستوى الذي وصلنا له صعب على أي فريق أن يتغلب علينا.. والهلال بحاجة ملعب خاص به    ليكن التغيير لإحداث الفرق يا نصر    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فلكياً.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    لعبة الاستعمار الجديد.. !    فأر يجبر طائرة على الهبوط    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    نسخة سينمائية من «يوتيوب» بأجهزة التلفزيون    يوم مجيد لوطن جميل    أحلامنا مشروع وطن    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    شرطة الشرقية: واقعة الاعتداء على شخص مما أدى إلى وفاته تمت مباشرتها في حينه    بلادنا مضرب المثل في الريادة على مستوى العالم في مختلف المجالات    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    رئاسة اللجان المتخصصة تخلو من «سيدات الشورى»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة المواقف البريطانية حيال حرب يوغوسلافيا السابقة
نشر في الحياة يوم 04 - 04 - 1999

عادت لندن بسياسييها ونوابها وإعلامها، منذ إطلاق أول صاروخ "كروز" اميركي في حرب كوسوفو الراهنة، الى ذاكرة 1939 كي تستكشف ما إذا كانت حكومة توني بلير العمالية قد جانبت الصواب في مشاركتها دول منظمة حلف شمال الأطلسي ناتو العمليات العسكرية في هذه الحرب. فالبلقان ليست منطقة عادية، بل هي مسرح انطلاق أبشع وأول حرب عالمية في القرن العشرين كلفت أوروبا الكثير في الخسائر البشرية والثروة الاقتصادية. شرارة تلك الحرب انطلقت من البوسنة والهرسك التي تقع في قلب البلقان وانتهت برسم خارطة جديدة لأوروبا والعالم في آن، بعد أن أدت الى انهيار الامبراطورية العثمانية العظمى عام 1917.
مصطفى كركوتي يعقّب:
حيح أن أحداً لا يتنبأ أن تتحول حرب كوسوفو عام 1999 الى حرب عالمية ثالثة لتصبح أول حرب هجومية تشنها منظمة ناتو في اوروبا منذ تأسيسها قبل نصف قرن. ولكن من الطبيعي ان يجري المعنيون مقارنات بأحداث وقعت وتاريخ مضى.
وضمن هذا التاريخ المناقشات الموثقة بين السياسيين وفي أوساط الرأي العام في بريطانيا عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية لوقف التوسع النازي في اوروبا. وقد كان لموقف حكومة نيفيل تشامبرلين البريطانية المحافظة ازاء غزو قوات أدولف هتلر الألمانية لتشيكوسلوفاكيا عام 1939 أهمية بالغة، غالباً ما يعود اليها المراقبون والسياسيون كمثل للتخاذل، أو سوء الفهم عند افتراض حسن النوايا. فقد علق تشامبرلين أثناء رده على مطالبة أعضاء مجلس العموم البريطاني اتخاذ موقف لردع هتلر بأن ما يحدث في تشيكوسلوفاكيا هو "نزاع في بلد ناء بين شعوب لا نعرف عنها أي شيء".
لا شك ان لذلك الموقف ثمنه إذ ثبت فيما بعد أنه كان من الخطأ افتراض أن ما يحدث في الطرف الآخر من أوروبا لا يهم بريطانيا.
ولكن يبدو أن أغلبية السياسيين وصناع الرأي العام البريطانيين قد تعلموا الدرس رغم إعلان البعض من هؤلاء عن موقف يماثل موقف تشامبرلين. حتى الولايات المتحدة البعيدة فعلاً عن مركز الأزمة والتي لا يوجد لها فيه أي مصلحة مباشرة، تتضامن ادارتها مع شركائها الأوروبيين حيث يسعى الرئيس الأميركي بيل كلنتون قصارى جهده لإقناع أعضاء الكونغرس والرأي العام الأميركي بأن موقف تشامبرلين الآن سيلحق أضراراً بالغة بالمصالح الأميركية في المدى البعيد. وواشنطن هي التي تقود العمل العسكري حالياً في يوغسلافيا، إذ من المعروف ان الاتحاد الأوروبي غير قادر وحده على خوض مثل هذه الحرب من دون القدرة الأميركية المتقدمة.
الأمر اللافت للانتباه في التصدي للرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش هو تلاقي تيارات اليمين مع اليسار في دعم قرار الحكومة البريطانية، وذلك على عكس حالة الموقف بالنسبة الى العراق والرئيس صدام حسين.
إذا يخطئ بعض المحللين العرب بتشبيه المسألة الصربية بالمسألة العراقية، وان كل ما تفعله بريطانيا هو مجرد "الطاعة العمياء لسيدها في البيت الأبيض".
كثير من المعارضين البريطانيين لاستمرار العمليات العسكرية ضد العراق، أعلنوا عن تأييدهم لعمليات الناتو ضد الصرب ويعتبرون هذه العمليات "عملاً انسانياً" بما في ذلك بعض الدوائر المحسوبة على حزب المحافظين.
