تحفل ملاعب كرة القدم في مصر بامتداد اشجار العائلات الكروية من جيل الى جيل، لكن عائلتي إمام الزمالكاوية وعائلة إكرامي الاهلاوية تمثلان ظاهرتين فريدتين مع كرة القدم: الجد يحيى امام كان حارساً لمرمى منتخب مصر ونادي الزمالك في الاربعينات والخمسينات، وجاء الابن محمد يحيى إمام الذي اشتهر بلقب "حمادة إمام" ليفرض نفسه هدافاً فريداً للزمالك والمنتخب في الستينات، واستمرت ثمار شجرة تلك العائلة الخصبة حتى التسعينات الى ان ظهر الحفيد حازم إمام نجماً وهدافاً للزمالك ثم اودينيزي الايطالي ودي غرافشاب الهولندي ومنتخب مصر. وهو اللاعب الأكثر موهبة بين نجوم جيله في الكرة المصرية حالياً. اما بالنسبة الى عائلة اكرامي فنترك الحديث عنها الى الاسبوع المقبل. * حمادة يتكلم "الحياة" التقت حمادة إمام، أحد الأسماء اللامعة دائماً في دنيا كرة القدم المصرية والعربية، وهو من افضل المحاضرين والمعلقين على مباريات الكرة حالياً، ولديه اكثر من برنامج كروي ناجح في التلفزيون المصري. قال حمادة: نشأت في اسرة كروية مئة بالمئة. كان والدي ضابطاً ناجحاً في الجيش وكثير التنقل بين المدن المصرية طبقاً لمكان عمله ورغم عدم تفرغه الكامل لكرة القدم كان الحارس الاساسي لنادي المختلط في الثلاثينات وفاروق في الاربعينات وبداية الخمسينات وهما الاسمان القديمان لنادي الزمالك ولعب كثيراً مع منتخب مصر واشتهر دوماً بشجاعته ومهارته الفنية في توقع ألعاب الفرق المنافسة، وحقق الزمالك ألقاباً عدة معه في مسابقتي كأس مصر ومنطقة القاهرة، كما شارك في نهائيات دورة لندن الاولمبية 1948. وظل يحيى إمام نموذجاً للعب النظيف ولم يتعرض ابداً لعقوبة ولم يتسبب في إصابة أي لاعب حتى اعتزاله ليتفرغ للجيش... لم يكن والدي راغباً في اتجاهي لكرة القدم حتى لا تؤثر على مستقبلي الدراسي وكنت ألعب اساسياً في اشبال الزمالك من دون ان يعرف، وفي احدى المرات انتقلنا الى غزة - 600 كيلو متر شرقي القاهرة - فطلبت ادارة النادي رسمياً منه السماح لي بالعودة الى القاهرة لاداء المباراة الفاصلة على بطولة الناشئين امام الاهلي. وكانت تلك المرة الاولى التي يشعر فيها بأهميتي، وعدت فعلاً وسجلت خمسة أهداف من اصل ستة فاز بها الزمالك على الاهلي وأحرزنا لقب البطولة وصعدت على اثرها للفريق الاول. العصر الذهبي للزمالك وأضاف حمادة: كانت الفترة التي لعبت فيها للزمالك من 1959 الى 1967 هي العصر الذهبي لكرة القدم في النادي، وتمكن هذا الجيل الذي ضم الدو وشاهين وسمير محمد علي ويكن ورفاعي واحمد مصطفى واحمد رفعت وابو رجيلة وسمير قطب وعبده نصحي وعلي محسن والجوهري وطه بصري وعمر النور ونبيل نصير وعفت وفاروق السيد من انهاء سيطرة الاهلي على بطولة الدوري، وأحرزنا اللقب 3 مرات اعوام 60 و64 و1965 مقابل مرتين فقط للأهلي وفزنا بكأس مصر 3 مرات اعوام 59 و60 و1962 مقابل مرتين للاهلي، وكنت محظوظاً دائما بالتسجيل في مرمى الاهلي، وحققت للزمالك الفوز على الاهلي 3 مرات في 4 اعوام. وطوال فترة