المؤتمر الدولي للشباب للألفية الثالثة الذي احتضنته جزر هاواي شكل لوفد من الشباب المغربي فرصة لعقد لقاءات وإقامة صداقات والتعريف بالمغرب وبخصوصياته وبطموحات شبابه. وكان هذا المنتدى العالمي الذي نظم بمبادرة من منظمة طفل السلام العالمية Peace child international بمشاركة ألف شاب وشابة من مختلف مناطق العالم استمراراً لقمة الأرض التي سبق عقدها في ريو دي جاهنيرو، وذلك من أجل إرساء قواعد حوار مثمر بين شباب العالم حول القضايا التي ستحبل بها الألفية المقبلة المرتبطة على الخصوص بالبيئة وتطبيق المخطط العالمي الذي تبنته قمة الأرض سنة 1992، بالإضافة الى إعطاء فرصة للشباب لدراسة التحديات التي ينبغي رفعها في مختلف الميادين. وتوجت المشاركة المغربية بعشرين شاباً وشابة، باختيار المملكة المغربية لاستضافة المؤتمر المقبل للشباب المقرر عقده عام 2003، وهو ثمرة مجهودات قام بها الوفد تميزت بحملة واسعة من أجل هذا الاحتضان، بتوزيع قمصان صيفية وقبعات تم تصميمها خصيصاً لهذه المناسبة، وبواسطة الرواق المغربي الذي شهد تدفقاً كبيراً للزوار والمشاركين، حيث استمعوا الى شروحات وتوضيحات قدمها الشباب حول أهداف الجمعيات الشبيبية في المغرب ومدى استعدادها لاحتضان مثل هذه التظاهرات. ووقف الزوار من جهة أخرى على منتوجات الصناعة التقليدية المغربية وعلى مجموعة من المعالم السياحية. وشارك الوفد المغربي لدى وصوله الى هاواي في دورة تكوينية نظمتها رئاسة مجلس المؤتمر حول القضايا المدرجة في جدول أعمال اللقاء. وطرح الشباب المغربي في المؤتمر مجموعة من التصورات التي يراها كفيلة بتأسيس مجتمع يعتمد الديموقراطية كأسلوب لإدارة الشأن العام، وطرق خلق آليات اقتصاد تضامني منعش للشغل. كما تقوم هذه التصورات على ضرورة اهتمام الدول بإشاعة قيم العدل والتسامح والاهتمام بنشر ثقافة حقوق الانسان وايجاد مرصد بيئي للشباب ولاصدار إعلان عالمي للحق في التنمية والحق في البيئة وتكوين الجمعية العامة لشباب الأممالمتحدة. كما ان الرؤية المستقبلية للشباب المغربي، التي أطلع عليها المؤتمر، لم تكن سطحية أو تقريرية، بل كانت بمثابة عصارة استشارة واسعة شملت 180 ألف شابة وشاب من مختلف مناطق المغرب والشرائح الاجتماعية، انبثقت عن المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي نظم قبل أشهر في بوزنيقة 35 كلم جنوبالرباط تحت شعار "الشباب في خدمة التنمية المستديمة"، وانتخب المؤتمر شابين هما: مريم بلحاج وعزالدين الرحلوني لتمثيلهم في الجلسات الرسمية لمؤتمر هواي وتقديم التقرير الوطني الذي رسمه الشباب في نقاش مفتوح وحر، يجسدون فيه استراتيجية وطنية تحدد الأولويات. وركز الشباب في هذه الاستراتيجية على تعميم التغطية الصحية، والقيام بحملات للوقاية من الامراض المتنقلة جنسياً في المؤسسات التعليمية، وتطوير التكنولوجيا في المجال الطبي، وتقليص خطورة العدوى، والدعوة الى إدماج مفاهيم التربية على حقوق الانسان ضمن المناهج التعليمية، والتشديد على إصدار قوانين زجرية ضد استغلال