الاميركي جوني ويسمولر هو السباح الأول عالمياً خلال النصف الأول من القرن العشرين. هذه هي النتيجة التي وصلت إليها وكالة "اسوشيتد برس" في استفتاء لها عام 1951. ويسمولر هو صاحب الثورة الضخمة في دنيا السباحة الحرة في العشرينات، وحطم كل الأرقام القياسية لكل السباقات خلال ثمانية أعوام متصلة من 1921 إلى 1928، لم يتعرض خلالها لأي هزيمة، وهو أول رجل ينزل تحت حاجز الدقيقة في سباق 100 متر حرة وتحت حاجز 5 دقائق في سباق 400 متر حرة. ويعود النجاح الفريد لويسمولر الى ثلاثة عناصر، أبرزها الإرادة الحديدية لتحقيق النجاح بعد فترة طفولة صعبة عانى خلالها من الفقر والحرمان ورحيل الأب، وثانيها ولعه بمران الأثقال وتقوية العضلات ما وفر له ميزة ضخمة على أقرانه، وثالثها المدرب الاميركي وليام باتشراش الذي كان واثقاً من قدرات الشاب الصغير ورعاه حتى صار بطلاً لا يقهر. خطف ويسمولر الأضواء في دورة باريس الأولمبية 1924، وأقيمت المسابقات للمرة الأولى في حوض طوله 50 متراً مع وجود حبال حارات للفصل بين المتسابقين في الماء. وكانت البداية مع سباق 400 متر حرة، والترشيحات لمصلحة السويدي أرني بورغ صاحب الرقم العالمي، ولم يتمكن متفرج واحد من تحديد البطل على مدار 300 متر تبادل خلالها السباحان التفوق، ودخل بورغ الامتار المئة الأخيرة متقدماً بفارق ثلاثة أقدام، لكن ويسمولر نفذ نهاية صاروخية لسباح متخصص في سباق 100 متر، وأنهى السباق متقدماً بفارق خمسة أقدام كاملة وسجل رقماً أولمبياً جديداً قدره 2.04.5 دقائق ومتقدماً على بورغ بفارق 4.1 ثانية. وبعد يومين كان السباق المرتقب في سباق 100 متر حرة لتحديد أسرع سباح في العالم، وشارك 30 سباحاً من 15 دولة، لكن الانظار اتجهت نحو ويسمولر صاحب الرقم العالمي 40.57 ثانية، ومواطنه ديوك كاهاناموكو صاحب ذهبية السباق في دورتي 1912 و1920، ومن البداية فرض ويسمولر نفسه وتصدر حتى النهاية، وسجل رقماً قياسياً للدورات الاولمبية بلغ 00.59 ثانية، وظلت الجماهير الفرنسية تصفق له لأكثر من 3 دقائق حتى قال لها بصوته العالي انه سيلتقي معها بعد ساعات في سباق آخر للتتابع. وقاد ويسمولر زملاءه الى الفوز بذهبية التتابع 4×200 متر حرة، وكانت المفاجأة الحقيقية مشاركته مع المنتخب الاميركي في مسابقة كرة الماء وحصوله على الميدالية البرونزية. وفي دورة امستردام 1928 تعرض ويسمولر لموقف بالغ الصعوبة في سباق 100 متر حرة عندما فقد جزءاً من تركيزه لحظة الدوران، وبلع الماء واضطرب جداً قبل أن يستعيد تركيزه وسرعته بعد أن خسر مترين كاملين، وتمكن من تعويض الخسارة وسبق الجميع عند خط النهاية وحقق رقماً اولمبياً جديداً هو 6.58 ثانية وسبق المجري استفان باراني 8.59 ثانية. وأضاف النجم لرصيده ذهبية سباق التتابع 4×200 متر حرة ليكمل انجازاته عند خمس ذهبيات أولمبية في دورتين، وكان قادراً على زيادة هذا الرصيد الى سبع ذهبيات على الأقل لو شارك في الدورة الاولمبية التالية التي اقيمت وسط جمهوره في لوس انجليس عام 1932، لكن ويسمولر اختار طريق المال. كان ويسمولر مشغولاً بالبحث عن طريق يكفل له الثراء والمستقبل المالي المضمون بعد أن حقق أقصى نجاح في دنيا الرياضة، وتحقق حلمه عام 1930 عندما طلبت منه شركة أميركية "بي. في. دي" لصناعة الملابس الداخلية والمايوهات الدعاية لأحدث المايوهات وملابس السباحة مقابل 50 دولاراً اسبوعياً، وكان قانون الهواية الصارم في ذلك الوقت يحول دون الجمع بين المسابقات الرياضية والعمل بأجر في أي مكان، ولم يتردد ويسمولر عن التضحية بالسباحة. ولم يمر وقت طويل حتى صارت صورته وهو يرتدي المايوه موجودة في معظم الشوارع والبيوت في الولاياتالمتحدة، ووصلت بالطبع الى مدينة صناعة السينما في هوليوود، وتلقى دعوة أولاً للاشتراك في جزء من فيلم عن طرزان