تنتشر في كثير من الدول العربية والإسلامية ظاهرة عجيبة تتمثل في محاولة كل بلد الاستئثار بأثر تاريخي أو بضريح نبي وينسبه جغرافيا وتاريخيا له بينما تجد نفس الأثر في بلد ثان وربما ثالث وربما رابع، ولا تدري أين هي الحقيقة فربما لا تكون في أي من هذه البلاد، فهل نحن عاجزون عن تحقيق وتدقيق تاريخنا؟ أم أن هذا التاريخ شابه الكثير من الطمس والتغيير و التزييف أحيانا. ومن هذه الآثار الهامة «ناقة نبي الله صالح عليه السلام»، حيث تجد لها آثارا في أكثر من موقع وبلد، كل يدعي أنها مرت من هنا، أو قتلت هناك!! وفي رحلة «عكاظ» للبحث عن الحقيقة اتجهنا إلى «الحجر» في مدائن صالح في محافظة العلا وفي الذهن أحاديث كثيرة عن «محلب الناقة»، «بئر الناقة»، «مبرك الناقة»، و «جبل الحوار»، فأما «محلب الناقة» فقد وجدته في منطقة «الخريبة» التابعة لمحافظة العلا وليس في الحجر كما كانت تقول بعض الروايات، وأما «بئر الناقة» فهو في «الحجر» بجانب القلعة العباسية وقد وجدت فتحة البئر صغيرة لا تتناسب مع حجم الناقة المتعارف عليه، كما أن بناءه من الحجر العباسي وليس هناك ما يدل على أنه يعود لفترة الثموديين ولا يقع بين جبلين كما روي عنه. و «جبل الحوار» الذي يقال إنه الجبل الذي هرب إليه فصيل ناقة صالح بعد مقتل أمه ولم يخرج منه حتى اليوم، والذي تتردد حوله الكثير من الأساطير عن أناس يسمعون صوت فصيل الناقة يصدر من جوف الجبل كل يوم جمعة وأن الإبل تجفل ذعرا إذا مرت بالقرب من الجبل يوم الجمعة. وأما «مبرك الناقة» فيقع في جوبة الحجر شمال غرب العلا على بعد 49 كيلو مترا تقريبا وجنوب محطة أبو طاقة على بعد 16 كيلو تقريبا، وهو الموقع الذي يعتقد بعض المفسرين والمؤرخين أن «ناقة صالح» عقرت فيه وهو عبارة عن فج بين جبلين عاليين. ولكن الحيرة تزداد والمفاجآت تتوالى والأسئلة تكثر ولكنها تقصر عن بلوغ إجاباتها، وكل ما في المكان يزداد غموضا حول «الحجر» و «محلب الناقة» و «بئر الناقة» و «مبرك الناقة»، فهل ثبت أن كل هذه الآثار تعود للثموديين أم أنها تعود للأنباط ولحضارات أخرى مرت بهذه المنطقة؟، خاصة وأن لا وجود لأي آثار ثمودية في المنطقة، وحتى تسميتها بمدائن صالح ثبت أن لا علاقة للتسمية بنبي الله صالح وإنما سميت بأم صالح العباسي. محلب الناقة أكد ل«عكاظ» مطلق سليمان أحمد المطلق باحث آثار في إدارة الآثار والمتاحف في الهيئة العليا للسياحة والآثار بمحافظة العلا أن ما يسمى محلب الناقة لا يعدو كونه حوض تطهير منحوتا أمام معبد لحياني قديم كما ذكره الرحالة جوسين وسافنياك وكانت لهما بعض الصور لبعض بقايا الأعمدة التي كانت من بقايا المعبد القديم، وقد يكون من ضمن العلاقات ما بين البطالمة في مصر وهذه المنطقة؛ فكانوا يقيمون دائما أمام المعابد أحواضا منحوتة للتطهير من ضمن هذه العلاقة، خاصة ما هو موجود في سرابيط الخادم في مصر، فوجود مثل هذه الأحواض كدليل، وهذا ما هو ثابت علميا، فهذا الحوض ليس إلا حوض تطهير يسمى محليا بمحلب الناقة وقد اكتسب هذا المسمى من أهالي المنطقة وأصبح دارجا بينهم باسم «محلب الناقة» ولا علاقة له بالثموديين وبناقة صالح عليه السلام، ولا بد من العودة إلى تاريخ هذا المكان الذي يقع فيه الحوض؛ فهذا المكان يعود لتاريخ دولة ديدان ولحيان ويعود تاريخه للقرن السادس قبل الميلاد، ويذكر أن