كشفت صحيفة "واشنطن بوست" امس ما يشبه "حرباً استخباراتية" في العراق، وان عميلاً ايرانياً كان أبلغ طهران عملية تجسس اميركية في هذا البلد انطلاقاً من مقر الأممالمتحدة هناك، وعبر اللجنة الخاصة المكلفة التحقق من نزع اسلحة الدمار الشامل اونسكوم. وأكدت ان الاستخبارات البريطانية نجحت في كشف رسالة العميل الايراني الى طهران. وتعد لجنة المتابعة العربية المكلفة ملف العراق لعقد اول اجتماعاتها في دمشق الأحد المقبل، وسط معلومات عن رفض المغرب المشاركة، في حين اعلنت وزارة الدفاع الاميركية ان الوزير وليام كوهين سيبدأ غداً جولة تستمر حتى 12 آذار مارس الجاري وتشمل السعودية والكويت والبحرين وعُمان وقطر ودولة الامارات والأردن ومصر واسرائيل. وذكر مسؤولون في الوزارة ان كوهين سيجري محادثات مع كبار المسؤولين في هذه الدول تتناول عملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في الخليج والسياسة الاميركية تجاه العراق في ضوء استمرار المواجهة في منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه. وكانت صحيفة "واشنطن بوست" افادت امس ان اجهزة الاستخبارات الاميركية زرعت عملاء ومعدات في لجنة "اونسكوم" للتجسس على العراق وقواته المسلحة من دون علم اللجنة وعلى مدى ثلاث سنوات. وذكرت الصحيفة ان معلوماتها مستقاة من مسؤولين حكوميين اميركيين ومن وثائق "سرية" وان "اونسكوم" لم تعلم بالعملية او تستفد منها، مما يتناقض مع تأكيدات الادارة الاميركية ان ما فعلته كان بالتعاون مع اللجنة لكشف ما يخبئه العراق من اسلحة الدمار الشامل. وأوضحت الصحيفة ان واشنطن زرعت عملاء تقنيين لوضع اجهزة تنصت في معدات اللجنة، بهدف الاستماع الى اتصالات الجيش العراقي التي كانت تتم عبر ابراج تبث على قنوات "مايكروويف". وتابعت ان الاستخبارات الاميركية اغتنمت فرصة تبديل اللجنة الخاصة طريقة ارسال صور كاميرات الفيديو المثبتة في المواقع العراقية الخاضعة للمراقبة، لزرع هوائيات استماع وبث. وامتنعت الصحيفة عن نشر اسماء ثلاثة من التقنيين الاميركيين بناء على طلب الادارة. ونفى الرئيس السابق للجنة رالف اكيوس اي علم له بالعملية في حين نقلت الصحيفة عن الرئيس الحالي للجنة ريتشارد بتلر انه اذا كانت المعلومات صحيحة يكون وأكيوس استخدما من دون علمهما. وكشفت الصحيفة ان عملية التجسس الاميركية كانت موضع تجسس طرف آخر، وان احد العملاء الايرانيين في بغداد بعث بمعلومات ابلغ فيها طهران ان الاميركيين يتجسسون من مقر الأممالمتحدة في العاصمة العراقية. وأوضحت الصحيفة ان الاستخبارات البريطانية اعترضت الرسالة الايرانية وكشفت نصها، وان لندن استفسرت من واشنطن عنها من دون نتيجة. لجنة المتابعة في دمشق اعلنت مصادر سورية ان الاجتماع الأول للجنة العربية المكلفة اجراء اتصالات مع مجلس الأمن لرفع الحظر عن العراق، سيعقد يومي الأحد والاثنين في العاصمة السورية برئاسة وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع وحضور وزراء خارجية الدول الاعضاء في اللجنة. وفيما ترددت معلومات عن رفض المغرب المشاركة في اللجنة لتمثيل الاتحاد المغاربي بناء على طلب عراقي نقله الشهر الماضي وزير الخارجية السيد محمد سعيد الصحاف الى الدول المغاربية، قالت مصادر رسمية ان الشرع اجرى اتصالاً هاتفياً امس بنظيره المغربي السيد عبداللطيف الفيلالي و"تبادلا" الرأي حول اجتماع لجنة المتابعة والتمثيل المغاربي فيه. وأخذ مسؤولون سوريون على العراق عدم التجاوب مع تشكيل اللجنة على رغم الليونة التي اظهرها الصحاف بعد محادثاته مع الرئيس حافظ الأسد والشرع في دمشق نهاية الشهر الماضي، ونوه المسؤولون السوريون بپ"موافقة الدول الخليجية على تشكيل اللجنة والتعاون معها لرفع الحظر الاقتصادي عن العراق". وذكرت مصادر ديبلوماسية ان محادثات الصحاف في دمشق اظهرت "عدم ادراك الحكومة العراقية التغيرات الدولية والوضع السياسي في المنطقة" وان النظام العراقي "يعيش على اوهام الماضي". وتساءلت عن اسباب رفض بغداد التعاون مع لجنة المتابعة التي تهدف الى رفع الحصار عن الشعب العراقي. وسيشارك الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد في اجتماعات اللجنة. وقال الأمين العام المساعد للشؤون العربية السفير احمد بن حلي ان الجامعة اعدت ورقة عمل في شأن سبل تخفيف الحظر على العراق. وذكر ان اللجنة "تضم وزراء خارجية مصر والسعودية والامارات والاردن والبحرين وسورية واليمن وتونس". الى ذلك اكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ان التفتيش عن الاسلحة المحظورة لا يشكل "تعدياً على سيادة العراق" واستبعد انهاء الرقابة على تسلح هذا البلد حتى بعد رفع الحظر، فيما جدد عبدالمجيد دعوته الى وضع سقف زمني للحظر وتخفيف معاناة الشعب العراقي. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أنه لن يحتج لدى واشنطن على المعلومات الخاصة باستخدامها "أونسكوم" لأهداف استخباراتية، ولن يسعى رسمياً إلى تفسير لأعمال التجسس المزعومة. لكنه قال إن "هذه الادعاءات ستجعل الجهود المستقبلية صعبة، ومجلس الأمن هو الطرف الذي عليه التعاطي مع المسألة". وقال أنان رداً على سؤال ل "الحياة" إن مسألة العراق "مسؤولية المجلس" وأنه لعب استثنائياً دوراً شخصياً لايجاد حلول سلمية، لكن "اساليب أخرى تختبر الآن، وعلينا الانتظار لنرى كيف ستتطور". وزاد ان مجلس الأمن يدرك ما يحدث في منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه، وان أي موقف من المنطقتين أو اساسهما القانوني، وأي مطلب لتفسير الأعمال التجسسية الأميركية المزعومة على حساب أهداف "أونسكوم" مسائل "على المجلس التعاطي معها".