لكنه أثبت وجوده بسرعة وأصبح الفتى الأول، وقام بدور البطولة في أول أفلامه عن طرزان رجل الغابة الذي يساعد الإنسان والحيوان ويقاوم الشر، وكان العرض الأول لفيلمه "طرزان الرجل القرد" عام 1932 ناجحاً للغاية ما دعا المنتجين الى التعاقد معه لمزيد من الأفلام، ووصل عدد أفلامه الى 19 فيلماً بينها 12 فيلماً لطرزان في 16 عاماً، وقلده في أدوار البطولة لأفلام طرزان ثلاثة أبطال اولمبيون أيضاً هم باستر كراب وهرمان بريكس وغلين موريس، لكن طرزان الاصلي كان الأنجح بجدارة. الطريف أن ويسمولر كان خائفاً في البداية من العمل في السينما، واضطر المنتجون الى اقناعه عن طريق ضغوط من الممثلين العالميين كلارك غيبل وغريتا غاربو، ونجحت الفكرة وبات ويسمولر مشهوراً مثلهما في وقت قصير. استفاد ويسمولر من قوته ورشاقته وبراعته في السباحة في القيام بأعمال صعبة في أدواره السينمائية مثل القفز بين الأشجار والسباحة في الانهار بين التماسيح، وذاعت شهرة قصة حبه مع صديقته جين والقردة شيتا في العالم، وقلد الأطفال طريقته في الصراخ للنداء على جين وشيتا. وبقدر ولعه بالأرقام القياسية والنجاح ثم السينما والأفلام كان ولعه أيضاً بالنساء، وأصبح الفتى الأول لدى معظم فتيات الولاياتالمتحدة في الثلاثينات والأربعينات، وتزوج خمس مرات. تحول في الستينات الى سوق الاقتصاد وإدارة الأعمال حتى توفي عام 1984 وهو في رحلة الى المكسيك. أعوام وأرقام - من مواليد 2 حزيران يونيو 1904 في فرايدروف وهي مدينة كانت تابعة لمقاطعة ساوابيا الألمانية التي قسمت بعد ذلك بين رومانيا والمجر، وكان اسمه عند مولده بيتر يانوش فايسمولر. - هاجر والده وأسرته الى الولاياتالمتحدة بعد 4 سنوات فقط، وعمل والده في أحد المناجم لاستخراج الفحم، ولكن صحته ساءت وانتقل الى شيكاغو حيث توفي صغيراً مريضاً بالسل الرئوي. - كسر جوني 27 رقماً قياسياً عالمياً في مشواره الطويل، وأحرز 52 رقماً قياسياً اميركياً، وفاز بخمس ميداليات ذهبية أولمبية. - البداية كانت في مطلع عام 1922 وعمره 17 عاماً فقط، وحطم الرقم القياسي لسباقي 300 ياردة وتبعه برقم 300 متر. - بعد أيام قليلة من احتفاله بعيد ميلاده الثاني عشر دخل تاريخ السباحة من أوسع الأبواب في 9 تموز يوليو 1922 عندما أصبح أول سباح في التاريخ يكسر حاجز الدقيقة في سباق 100 متر حرة، وسجل 6.58 ثانية. - هو أول سباح أيضاً ينزل تحت زمن 10.2 دقيقتين في سباق 200 متر. وسجل 08.2 دقيقة عام 1927، وظل هذا الرقم الفذ صامداً لمدة 7 سنوات، وكان الرقم السابق 6.15.2 دقيق مسجلاً باسمه أيضاً لمدة خمس سنوات. - أقوى أرقامه القياسية كان في سباق 100 ياردة وسجله عام 1927 بزمن 51 ثانية، وبقي هذا الرقم الاسطوري لمدة 17 عاماً من دون أن يتمكن أحد من الوصول إليه. وعندما تحول للاحتراف بسبب الدعاية والعمل في السينما تمكن من تحطيم رقمه لسباق 100 ياردة، وسجل 5،48 ثانية وعمره 36 عاماً في بطولة استعراضية في بيلي دوز على هامش المعرض العالمي. - ويسمولر هو الأول أيضاً في تاريخ السباحة الذي ينزل تحت حاجز 5 دقائق في سباق 400 متر حرة بزمن 57.4 دقائق عام 1923، ونسخ 6.9 ثوان كاملة من الرقم العالمي السابق الذي كان مسجلاً باسمه أيضاً. - رغم تخصصه الفريد في السباحة الحرة إلا أنه حقق رقماً قياسياً اميركياً لسباق 150 ياردة في سباحة الظهر عام 1923، وشارك المنتخب الاميركي في الفوز بالميدالية البرونزية لكرة الماء في دورة باريس الاولمبية 1924. - رصيده الاولمبي يشمل ذهبيتي 100 متر في دورتي 24 و1928 وذهبيتي التتابع 4×200 متر في دورتي 24 و1928 وذهبية 400 متر في دورة 1924 وكلها في السباحة الحرة. - اعتزل عام 1930 ليتفرغ للدعاية، وعمل في السينما عام 1932. - توفي في 20 كانون الثاني يناير 1984 في اكابولكو بالمكسيك.