الأطفال. ووجه الشباب المغربي نداء الى شعوب وحكومات العالم من أجل دعم السلام ومنع مشاركة الشباب عماد الأمم، في النزاعات المسلحة، وأعمال العنف، والاضطهاد وكراهية الأجانب. واقترحوا من أجل القضاء على البطالة والفقر، إرساء قيم التضامن وتشجيع الاستثمار ودعم مقاولات الشباب، ومحاربة الرشوة من أجل تغليف الحياة العامة. وللإشارة فإن المؤتمر الوطني الأول للشباب حظي بالرئاسة الفعلية للملك محمد السادس، ولي العهد آنذاك، وبتكليف المغفور له الملك الحسن الثاني للوزير الأول الاستاذ عبدالرحمن اليوسفي لتهيئ الشباب المغربي للمشاركة في مؤتمر هاواي. فشكل إثر ذلك لجنة وزارية سهرت على تنظيم الاستشارة. كما اقترح الشباب المغربي من جهة أخرى إرساء تعاون دولي متكافئ ووضع آليات لتأهيل الشباب وتشجيع المبادرات الحرة. ولم يفت الوفد المغربي في هذا الجمع فرصة دعوة المشاركين الى حث دولهم على مساندة المغرب ومن خلاله القارة الافريقية - قارة الشباب لاحتضان كأس العالم 2006 لأول مرة بهذه القارة. اهتمام اميركي وبذلك كانت نشاطات الوفد المغربي الشاب، غنية ومكثفة، استأثرت باهتمام الصحافة المحلية، حيث نشرت صحيفة "ذي هونولولو أذير سيزر" صوراً للوفد المغربي أثناء تأديته النشيد الوطني خلال أول تجمع للشباب المشارك في المؤتمر، وبثت القناة التلفزية "ك أي تي في" و"اي بي سي" في إحدى نشراتها الرئيسية لقطات لشباب مغاربة وهم يقومون بغرس 900 شجرة في حديقة السلام. كما كان الوفد محط تنويه نادي الروتاري الدولي، وأشادت رئيسة الشعبة المحلية لجمعية الأممالمتحدة في الولاياتالمتحدة من جهة أخرى، بالمناخ الجديد الذي يشهده المغرب بعد تولي الملك محمد السادس الشاب العرش، وبالمؤسسات والهيئات التي تمت إقامتها لحقوق الإنسان والشباب. ومن ضمن المكتسبات الأخرى التي حققها الوفد اختياره بإجماع من وفود الدول الافريقية، وانتخابه كناطق رسمي باسم شباب القارة الافريقية خلال الجلسة العمومية للمؤتمر، كما حظي بشرف القاء الكلمة في الجلسة الافتتاحية، ومصادقة المؤتمر على مشروع انشاء شبكة لإفريقيا والعالم العربي في مجال التربية على حقوق الانسان والبيئة في المغرب، وتقديم المؤتمرين المغاربة الى "صندوق الألفية" 36 مشروعاً في مجالات تتعلق بأوليات حددها المؤتمر. ورافق الوفد المغربي الشاب في المؤتمر وفد رسمي يتقدمه ادريس الكراوي المنسق الوطني للمؤتمر ومصطفى دانيال من المرصد الوطني لحقوق الطفل ومنسق مشروع "التربية في مجال حقوق الانسان والطفل" وممثلون عن وزارة التربية الوطنية ووزارة الشؤون الثقافية وكتابة الدولة المكلفة بالبيئة. وعبر الكراوي في كلمة الاختتام باسم الوفد المغربي عن يقينه بأن في توحيد صفوف شباب العالم ومشاركتهم الجماعية والأخوية في تحديد القضايا الكبرى ومناقشتها، سيتمكنون من تحقيق الكثير لفائدة هذا العالم ولمستقبله. وأشار الى ان المؤتمر شكل "قصة جميلة" كان أبطالها شباب جمعهم الحب والأخوة والصداقة والتآزر، ستجد استمراريتها في مؤتمر 2003 في المغرب ان شاء الله.