IFS توقع شراكة إستراتيجية مع الشركة السعودية للحاسبات الإلكترونية    سمو أمير الشرقية يدشن ملتقى الطرق والنقل بالمنطقة الشرقية    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة تدفع الذهب لقمة جديدة    الأمم المتحدة تدعو إلى تجنّب استئناف الأعمال العدائية في غزة    قوات الاحتلال تعتقل 16 فلسطينيًا من الضفة الغربية    مانشستر يتوعد ريال مدريد.. الليلة    الموافقة على تأسيس جمعية الميتاجينوم والميكروبيوم    نائب أمير منطقة تبوك يرعى حفل مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية بيوم التأسيس    انتهاء تسجيل العقارات في السجل العقاري ل (58) حيًا بالرياض والمزاحمية والدرعية الخميس المقبل    ترودو: كندا سترد بحزم على الرسوم الجمركية الأمريكية إذا لزم الأمر    لبنان يشكل حكومته الجديدة برئاسة نواف سلام تحت ولاية جوزيف عون    قد تصبح «روسية» يوما ما.. لماذا صدم ترمب أوكرانيا؟    نهاية موسم موسى ديمبيلي في الإتفاق    هل يفسخ ليفربول عقد صلاح ؟    القادسية يحافظ على ميشيل جونزاليس    خادم الحرمين الشريفين يهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية بذكرى اليوم الوطني لبلاده    «رونالدو» يحتفل بفوز «ميجيل» و«نونو» ببطولة البادل    تمكين المرأة في العلوم: كاوست تحتفل بإنجازات باحثاتها وطالباتها خلال 15 عامًا من التأثير والتميز    سمو ولي العهد يهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية بذكرى اليوم الوطني لبلاده    «الرياض» ترصد احتفالات مدارس تعليم الطائف ب«يوم التأسيس»    مبادرة "بصمة الأجداد" في أجواء تراثية وأثرية بالبكيرية    مركز تهيئة الدعاوى.. خدمات قضائية متكاملة تواكب المتغيرات    منع استخدام سكاكين المقابض الخشبية في المطابخ المركزية    رئيس الوزراء الصومالي يغادر جدة    5 خطوات تضعك في حالة ذهنية مثالية    1,200 مصطلح متخصص في النسخة الثانية من «معجم البيانات والذكاء الاصطناعي»    «بوسيل» ضحية تعنيف.. أم خطة ممنهجة لتشويه تامر حسني ؟    أمير القصيم يرعى تكريم 27 من الطلبة الأيتام من حفظة كتابه الله والمتفوقين دراسيا    المواقف السعودية ثابتة لم تتزحزح    حادث يودي بحياة معلمة بالمدينة المنورة    إلزام المطاعم بتنظيم حركة مرور مندوبي التوصيل    الإنسان قوام التنمية    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    7.5 مليار دولار استثمارات تقنية في اليوم الثاني ل" ليب"    3.1 مليار لمستفيدي "حساب المواطن"    القيادة تعزّي رئيس ناميبيا في وفاة مؤسس الجمهورية    أمير الشرقية يتسلّم شهادة تسجيل "القرية الشعبية" ضمن موسوعة غينيس    رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون: منتدى الإعلام ينسجم مع الرؤية    رئيس الوزراء الصومالي يزور حي حراء الثقافي بمكة    نائب أمير مكة يطلع على خطة "التجارة" لرمضان    منع بيع التبغ في الأكشاك والبقالات    "هاربن 2025": "أخضر الكرلنغ" يكتسح تايلاند مُسجلاً الفوز التاريخي الأول في الأسياد الشتوية    حرس الحدود ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    انطلاق فعاليات معرض الكتاب بجازان.. اليوم    إيلون ماسك: سأستعمر المريخ    أُسرتا مفتي ومؤمنة تتلقيان التعازي في فقيدهما    Google عن Deepseek تقنيات معروفة ولاتقدم علمي    زهرات كريهة الرائحة تتفتح بأستراليا    فصيلة الدم وعلاقتها بالشيخوخة    علاج مبتكر لتصلب الأذن الوسطى    النمر العربي.. حماية وإعادة توطين    جمعية الكشافة السعودية تُشارك في اللقاء الكشفي الدولي العاشر    "مفوض الإفتاء بعسير": يستقبل آل جابر المُعين حديثًا    عرب الصمت !    فجر السعيد: أعتذر للعراق وأعتزل النقد السياسي    حسن التعامل    تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي للمجندات الدفعة السابعة بمعهد التدريب النسوي    شعبان.. محطة إيمانية للاستعداد لرمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعداد الاولى لدوريات مجهولة . "امنية العرب" لنجيب عازوري
نشر في الحياة يوم 27 - 03 - 1999

اصدر نجيب عازوري في السّالطو اورينتال الاوروغواي جريدة بعنوان "أمنية العرب" وقد ظهر العدد الاول منها في 15 تشرين الثاني نوفمبر 1913، شعارها: "قل ايها العربي شعاري علم، جهاد واخلاص، استقلال وسلام". والجريدة لا تباع، بل "توزّع مجاناً"، وهي انشئت لخدمة "الجمعية العربية الفدائية". وتميّز ورقها باللون الاخضر "لأنه رمز الامل".
