تتجه الأنظار الى بون حيث ستعقد في 23 شباط فبراير الجاري قمة الدول الصناعية السبع للبحث في الاقتراحات والقرارات التي ستخرج عنها للمساعدة على مواجهة الوضع المضطرب في الأسواق المالية. وانتهت مساء أمس رسمياً قمة "المنتدى الاقتصادي العالمي" السنوية التاسعة والعشرون في دافوس وسط انطباع عام لدى المجتمعين والمشاركين بضرورة إعادة "هندسة" النظام المالي والمصرفي الدولي حتى لو عنى ذلك اعتماد مزيد من القيود والضوابط في المستقبل المنظور التي تتعارض مع تحرير المبادلات. وعقدت القمة، التي حضرها 40 زعيم دولة و300 زعيم سياسي و300 أكاديمي وعالم وألف رئيس أو مدير تنفيذي من كبرى الشركات الرائدة في العالم، تحت شعار "العولمة المسؤولة" في محاولة من المنظمين للاحاطة بالتساؤلات التي أثارتها الأزمة المالية الآسيوية وتداعياتها منذ 18 شهراً وحتى الآن. وعلى مدى ثلاثة أيام عقدت قمة خاصة داخل القمة كانت جلساتها المطولة مغلقة وضمت نخبة من 60 من رئيس دولة أو وزير وبعض كبار الاقتصاديين والمستثمرين الدوليين. وغلب على الحاضرين الطابع الأوروبي والأميركي، وكان موضوع قمتهم البحث في الاشكاليات التي تواجه العالم اليوم. والخلاصة التي وصل اليها المجتمعون ان "الأزمة قابلة للاحتواء" و"أن هناك ثقة أكبر في الرد على تحديات العولمة التي أدت الى واقع يتخطى باثاره الحدود الجغرافية". وكان هناك اجماع على أن "العولمة أتت لتبقى" وأن "العولمة حيث تجتمع التقنية مع قوى السوق باتت تجتاح العالم" وأنه ليس "هناك نموذج اقتصادي واحد يمكن اعتماده بنجاعة لحل المشاكل القائمة في العالم على رغم العولمة" وأن "هناك قواعد اقتصادية بسيطة واجراءات معالجة لا بد من الاتفاق عليها في كل حالة أو ظاهرة على حدة". واعتبر ان "التحدي الأكبر يكمن في كيفية المحافطة على الاستقرار السياسي كضمانة للمحافظة على الاستقرار السياسي وضمان النمو". وساد اجماع بين المشاركين في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية واللاتينية بأن المساعدات التي تقدمها الدول الصناعية واليابان في شكل خاص ليس كافية وأن "الدول الصناعية لا يمكن أن تنمو إلا إذا نمت الدول النامية والا ارتدت عليها الأزمة". وجرى الاتفاق على ضرورة الهندسة الجديدة للنظام المالي والمصرفي الدولي مع بروز قناعة راسخة بأن المؤسسات الدولية الحالية يمكن أن تعمل في صورة أفضل من دون الحاجة الى اقامة مؤسسات جديدة. وكان هناك توافق على أهمية تحديد المؤسسات الدولية والحكومية والخاصة دور القطاع الخاص وعلى أن "التجارة الدولية تحمل مضاعفات وآثاراً لها جوانب اجتماعية لا بد من مراعاتها بحيث لا تخسر الدعم السياسي الذي يحظى به في المرحلة الانتقالية وتتعرض الى تطبيق سياسات حمائية هدفها ضمان النمو". دعم الأسواق وخفض الفائدة واتفق القادة الاقتصاديون على أن الدول الصناعة تتحمل مسؤولية فتح الأسواق وخفض الفائدة ودعم سياسة النمو اما الدول النامية فمسؤوليتها تتعلق بتطبيق سياسات صندوق النقد الدولي واعتماد الشفافية وتطوير اقتصاداتها وسياساتها المالية لطمأنة المستثمرين. وقال المنسق المساعد للقمة الخاصة السناتور الأميركي جون كيري: "كان هناك شعور بالتفاؤل وبأن كلمة أزمة بُولغ في استخدامها، وما تعلمناه من السوق هو أن الحلول في أيدينا". وأضاف: "ما حدث في آسيا كان فقاعة مصطنعة حيث تدفقت الأموال والقروض من دون تحليل لطبيعة الأسواق وجرى بناء طاقات انتاج مبالغ فيها من مكاتب ومصانع لم يكن هناك سبيل لاستخدامها. والأمر نفسه حدث في أميركا عام 1989 وكانت مصارفنا تعطي قروضاً من دون سؤال والآن أصبحت قوية بعد الهزة التي تعرضت لها. ويمكن الخروج من الأزمة اذا فهمنا قواعد الاستثمار". وقال المنسق الثاني للقمة الخاصة رئيس السلطة المالية في المملكة المتحدة هوارد دايفيس: "ان المناقشات ركزت على الحاجة الى فرض قيود على حركة العملات وأسعارها في بعض الأسواق". وأشار الى أن "نائب الرئيس الأميركي آل غور شدد على أهمية التفاهم على هذه النقطة ونحن ننتظر الرد الأوروبي". وتم التفاهم أيضاً على ضرورة فرض مزيد من الشفافية وسد الفجوات في أسلوب الاشراف الحكومي على الصناديق وحركة انتقال رؤوس الأموال وتطوير أساليب ادارة الأزمات. وأضاف: "ان قمة الدول الصناعية السبع ستحمل حتماً ردوداً على الهواجس والقضايا التي أثيرت في دافوس". وكان الشرق الأوسط حاضراً في المواضيع والندوات التي نظمت وتناولت "العولمة المسؤولة". وأجمع المجتمعون، وبينهم اسرائيليون وفلسطينيون وعرب، على ان مسيرة السلام ربطت حتى الآن بالتفاهم السياسي وقصرت عن ادراك أهمية الجانبين الاقتصادي والاجتماعي في إرساء دعائم السلام. وأظهرت ندوات نظمها "مركز بيريس للسلام" على مدى يومين وجود تماثل في تجارب الشرق الأوسط وايرلندا الشمالية وجنوب افريقيا والبوسنة.