أول من اكتشف هذا المكان هم المعينيون، ولكن يظل الديدانيون هم الأشهر في هذا الموقع، إذ كان المعينيون في الجنوب وحامية اقتصادية في هذا المكان وعلى علاقة مع البطالمة في مصر، واستمرت العلاقة مع وجود الديدانيين والمعينيين جنبا إلى جنب، واللحيانيين عندما انبثقت تلك العائلة اللحيانية من خلال دولة ديدان وأصبحت دولة لحيان أشهر ولها علاقات أيضا مع المعينيين واستقروا هنا وعملوا واجهات مقابر معينية في جنوب الموقع وانتهت الحضارة اللحيانية حوالي منتصف القرن الثاني قبل الميلاد على أيدي الأنباط عندما سيطروا واستقروا شمال هذه المنطقة في منطقة الحجر واتجهوا جنوبا ليسيطروا على هذا المكان تجاريا وبدون حرب في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد ولهم رسومات وكتابات ونقوش كثيرة وبعض البقايا التاريخية. جبل القهر وللحكاية وجه آخر لم يكشف النقاب عن حقيقة مكان ناقة صالح بقدر ما زادها غموضا، ففي جبل القهر التابع لمحافظة الريث في منطقة جازان، وتحديدا في الوادي الشرقي كانت أكثر المناطق وأكثر الحكايات غرابة من بين كل الأماكن التي زرناها، وما يردده السكان عنها أكثر غرابة من كل ما شاهدناه في جبل العجائب هذا، حيث يعتقد معظم الأهالي أن قوم ثمود قد عاشوا في جبل القهر، وأن ناقة صالح قد خرجت من صخرة في جبل في الوادي الشرقي وقد عقرت في نفس هذا المكان، حيث توجد صخرة بها تجويف ضخم يقولون إن الناقة خرجت من رحم هذه الصخرة، وإلى جانبها أثر على صخرة في الجبل يقولون إنه مخرج الفصيل «صغير الناقة». الكهف العجيب وإلى جانب هذه الصخرة يوجد منزل صغير بني من الحجر عبارة عن حجرة واحدة يقولون إنه أحد المنازل الثمودية الأثرية في المنطقة. كما يوجد قريباً منه كهف كبير جداً يعتبر أعجوبة أثرية بحق، حيث يوجد على جدران الكهف آثار لتسعة كفوف مطبوعة على جداره يحيط بكل منها آثار حمراء متناثرة حول الأصابع يقولون إنها آثار دماء، وهي آثار ثابتة لا يمكن إزالتها إلا أنه بمجرد ملامستها فإن لونها الأحمر يطبع على يد من يلامسها، وتقول الروايات المحلية إنه لا يمكن إزالة هذه الآثار رغم محاولات بعض المخربين إزالتها من على جدار الكهف، حتى إن البعض استخدم طلقات نارية لإزالتها، ويرددون حولها ما يشبه الأسطورة بأن هذه الآثار كانت تعود للظهور بعد كل محاولة تخريبية لإزالتها وانتزاعها من مكانها. أما حكاية هذه الكفوف فهي حسب الأهالي تعود إلى التسعة الذين عقروا ناقة صالح، وهم حسب الروايات التاريخية والأحاديث: «قدار بن سالف، ومصدع، وأخوه، وحرابا، ورعينا، وداود خادم الأصنام، والمصرد، ومفرج وكثير» الذين وصفهم الله عز وجل في محكم التنزيل بقوله: «تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون». ويوجد أسفل جدار الكهف قبران أحدهما كبير بني بطريقة تشير إلى أنه ليس على الطريقة الإسلامية، ويوجد بداخله جثة كاملة مغطاة تتناثر حولها الكثير من الجماجم والعظام المتناثرة حولها، مما يدل على أنها دفنت مجتمعة داخل هذا القبر، وإلى جانبه قبر آخر أصغر من السابق توجد به ثلاث جماجم يبدو أنها لرجل وامرأة وطفل دفنوا بنفس طريقة الدفن الجماعي، ويشير الأهالي إلى أنها قد تعود جميعها أو بعضها إلى جثث الذين عقروا ناقة صالح. وإلى الأسفل من الكهف توجد حفرة كبيرة بها آثار حريق محاطة بالحجارة على شكل دائرة وتوجد بنفس المنطقة آثار أخفاف ومنطقة يصدر منها صوت يشبه صوت الناقة. يدعم هذه الفرضية الطبيعة الصخرية للوادي الذي تسكنه هذه الآثار العجيبة. وتوجد في بعض المناطق القريبة منها آثار لهياكل عظمية وجماجم بشرية أثرية تفتح الباب على أكثر من سؤال: هل حقاً عاش قوم ثمود في جبل القهر؟ وهل خرجت ناقة صالح من صخرة في هذا الجبل العظيم؟ الفرضية الجديدة هذه الفرضية التي تتردد على ألسن الأهالي لم تأت من فراغ فقد قام أحد الباحثين وهو هادي علي أبوعامرية بتبني هذه الفرضية ورسم هذا السيناريو التاريخي لهذه الآثار، وبالمقابل واجهته الكثير من الآراء المعارضة لباحثين أثريين يرون أن قوم ثمود إنما عاشوا في منطقة الحجر أو ما يعرف بمدائن صالح. ويقول أبو عامرية: «لفت نظري أن معظم منحدرات جبال القهر منحوتة بفعل فاعل لا بفعل عوامل التعرية، فبدأت في دارسة تلك الظاهرة، وسمعت عن أربعة معالم يتناقل سكان ذلك الموقع روايات عنها، أولها جبل مشقوق يسمع غير بعيد عنه ما يشبه صوت البعير، يقال: إنه صغير ناقة صالح، والثاني صخرة طبعت فيها أكف تسعة نفر، يقال إنهم عاقرو الناقة، والثالث أثر أخفاف في عرصة صخرية يقال هو أثر ناقة نبي الله صالح حيث خرجت من الصخرة، والرابع أرض صخرية يضرب لون صخورها إلى حمرة يقال إن الناقة نحرت في ذلك الموضع، وأن حمرة الصخور من أثر دمها فزادتني هذه المقولات رغبة في دراسة آثار ذلك الجبل، لاسيما أن من ضمن الآثار رسومات تعبر عن حياة أمة موغلة في القدم، قبل معرفة الإنسان الكتابة، ولقد هالني أن أجد دلائل ترجح أن تلك الآثار لقوم نبي الله صالح دون سواهم، لما لمسته من نحوت إعجازية، وتلك معجزة ثمود، فقد كانت معجزتهم التنافس في نحت الجبال». ويؤكد أبو عامرية أن «من يزور ذلك الجبل في منطقة الريث في منطقة جازان يلاحظ إذا انحدر إلى الواديين بعد أن ينحرف يسارا ليشاهد جبلا في ارتفاع هرم خوفو، منحوت من قمته إلى قاعدته، وقد وضعت أمامه صخرتان متلاصقتان، إذا جلس الزائر على الصخرة المطلة على الوادي، ورفع رأسه إلى الجبل، سيرى الجبل فوقه كأنه ظله، وقد يقشعر بدنه، ليس هذا المهم، المهم أنه سيرى حافة الجبل تقسم رأسه نصفين، تمر بمنتصف رأسه، وإذا انتقل إلى الصخرة الأخرى، بفارق بضع سنتيمترات، ونظر فوقه سيرى أن الجبل يظلله رغم بعده عن قاعدته». ويشير أبو عامرية إلى أن الصخرتين وضعتا بحساب دقيق فوظيفة هذا الجبل المكهف الحماية من المطر، والصخرتان تحدانه من الأمام، ومن يجلس على الصخرة التي في جهة الوادي، قد يصيبه رذاذ المطر إذا كان الريح عاصفاً، فإذا تزحزح شبرا وجلس على الصخرة الأخرى فلن يصيبه المطر البتة، ناهيك بمن يكون في القاعدة أو بين الصخرتين، وأصحاب المزارع التي تجاوره يضعون فيه قصب الذرة بسنابله حال حصاده ليجف دون أن يصيبه المطر، فهو يحميه من المطر ويوفر له الهواء كما لو كان في العراء، وهذا المفهوم توارثته الأجيال، وهذه العقود توجد في الغالب بالقرب من المزارع». ويضيف أبو عامرية: «النحوت الأخرى التي رسمت تحتها لوحات ملونة، وبعضها غير ملونة سواء في الشرق أو الشمال أو في الواديين، هذه الصخور أو الجبال الصغيرة نحتت من أجل أن تصبح لوحات للرسم، وهناك لوحتان في الشرق، الأولى لوحة فارس، والصخرة التي رسمت فيها هذه اللوحة، منحوتة على هيئة فطر عش