لم يحتضن العدد الاول افتتاحية بالحجم والمكان اللذين تعرف بهما افتتاحيات الدوريات الاخرى، ولكن شبه افتتاحية نشرت على يمين الترويسة حيث تنشر عادة اسعار الاعلانات وقيمة الاشتراكات، وقد ورد فيها ان الجريدة انشئت لتكون لسان حال الجمعية التي تعمل على تحقيق "نفع العنصر العربي والبحث في ترقية شؤونه وتنبيه افراده الى الواجب العظيم الأسمى الذي لا تهمله امة تحت الشمس وهو النهضة القومية لتأليف حكومة عربية ينضوي تحت لوائها عرب افريقيا وآسيا المنتشرون في مراكش وتونس وطرابلس وبرقه ومصر والجزائر والسودان وشبه جزيرة العرب وسورية وسواهم".
ونشر على ميسرة الترويسة الشعار التالي: "موتنا قبل تحقيق الامنية لا يقعدنا عن القاء بزورها وريّها بدمائنا". وفي هذا الحيز تنشر الصحف الاخرى، عادة، اسماء المراسلين او "المكاتبين".
يبقى ثلثا الصفحة الاولى، وقد نشر فيهما وقائع "اول اجتماع رسمي عقده اعضاء امنية العرب" المنعقد في 20 تشرين الاول اكتوبر 1913.
ابدى الاعضاء "اسفهم الشديد مما وصل اليه العنصر العربي من الانحطاط والذل وقلقهم من استمرار تدرجه فيهما اذا ظل مضغوطاً عليه في افريقيا وآسيا من الاسبان والفرنسيين والطليان والانكليز والاتراك الذين يعملون على قتل جامعته ولغته ويدعون انهم رؤوفون به، كل ذلك تحت اسم المدنية والاحسان والاستعمار". ثم اقسموا اليمين على التضحية بالنفس "فداء العنصر واللغة متذرعين الى نيل الغاية في البداية بواسطة النشرة ومن ثم بطرف الخنجر وفوهة المسدس".
"الولايات المتحدة العربية" هو عنوان النداء الذي احتل كامل الصفحة الثانية ونصف الصفحة الثالثة. فهل يدعو رئيس الجمعية الناطقين بالضاد كي يقتدوا بالولايات المتحدة الاميركية؟ انه يحث ابناء الضاد على الاستفادة من تجربتين: عريقة وهي التجربة العربية، وحديثة وهي التجربة الاميركية. ان النداء يعتبر التجربة العربية في السنة 89 هجرية هي التي يجدر بكل عربي درسها والعمل على تكرارها، وهو امر غير مستحيل "فحيث توجد ارادة يوجد طريق". ففي هاتيك الاعوام سيّر العرب "حملة معقودة اللواء لطارق بن زياد، فعبر الى الاندلس وبنى حصنه على قمة ذلك الجبل الذي اشتهر باسمه. وظل العرب في اسبانيا حوالى سبعة قرون كانوا فيها اصحاب الحول والطول وارباب الصناعة والتجارة والملاحة والفنون الجميلة. وكانت المكاتب ومعاهد العلم التي انشأوها هناك كمنائر تضيء ظلمات تلك الأعصر ويهتدي بسناها سكان اوروبا وافريقيا وآسيا. فكان الطلبة يفدون من كل بلاد الله ليتلقوا العلم في مدارس قرطبة وغرناطة واشبيلية". صحيح ان العالم العربي مقسّم الى دويلات وامارات، ومستعمر من عدة دول اوروبية وآسيوية. ولكن "اعادة الماضي وصيرورتنا دولة واحدة" ليس مستحيلاً. يمكن ان يتم ذلك اذا تمثّلنا "بأسبق الامم في مضمار هذه الحضارة وهي دولة اميركا الشمالية. فتقسم البلاد الى مقاطعات ويفوّض ادارة كل منها الى شخص قدير تشاركه في تدبير شؤونها فئة من اهل تلك الارجاء ثم تنتخب الامة لها رئيساً عاماً، ولا فرق اذا اطلقت عليه لقب سلطان او خليفة او رئيس او سيّد او أب". ولا يلام صاحب النداء اذا دعا للاقتداء بالولايات المتحدة الاميركية. فالنداء اطلق في العام 1913، اي قبل حوالى عشر سنوات من دخول واشنطن نادي الدول الاستعمارية. فقد كانت في ذلك الوقت، مرؤوسة من قادة يقرنون السياسة بالاخلاق، ويرفعون راية حق الشعوب في تقرير مصيرها، امثال ولسن آخر الرؤساء الاميركان واعظمهم في السياسة الخارجية وحقوق الانسان.
