} حافظت الموازنة السعودية الجديدة في إطارها العام على الرؤى الاساسية التي انتهجتها الحكومة منذ اكثر من خمسة اعوام، وتتضمن ترشيد الانفاق وتوسيع قاعدة الايرادات وتنويع مصادر الدخل. ويعتقد الاقتصاديون ان الموازنة بنيت على اساس تحفظي لاسعار النفط للسنة المقبلة. ومن المتوقع ان تتجه وزارة المال الى الاقتراض من المصارف التجارية على رغم ان بيان الموازنة لم يُحدد جهات الاقتراض كما في الاعوام السابقة. لكن المصرفيين يؤكدون ان الاقتراض سيكون داخلياً "الا في نطاق ضيق". أعلنت السعودية مساء اول من امس خفض العجز في موازنتها العامة لسنة 2000 الى 28 بليون ريال نحو 7.5 بليون دولار من 44 بليون ريال 11.7 بليون دولار وهو العجز التقديري للعام الحالي وبنسبة 36.4 في المئة. وحددت البيانات الرسمية الصادرة من وزارة المال السعودية الانفاق المقدر للعام المقبل ب 185 بليون ريال 49.3 بليون دولار في مقابل ايرادات متوقعة تبلغ 157 بليون ريال 41.9 بليون دولار وفي بيان ارفق مع الموازنة قالت وزارة المال ان العجز الفعلي في موازنة 1999 بلغ 34 بليون ريال نحو 9.1 بليون دولار بانخفاض عشرة بلايين ريال عن الرقم الاصلي المتوقع. واضافت الوزارة ان صعود اسعار النفط مكّن السعودية من خفض عجز ميزان المعاملات الجارية بأكثر من 70 في المئة الى 6،14 بليون ريال السنة الجارية. وكانت موازنة العام الجاري تتوقع الايرادات في حدود 121 بليون ريال والانفاق عند 165 بليوناً الا ان وزير المال السعودي الدكتور ابراهيم العساف اعلن ان الايرادات الفعلية بلغت 147 بليون ريال في مقابل نفقات فعلية وصلت الى 181 بليوناً. وبهذه الارقام تكون السعودية خفضت عجز موازنتها التقديرية الماضية 4.2 بليون دولار وزادت مصروفاتها التقديرية للسنة المالية المقبلة بنحو 2.2 في المئة بواقع 1.06 بليون دولار. وكانت اسعار النفط في النصف الثاني من السنة الجارية حققت للسعودية نحو 6.9 بليون دولار زيادة على توقعات دخل الحكومة من النفط التي قدرت عند صدور الموازنة السنة الماضية ب 32.2 بليون دولار. وواجهت الحكومة السعودية الفجوة بين ايراداتها الفعلية ومصروفاتها عن طريق الاقتراض الداخلي من المصارف التجارية الذي بلغ العام الماضي نحو 7.46 بليون دولار. ومن المتوقع ان تتجه وزارة المال السعودية الى الاقتراض من المصارف التجارية على رغم ان بيان الموازنة الجديدة لم يحدد جهات الاقتراض كما في الاعوام السابقة. ولكن المصرفيين في السعودية يؤكدون ان الاقتراض سيكون داخلياً "الا في نطاق ضيق". وحددت ملامح النفقات العامة للدولة لثمانية مرافق رئيسة التعليم والتدريب، الصحة، البلديات والمياه،النقل والمواصلات، التجهيزات الاساسية والصناعة والكهرباء والاعانات الاجتماعية في الموازنة بما يزيد عن 25.6 بليون دولار بزيادة نسبية عن العام الماضي تراوح بين اربعة وتسعة في المئة، ولم تشر الموازنة التقديرية للحكومة السعودية الى بيانات القطاعات العسكرية كما في الاعوام الخمسة الماضية. وقال اقتصاديون في السعودية التقتهم "الحياة" ان الموازنة حافظت في إطارها العام على الرؤى الاساسية التي انتهجتها الحكومة السعودية منذ اكثر من خمسة اعوام، والتي تتضمن ترشيد الانفاق وتوسيع قاعدة الايرادات تنويع مصادر الدخل. ويعتقد الاقتصاديون انفسهم ان الموازنة بنيت على اساس تحفظي لاسعار النفط للسنة المقبلة على رغم ان المؤشرات تؤكد ان خام القياس "برنت" سيبقى عند حدود 20 دولاراً للبرميل العام المقبل بما يشير الى سعر بين 18 و 18.5 دولار لبرميل النفط السعودي، وبالتالي فان احتمالات خفض العجز واردة كما تحقيق الوفر في حدود جيدة شرط استقرار اسعار النفط. من جهته قال المدير العام ل"مركز بخيت للاستشارات المالية" السيد بشر بخيت ان الموازنة العامة للسعودية لا تزال تتأثر كثيراً بالنفط الذي اعتبره "سلاحاً ذا حدين" وبرز الحد الايجابي خلال السنة الجارية اذ ارتفعت اسعار النفط بنسبة 150 في المئة. واضاف ان تقليص الاعتماد على اسعار النفط سيتأتى عبر عملية اعادة هيكلة الاقتصاد السعودي ليكون اعتماده على القطاع الخاص والايرادات غير الحكومية وغير النفطية، لافتاً الى ان المجلس الاقتصادي الاعلى ومجموعة الخطوات التي اتخذتها السعودية اخيراً "سترتقي بالنظام المالي السعودي الى درجات تنافسية وستعمل على نمو القطاع الخاص الذي سيقلل بدوره من اعتماد الدخل القومي على القطاع العام". ومعروف ان الاقتصاد السعودي يعتمد على النفط رغم محاولات تنويع مصادر الدخل في السنوات الاخيرة والتي رسمت اتجاهاتها في القطاع الخاص وصناعة التعدين اضافة الى الصناعات التكميلية. وينتظر ان تحقق صناعة التعدين والصناعات التكميلية في السعودية نقلة نوعية في السنوات المقبلة في اتجاه تنويع مصادر الدخل ان اتيح لها ان تدخل مراحل التطوير في الاشهر الاولى من السنة المقبلة.