الغراب، وعمر هذه اللوحات بعمر هذه الحضارة، وهو في اعتقادي لا يقل عن خمسة آلاف سنة، ولا يزيد عن سبعة آلاف». ناقة صالح وعن الصخرة التي ولدت ناقة نبي الله صالح عليه السلام يقول أبو عامرية إن «جميع المؤرخين السلف، وكذلك المفسرين، ذكروا أن ثمودا طلبوا من نبيهم على سبيل التحدي أن يخرج لهم ناقة من صخرة بعينها، فواعدهم في يوم عيدهم الاجتماع عند الصخرة، ثم وقف أمام الصخرة ودعا الله فتمخضت وخرجت منها ناقة عشراء، وفي جبل الشرقي في أرض شبه مستوية، توجد صخرة على جانب احد الأودية، مجوفة والقلع الذي خرج من جوفها، والذي تقلع عن جوانبها لا يزال موجودا ذات اليمين وذات الشمال منها، ويخترق هذه الصخرة التي اقدر ارتفاعها بخمسة عشر مترا أو اقل قليلا، أثر ناقة يبدأ من جانبها الغربي - مما يلي الوادي - والأثر ليس قادما من غير الأكمة «الصخرة» وبجواره أثر فصيل حديث الولادة، ثم يخترق أثر الناقة الأكمة شرقاً، وينقطع اثر فصيلها، ومن يقف أمام هذه الصخرة، ويحاول جهده أن يعزو هذا التجويف الكائن فيها، إلى أي عامل من عوامل التعرية، فلن يستطيع نسبته إلى غير خروج شيء من جوفها، فلم لا تكون تلك صخرة الناقة والأثر أثرها». صخرة المعاهدات ومن الشواهد التي تدعم الرأي القائل أن ثمود كانت في «جبل القهر» صخرة تسمى صخرة المعاهدات طبع على هذه الصخرة تسعة أكف باللون الزهري أحدها لغلام، وتحت الصخرة قبران، يحويان تسع جثث، إحداها لغلام، فإذا علمنا أن المفسدين في ثمود، الذين بيتوا قتل نبي الله صالح، وعقروا الناقة، كانوا تسعة، تاسعهم غلام، وهو من قتل الناقة، بعد أن تهيب قتلها الآخرون، وأن التسعة اختبأوا تحت صخرة ينتظرون الليل حتى يقتلوا نبي الله صالح، فأرسل الله عليهم ملائكة رضختهم بالحجارة حتى هلكوا، تحت تلك الصخرة، فهل هذا مجرد توافق عددي؟ والأشد غرابة أن بين صخرة المعاهدات هذه، والصخرة التي خرجت منها الناقة، صورة باللون الزهري مرسومة بأسلوب شبه بدائي، تعبر عن حيوان يخرج بمشقة من صخرة، وليس في جزيرة العرب على مر التاريخ قصة حيوان ولدته صخرة، غير ناقة نبي الله صالح. ومما لا شك فيه أن هذه النظرية بحاجة ماسة إلى دراسات متخصصة مستفيضة لإثبات صحتها من عدمه، لأنها وبلا شك من شأنها أن تقلب عدة مفاهيم وحقائق تاريخية في حال ثبوتها. دحقة الناقة ولا تنتهي رحلة العجائب عند هذا الحد لا غرابة ولا جغرافيا؛ فقد وصلت رحلتنا هذه المرة إلى مدينة صلالة في منطقة ظفار في سلطنة عمان، وتحديدا في موقع يسمى «الدحقة» نسبة إلى دحقة الناقة وتقع في حي شعبي وسط مدينة صلالة. والدحقة هي آثار غائرة لخف الناقة حفرت في صخرة كبيرة، وعند وصولك إلى الموقع ستشاهد مبنى رئيسيا مفتوحا أمامه لوحة كتب عليها «حسب الروايات المتوارثة منذ قديم الزمان فإن هذا المكان يسمى بالدحقة نسبة لدحقة الناقة؛ أي أثر الناقة الواضح على الصخرة ويقال إن هذا الأثر يعود لناقة سيدنا صالح عليه السلام والتي خلقها الله آية لقوم ثمود». وعند دخولك من الباب ستجد مبنى مربع الشكل تقديرا بإمكانك السير فيه حول الأثر من ثلاث جهات وقد وضع سياج من ثلاث جهات بارتفاع 60 سنتيمترا تقريبا، والأثر تشاهده عن ارتفاع مترين حيث يوجد درج للنزول ينتهي بمغارة صغيره كتب عليها خطر؛ خوفا من سقوط سقف الغار، وهي صخرة كبيرة الحجم تتخذ شكلا مستطيلا