قيادة حزب المحافظين نفسها، وهي يمينية ومعادية لأوروبا والاتحاد الأوروبي بشكل عام، تعارض مشاركة الحكومة البريطانية. إلا أن هذا الموقف يجري تفسيره برفض حزب المحافظين لأي عمل أوروبي مشترك، أكان من خلال اطار الناتو أو من خارجه. وفي رأي هذا الحزب أن تدخل الناتو في كوسوفو سيزيد من لحمة العلاقات الأوروبية ويدفع الاتحاد الأوروبي باتجاه صياغة وتأسيس سياسة دفاعية وخارجية أوروبية مشتركة في المستقبل. ولكن رغم الموقف الرسمي هذا لحزب المحافظين، فان صحيفة "دايلي تلغراف" اليمينية المحافظة وصفت تدخل الناتو بأنه "استراتيجية شرعية" ما دام هذا التدخل لن يستخدم قوات الناتو البرية او ميليشيات "جيش تحرير كوسوفو" للإطاحة بنظام حكم ميلوشيفيتش.
الحكومة البريطانية تبنت سياسة واضحة عبر عنها وزير خارجيتها روبن كوك في خطاب اخير له إذ قال بالحرف الواحد: "لا يوجد أي مكان في العالم مهما كان نائياً ليس له علاقة بمصالحنا الأمنية". ويعكس كوك وزميله وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون، وكلاهما ينتمي الى يسار حزب العمال المعارض للحروب والتدخل العسكري تاريخياً، عناصر الاستراتيجية الجديدة في عالم ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء "الحرب الباردة" القائمة على مفهوم "التدخل الإنساني السريع وحفظ السلام المدعوم بالقوة المسلحة".
هذا المفهوم هو عنوان الاستراتيجية الجديدة التي أضحت استراتيجية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على حد سواء. "شيوخ" اليسار العمالي أمثال توني بن واللورد دنيس هيلي هم الذين أبدوا تحفظات حول التدخل في كوسوفو ويسوقون أثناء ذلك اسباباً قانونية كما يستنكرون إعلاء "شرعية" الناتو على شرعية الأمم المتحدة. وعلى النقيض مع ذلك، أعرب النائب اليساري الشاب وأحد المرشحين لمنصب محافظ لندن كن ليفنغستون، عن تأييده قصف الناتو الجوي ضد القوات الصربية. وقال ليفنغستون الذي غالباً ما يقود الحملات المعادية للعمل العسكري في أي مكان، إن تدخل الأطلسي شرعي وضروري. وبدلاً من أن يشبه النائب اليساري التدخل الراهن في يوغسلافيا بحرب فيتنام، فهو شبه سياسة ميلوشيفيتش ازاء المسلمين الألبان بسياسة هتلر ضد اليهود عشية الحرب العالمية الثانية.
إلا أن اللافت أيضا هو التناقض بين مواقف زعماء وسياسيين سابقين من حزب المحافظين مثل اللورد كارنغتون الذي كان وزير خارجية في أولى حكومات مارغريت ثاتشر، والذي شغل لاحقاً منصب أمين عام منظمة الناتو، واللورد دوغلاس هيرد آخر وزير خارجية بريطانية في آخر حكومات ثاتشر. كارنغتون أبدى استياءه الشديد إزاء التدخل وقال ان التدخل العسكري "ما كان يجب أن يُسمح له أن يقع"، في حين أعلن هيرد عن دعمه غير المحدود لموقف حكومة بلير.
وفي هذه الأثناء عبّر المتحدث عن الشؤون الخارجية في حزب المحافظين مايكل هوارد عن موقف حزبه المعارض للعمليات العسكرية، في حين أنه كان يحث كوك أثناء مناقشة السياسة الخارجية الأسبوعية في مجلس العموم في الأشهر الماضية على ضرورة اتخاذ موقف حازم ويوجه اللوم الى حكومة العمال لتقاعسها في هذا الصدد!
وقد أثار موقف المحافظين الحمية في نفوس الليبراليين البريطانيين الذين يقودهم زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار بادي آشداون الذي دعا الى وضع اقليم كوسوفو تحت حماية الناتو. وقال آشداون ان الحل الأمثل هو "قيام محمية دولية في كوسوفو تعززها القوة العسكرية للناتو". وهذا يعني أن الليبراليين يقفون وراء حكومة بلير ليس في موقفها الراهن فحسب، بل سيؤيدونها حتى لو وافقت، هي وقيادة الناتو، على استخدام قوات برية في مرحلة لاحقة اذا اقتضت الظروف. ولكن في ذلك الوقت قد يبدأ سقوط الضحايا بين صفوف قوات الناتو. الموقف عندها قد يتغير ولا شك أن التحالفات بين مؤيد ومعارض قد تأخذ مسارات مختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.