تقيم صالة "فضاء فني" "Artspace" معرضاً عنوانه "المبنى في كنف الآخرين" وهو يقام في مدينة سيدني ويشارك فيه فنانون طليعيون من جنسيات مختلفة ومن ضمنهم الفنان السوري فصيح كيسو. وصالة فضاء فني هي صالة تشجع فنون ما بعد الحداثة التي تخرّب المقولات الفنية بمعناها الكلاسيكي وتدعم فنانين ذوي خلفيات ثقافية متنوعة وكتّاب وأدباء، كما أنها مركز للندوات والنقاشات وتهتم بنشر كتيّبات عن الفنون المعاصرة العالمية وتستضيف فنانين من كل البلدان. يشارك في المعرض ستة فنانين مهاجرين: محمد عادل وهو من أصل صربي يعيش في مدينة أديلايد الأسترالية قدّم شريط فيديو أنجزه خلال إقامته في بريطانيا وهو من عشر دقائق، الوقت الذي يستغرقه لقطع المسافة بين مكان سكنه والأستديو الذي يعمل فيه يومياً. بروك آندرو: يعيش في سدني وهو من سكان أستراليا الأصليين أبو رجينز، عمله يقتصر على عرض كلمتين باللغة الأصلية للأبورجينز بواسطة النيون على حائط أسود. فرانز إيهمن: يعيش في بريزبن أستراليا، مهاجر من النمسا، كتب بالطبشور جملة باللغة الألمانية وكررها على مسافة عشرين متراً مربعاً على أرض الصالة، وقدم عرضاً تشكيلياً خلال الافتتاح حيث وضع ثلاثة صحون: الأول مملوء بالحليب والثاني والثالث فارغان فيما يدا الفنان مربوطتان بحبل وهو يستخدم فمه لإفراغ محتوى الوعاء الأول في الوعاء الثاني ثم الثالث لمدة 15 دقيقة. يوجينا راسكو بولوس: تعيش في سيدني وهي مهاجرة من اليونان وقد كتبت على أربع قطع طولية من الزجاج الأسود أربع جمل يابانية بالحرف اليوناني، ولقراءة الجمل تحتاج الى الإلمام بكلتا اللغتين. نيكي فوس: تعيش في أديلاند ومولودة في استراليا من عائلة يونانية، عاشت مدة ثماني سنوات في اليونان. ملأت ثلاثة آلاف كوب من البلاستيك الشفاف بمياه زرقاء كلون البحر على أرض الصالة وأُرفقت بآلة تسجيل وُضعت على الحائط تسمع عبرها أسماء فنانين قَدِموا من أماكن أخرى. فصيح كيسو: ولد في سورية، عاش ودرس في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، أقام معارض في كل من لبنان وسورية وتونس، هاجر الى استراليا سنة 1992، أنهى دراسة الماسترز في الفنون الجميلة في جامعة ملبورن ويُعد الآن رسالة دكتوراه عن الفن العربي المعاصر ومكانته ضمن التيار العالمي الحديث. يشارك في المعرض بتركيبات تحت عنوان "إنهم يقتلون الرقص والراقصات أليس كذلك؟"، وهي مؤلفة من أعمال عدة: في الوسط منشر غسيل استرالي يوضع عادة في فناء المنزل الخلفي، الأرض مغطاة بالرمال وليس بالعشب كما هي عادة في فناء المنزل الأسترالي. وعلى الرمال أفاعٍ بلاستيكية وورود حمراء وصفراء وزرقاء وعلى حبل الغسيل أربعون بدلة رقص شرقي، صمّم ألوانها الفنان في دمشق وُضعت بأيدي حرفيين سوريين. عنوان هذا التركيب "لا تنشر ثيابك الوسخة في الأمكنة العامة"، وجاء هذا