شكيب ارسلان، امير البيان، لم يكن بنظر دعاة الاستقلال اميراً في السياسة، لأنه كان ضد فصل المشرق العربي عن السلطنة العثمانية. فكان من الطبيعي ان يوجه اليه نجيب عازوري اقسى النقد. ومما قاله له: "هل انت ذلك الكاتب الطائر الصيت الذي طالما اعجبنا منذ الصغر بنفثات يراعه وبمنثوراته واشعاره التي بها يعرف الينا سارة برنارد وجان جاك روسو وهوغو وسواهم من علية البشر؟ وهل انت ناسج برد تلك القصيدة الحماسية الغراء يوم حطين ومبدع غيرها مما حارت فيه بصائر المفكرين؟ لقد ركبت متن الخطل وسقطت ويحك من عل. ولقد بات الناس وكلهم يمتعض من سماع ذكرك ورؤية اسمك ويأنف من ان يفتح عينيه على مقالة ممضاة باسمك".
وتحت عنوان "الهدايا" خصصت "امنية العرب" اربع جوائز ثقافية تمنح كل واحدة منها - وهي ميدالية ذهبية - "لمن يؤلف احسن كتاب عربي لتدريس الناشئة، في المواضيع الآتية:
"1- جغرافيا البلاد التي يتكلم سكانها العربية.
2- تاريخ ارقى الدول العربية.
3- الموسيقى العربية ووجوب الانتباه الى اصلاحها، مع رسم بعض الانغام العربية او مارشات لا غبار عليها في نظر الموسيقى الغربية.
4- شيء عن الواجبات الاجتماعية المرعية بين المتمدنين كأدب المكالمة والتعارف ومعاملة السيدات… ويشترط بأن يكون روح الكتاب مما يشوق الطالب الى المجد العربي ويوضح له ضرورة تعلّم الحكم والسيف، ويبغض اليه الكذب وعدم النظافة".
وعاد عازوري الى حث العرب على النهوض، ولكن عبر افكار عملية لا تخلو من الغرابة.
قال: "للعرب اجمعين: تعارفوا وتزاوروا وليعرج التجار واصحاب الثروة ومحبو السياحة من السوريين والمصريين على الجزائر وتونس ومراكش عندما يتوجهون الى باريس او غيرها من مدن اوروبا للاتجار والنزهة".
ثم خاطب المصريين: "اذكروا يوم دنشواي والبسوا فيه شارات الحداد.. انه كان يوماً مشؤوماً اصلت فيه المحتل سيف البغي وطعن صدركم وكاد يقضي على روح قوميتكم". والمعروف ان الانكليز شنقوا في ذلك اليوم عدداً من المصريين بتهمة جرح احد ضباطهم.
واضاف: "اذا قيض الله لكم الاستقلال، فلا تنسوا جيرانكم. ان هجير القفار التي طردوا اليها لم يكن ليجفف مجاري دمائهم وأمامنا البريد ينبئنا بأن الطليان لا ينفكون عن اقتفاء آثارهم حتى الى جوف الصحراء". ويقصد الكاتب الليبيين.
وقال: "للاغنياء والوجهاء والعلماء السوريين: اتفقوا مع كل طبقات الامة وخصوصاً مع اولئك الذين تنظرون اليهم شذراً، اي مهربي السلاح والبحارة، ولا تدعوا الاتراك يستميلونهم، ودعوهم يهرّبون ويربحون، فما انتم مساهمين في شركة الريجي ولا في مداخيل الكمارك، وافهموا ان الحكومة عدوّة لدودة لكم، تجبي اموالكم لاصلاح الاناضول والروملي وتترككم في مؤخرة اتباعها". وضرب مثلاً تدعيماً لرأيه "ذاك الذي دعته بعض الجرائد ازعر اي عبيدو الانكدار يحرض القوم على قتال الطليان ويفرق عليهم الخرطوش" يوم اغرقوا في ثغر بيروت بارجتين عثمانيتين. وهو فعل ذلك "ساعة كان عسكر الاتراك يرتعدون فرقاً من قصف مدافع الطليان".
وانتقل من بيروت الى القدس ليقول للفلسطينيين: "ان القوم استضعفوكم ويتآمرون بكم وسيبيعونكم لأول واغنى المشترين، فتولوا اموركم وكونوا انتم البائعين. بيعوا القدس وضواحيها لليهود. ودعوهم يتولون امورها لقاء مليون او ما يقارب ذاك. واصرفوا المبلغ في شراء خير الذخيرة والاسلحة واستعدوا لطوارئ الايام".
يبقى ان نجيب عازوري الذي اصدر هذه الجريدة في اميركا اللاتينية لتكون لسان حال "الجمعية العربية الفدائية" هو غير نجيب عازوري صاحب كتاب "يقظة الامة العربية". فالأخير هو ابن جريس عازوري، وصاحبنا كما تدل ترويسة جريدته هو نجيب يوسف عازوري. اذ لا يعقل ان يدعو حاكم القدس السابق الفلسطينيين الى بيع القدس الى اليهود، وهو الذي ترك حاكمية القدس احتجاجاً على تسهيل رئيسه الوالي كاظم بك عمليات بيع الاراضي لليهود، وقد حكم بالاعدام مرتين بسبب كتاباته ومواقفه حيال المشرق العربي بعامة، والقدس بخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.