لعبي في الزمالك لم يتدخل والدي على الاطلاق في أي شيء لمصلحتي لكنه كان يتدخل احياناً لاعفائي من اللعب للانتظام في الدراسة في الكلية الحربية وكان سعيداً جدا بنجاحي الشخصي وجهدي الكبير لكنه كان قليل الاشادة وكثير الاشارة الى الاخطاء التي ارتكبها من الناحية الفنية، وحرص دائماً على اذكاء جانب الروح الرياضية واللعب النظيف في اسلوب ادائي في المباريات... طيار ونجم كروي وتابع حمادة: أجبرت حرب حزيران يونيو 1967 عدداً كبيراً من اللاعبين على الاعتزال المبكر وتفرغت بعدها طويلاً لعملي في القوات المسلحة، الامر الذي حال دون استمراري في الملاعب بعد عام 1973، ثم تفرغت بعد ذلك للعمل الاداري في الزمالك سواء كمدير كرة أو عضو مجلس ادارة حتى وصلت الى مركز وكيل النادي وعملت طويلاً في اتحاد كرة القدم الى جانب التعليق على المباريات... وعندما رزقني الله بطفلين اشرف وحازم حرصت على إعطائهما فرصة ممارسة كرة القدم للهواية فقط في نادي الصيد الاجتماعي الذي لا يشارك في المسابقات المصرية الكبرى، وبمرور الوقت ظهرت الموهبة واضحة عند اشرف ثم حازم لكن اهتمام اشرف بالناحية العلمية والدراسية والطيران كان اكبر من كرة القدم، وبالفعل بات الآن طياراً ممتازاً. واضاف حمادة: سمعت كثيراً من اصدقائي في نادي الصيد ان حازم لاعب موهوب جداً فذهبت لمشاهدته وعمره 16 عاماً وتأكدت من موهبته وقررت نقله الى نادي الزمالك للحصول على فرصة. وفي موسم 93-94 اعطاه الكابتن محمود الجوهري المدير الفني للزمالك وقتئذ - مدرب المنتخب الحالي - الفرصة للعب مع الفريق الاول لمباريات محدودة فأثبت كفاءته، لكن الجوهري رحل في العام التالي مباشرة. وحصل حازم على فرصة اكبر في الموسم التالي، غير ان الزمالك لم يفز بالدوري بسبب نقص الخبرات في تلك الفترة، وتمكن حازم من إثبات وجوده مع الهولندي رود كرول مدرب منتخب مصر الاولمبي في ذلك الوقت وفازت مصر بذهبية الالعاب الافريقية في هراري عام 1995، وبات حازم اساسياً في الزمالك موسم 95-96 رغم وجود عدد ضخم من النجوم الكبار في الفريق الذي اطلقت عليه الصحافة لقب فريق الاحلام. وبات اساسياً ايضاً في منتخب مصر مع كرول، وشارك في نهائيات كأس الامم الافريقية 1996 في جنوب افريقيا ولفت اليه الانظار وانهالت عقود الاحتراف عليه، وكان لا بد من الاختيار واتفقنا على قبول عرض اودينيزي الايطالي عام 1996، وأصبح حازم اول لاعب مصري وعربي يحترف في الدوري الايطالي. ورغم تقدير الجمهور والصحافة المحلية في مدينة اودينيزي لمهارات وألعاب الفرعون المصري حازم الا ان المدرب زاكيروني لم يضعه اساسياً في الفريق بداعي قلة خبرته وضعف بنيانه، وانتظر حازم طويلاً لكي يحصل على فرصة لكن مشاركته كانت محدودة في ظل اعتراض جماهيري وصحافي هائل ضد زاكيروني، وبعد ان فاض الكيل هدد حازم ادارة اودينيزي بفسخ القعد والعودة الى مصر أو اللعب لأي نادٍ أوروبي آخر، وقبل حازم عرضاً هولندياً من نادي دي غرافشاب على سبيل الإعارة في موسم 98-99 الحالي.