العمل بعد معرضه عن الرقص الشرقي في ملبورن والذي أثار جدلاً في الصحافة الأسترالية واحتجاج بعض الراقصات وكاد يوصل الفنان الى المحكمة نتيجة رفع دعويين ضد وضد زوجته ساميا مخائيل التي كانت أنهت فيلماً عام 1996 عن الرقص الشرقي بين الثقافة الغربية والشرقية في أستراليا بعنوان "ضوء أحمر في عز تحليقه". تحيط بهذا الغسيل ستة تلفزيونات تبث فيلماً تجريبياً مستوحىً من الرقص الشرقي مدته 23 دقيقة بعنوان "المربع" وهو أربعة أجزاء سُميت "فاء" رمزاً للخصوبة "هواء" رمزاً للحركة في الرقص، "نار" رمزاً للرغبات و"أرض" رمزاً للإنجاب. أيضاً في الفن التقليدي أرابسك يمثل المربع عالم الدنيا المتجسدة بالعناصر الأربعة: تراب، ماء، هواء، نار. وُضِعت التلفزيونات حول الرمال وبيّنها بطريقة توحي وكأن التلفزيون هو جسد امرأة بثياب الرقص وأعلاه مغطى بقماش الرقص نفسه. من الجهة اليمنى شكّل الفنان بناءَة تجريدية جديدة حيث استخدم أقمشة استقدمها خصيصاً من دمشق لتشكيل هذا العمل المعنون "محلات كيتي". وكيتي هو إسم راقصة استرالية تعمل في مصر حالياً. مع جُملة "أنا أُعرف بكيتي" مطرزة على قماش ذهبي وأحمر وأزرق، وصُوَر لثلاث راقصات كلٌّ في غرفتها طُبعت الكترونياً على قماش مقصَّب وتبدو الصور واضحة برؤيتها من بعيد ومع اقترابك تتموّه وتصبح مجرد ألوان. وقد استخدم كيسو نحو مئة لفّة قماش ليكمل تركيب هذا العمل المبني من دون استخدام ريشة. وعلى اللفافات المسندة الى الحائط علّق بطاقات عمل الراقصات وكتب عليها أرقام هواتفهن والأسعار التي تطلبها الراقصة لعروضها. في الجهة الشمالية ثلاثمئة صورة فوتوغرافية لراقصات أستراليات في بدلات الرقص مطرزة ومطبوعة الكترونياً على ورق خاص للألوان المائية. خيطت بعضها بواسطة ماكينة خياطة، مستخدماً الخيطان الزرقاء والصفراء والحمراء. هذا العمل معلّق بالسقف والأرض بحبال من الصوف الأحمر كطريقة تثبيت الخيم وشدّها. زُيّنت الصور بمجوهرات تقليدية اشتراها الفنان كيسو من دلهي الهند حلق - أساور - عقود ذهبية اللون وعقود من الخرز والبُرَق، كما زينت بشراباتٍ زرقاء وصفراء، وُضعت الشرّابات الحمراء مشكّلة إطاراً للعمل ككل لتقرّبه من فكرة السجادة. في المقدمة وعلى الأرض ثلاث مراوح ذهبية تبعث الهواء لتحرك الزينة كما عندما تهتز شناشيل الراقصة حين ترقص. اسم هذا العمل "ألف ليلة وليلة في ملبورن"، غُطيت أرض الصالة بنثار دائري بلاستيكي لمّاع تزين به عادة ملابس الراقصات ليعكس الأضواء الملونة على جوانب حيطان الصالة، كما تسمع بين حين وآخر أحاديث راقصات يتكلمن عن معاناتهن مع الجمهور الأسترالي وكيفية تلقيه لهذا الرقص بشريط سماعي مدته 34 دقيقة. يتكرر طوال مدة العرض، كما العرض البصري الذي يتكرر بدوره، ولكن مدير صالة "فضاء فني" نيكولاس تساتوس يعتقد أن جمهور سيدني أكثر تفهماً.