بأضلاع طولية 6 أمتار وعرض ثلاثة إلى أربعة أمتار عليها آثار غائرة لخف الناقة متتالية ولا يوجد مسافات كبيرة بين الآثار التي تتخذ شكلا مستقيما، وحسبت عدد آثار الأخفاف فكان عددها عشرة، وأعتقد شخصيا بأنها أصغر بكثير من أن تعود لناقة النبي صالح عليه السلام؛ حسب وصفها في القرآن الكريم والأحاديث النبوية. ولا تقف الحيرة في تحديد موقع الثموديين وناقة صالح عند حدود صلالة ولكنها تتعداها هذه المرة بعيدا عن مدينة صلالة بمسافة 165.5 كيلومتر حيث يوجد ما يسمى بضريح النبي صالح في وادي أنحور بين حاسك وحدبين عند رأس نوس، وفي الروايات التاريخية يذكر أن هناك نبيا من أبناء هود عليه السلام دفن في أرض ظفار. خرافات وأساطير الدكتور محمد البلوشي رئيس قسم الآثار في جامعة السلطان قابوس، واحد من أبرز الباحثين الثقات في علم الآثار ذكر ل «عكاظ» أنه لا يوجد دليل علمي واضح على أن الدحقة تعود لناقة النبي صالح عليه السلام، مشيرا إلى أنه في منطقتنا حلت الأسطورة والرواية الشعبية محل الدليل العلمي المبني على دراسات تحليل نصف العمر والكربون 14 وأعمال التنقيب الأكاديمية المعتمدة. ويطالب البلوشي بإنشاء هيئة خليجية أو عربية ومركز معلومات موحد؛ لدراسة وتوثيق وتحقيق جميع آثار المنطقة، وتأسيس قاعدة معلومات مشتركة من شأنها أن تمنع الأخطاء وتكرار المواقع الأثرية وكل بلد ينسبها لنفسه كما هو حاصل الآن في معظم الدول العربية والإسلامية. ويضيف البلوشي أن «معظم الآثار ذات الطبيعة الدينية مستغلة سياحيا أكثر من استغلالها علميا وبحثيا، وهذا لا بأس به، ولكن لا غنى عن استغلالها علميا وبحثيا». مجتمعات عاطفية ويتفق الدكتور سالم بخيت تبوك أستاذ مساعد بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس مع الدكتور البلوشي في مطالبته بإنشاء هيئة وقاعدة معلومات مشتركة لدراسة وتصنيف الآثار، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المجتمعات العربية بشكل عام مجتمعات عاطفية مأخوذة بالأساطير والخرافات. ويؤكد الدكتور تبوك على أن كثيرا من هذه الآثار إنما اكتسبت قيمتها العالية في نفوس من يزورونها نتيجة لثقافة شعبية عامة متراكمة، ولم تكتسب هذه القيمة العالية نتيجة دراسات وأبحاث وتدقيق علمي من قبل جهات مختصة وعلماء ثقات ودلائل تقنية تثبت نسبة هذه الآثار لأصحابها الحقيقيين، وهذه كارثة علمية وتاريخية لا يجب السكوت عليها والتساهل بشأنها مهما كلف الأمر، ولا بد من تكاتف الجهود بين الجامعات ومراكز الأبحاث، ليس على مستوى دول الخليج العربي أو الدول العربية أو الإسلامية، بل على مستوى العالم أجمع؛ لأن هذه الآثار التاريخية الهامة إرث وتاريخ إنساني عالمي، ولا بد من تحرك منظمة اليونسكو بهذا الاتجاه سريعا جدا، وتبقى حقيقة أين عاش الثموديون حائرة بين البلدان كما هو موقع آثار ناقة صالح الحائرة بين الحجر، صلالة، وادي أنحور، وجبل القهر، وهناك روايات تقول بأن مقام النبي صالح هو يقع في المقبرة الإسلامية جنوب مدينة عكا الفلسطينية فيما تشير روايات أخرى بوجود مقام آخر للنبي صالح في جنوب العراق، وأخرى تذكر وجود مقام النبي صالح في سوريا، وأخرى تزعم وجود القبر في وادي سر في حضرموت، وجميعها لا دليل عليه. ويستمر التاريخ غامضا لا يجد من يفك شفرته بالكامل، وتزداد الحقائق غموضا في جدل الأماكن.