أشادت الحكومة البريطانية امس بالعلاقات الوطيدة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة في المجالات كافة السياسية والاقتصادية والعسكرية، بينما اكدت على التزامها بأمن الخليج واستقراره والدور الهام للسعودية في هذا الشأن. وجاء ذلك في الكلمة الرئيسية التي ألقتها وزيرة الدولة للمشتروات الدفاعية في وزارة الدفاع البريطانية في بداية أعمال المؤتمر، الذي نظمه معهد القوات المسلحة الملكي للدراسات الدفاعية البريطانية بالتعاون مع وزارة الدفاع والطيران في المملكة العربية السعودية تحت عنوان: "الملك عبدالعزيز: الاستراتيجية العسكرية وبناء الدولة". وقد توافقت هذه الحلقة الدراسية التي استغرقت يوماً واحداً مع الذكرى المئوية لإعادة الملك عبدالعزيز السيطرة على مدينة الرياض وتأسيس المملكة العربية السعودية. وكان من المقرر ان يفتتح الندوة وزير الدفاع البريطاني جون هون، ولكن نظراً لسفره في زيارة الى الأردن فإن البارونة سايمونز وزيرة الدولة للمشتروات الدفاعية ألقت الكلمة الافتتاحية بالنيابة عنه. وقالت البارونة سايمونز أوف فيرنهام دين ان كلمتها تدور حول أهمية منطقة الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية لبريطانيا. وأوضحت الوزيرة ان المؤتمر يعتبر اشادة مناسبة "بشخصية بطولية وكبيرة" قام بتوحيد المملكة وادخالها في التاريخ الحديث "وما يزال تراثه قوياً ويتمثل في قيام دولة تتسم بالفخر والرفاهية". وتحدثت البارونة سايمونز بعد ذلك بشكل تفصيلي عن "العلاقة الخاصة" التي تربط بريطانيا مع أصدقائها في الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية، وقد ترعرعت هذه العلاقات عبر سنين طويلة. وأكدت على التزام بريطانيا الهام بأمن منطقة الخليج، موضحة ان أمن واستقرار المنطقة يعتبر امراً حيوياً بالنسبة للرفاهية الاقتصادية فيها وفي جميع أنحاء العالم. وأثنت البارونة سايمونز على السعودية "باعتبارها القوة الاقتصادية والسياسية الرئيسة في المنطقة وكزعيمة في العالم العربي قادرة على ان تلعب دوراً هاماً على المسرح العالمي". وأعادت الى الأذهان أن أول اتصال هام بين الملك الراحل عبدالعزيز ودولة غربية جاء لدى توقيعه لمعاهدة صداقة مع المملكة المتحدة في عام 1915. وتطرقت الوزيرة بعد ذلك الى مشروع القرار المشترك الذي قدمته بريطانيا مع هولندا لمجلس الأمن الدولي من اجل رسم سياسات جديدة تجاه العراق تقوم على زيادة التمويل المخصص لتحسين برنامج "النفط في مقابل الغذاء" والاستثمار في صناعة النفط العراقية ووقف العقوبات اذا ما تعاون العراق مع مفتشي أسلحة الدمار الشامل. وحول عملية السلام في الشرق الأوسط قالت البارونة سايمونز ان هناك دلائل تبعث على الأمل في امكانية تحقيق تقدم وتتطلع بريطانيا الى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك لأن يعمل على احياء العملية. وتحدثت الوزيرة بإسهاب عن التعاون العسكري الكبير بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية وخاصة برنامج اليمامة الذي وصفته بأنه مثل علامة بارزة في علاقات البلدين، واعتبرته تصويتاً رائعاً بالثقة من جانب السعودية في المعدات والصناعات البريطانية. وقالت ان البرنامج قد أصبح عنصراً رئيسىاً لاستراتيجية السعودية الدفاعية، وشددت الوزيرة ايضاً على التزام بريطانيا بالبرنامج. وقالت البارونة سايمونز ان القوات المسلحة السعودية قد وسعت نطاق قدراتها العسكرية وادخلت تحسينات كبيرة عليها. وقد ثبت ذلك خلال عمليات "عاصفة الصحراء" في اطار التحالف الدولي. وحضر الندوة عدد كبير من السفراء العرب من بينهم سفير المملكة العربية السعودية الدكتور غازي القصيبي وعدد من كبار المسؤولين الديبلوماسيين السعوديين، وألقى الجنرال السير بيتر دي لا بليير قائد القوات البريطانية في عمليات "عاصفة الصحراء" لتحرير الكويت ورئيس قسم الشرق الأوسط في مصرف روبرت فليمنغ حالياً كلمة الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز عن: "الملك عبدالعزيز الخبير الاستراتيجي والتكتيكي في بناء التحالفات وشن الحملات العسكرية". وقد بدأت الحلقة الدراسية بتقديم من الأدميرال ريتشارد كوبولد مدير معهد القوات المسلحة الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية. وقد ألقيت خلال اليوم دراسات وكلمات من خبراء أكاديميين وديبلوماسيين سعوديين وبريطانيين من بينهم السفير الدكتور محمد عمر مدني مدير المعهد الديبلوماسي في وزارة الخارجية السعودية والدكتور سعد الصويان المدير العام لدائرة النشر والتوثيق في الرياض والبروفسور البريطاني تيم نيبلوك من معهد الدراسات العربية والاسلامية بجامعة اكسيتر، وقد شملت هذه دراسة ومناقشة دور الدين والقبيلة في استراتيجية الملك الراحل عبدالعزيز العسكرية. كما ألقى الدكتور محمد سيد الشافي من قسم التاريخ في جامعة الملك سعود في الرياض محاضرة عن "الملك عبدالعزيز وعلاقاته الخارجية عثمانياً وأوروبيا". وقد تناول الجزء الثاني من الندوة دور الملك عبدالعزيز "من القبائل الى التنظيم العسكري" وشارك فيه عدد من القادة العسكريين السعوديين المختصين بالشؤون الدفاعية والبحرية، كذلك شملت المناقشات دور الدولة والعلاقات بين الدول خلال عهد الملك عبدالعزيز وشارك فيها عدد من الاساتذة والخبراء السعوديين والبريطانيين والسفير الاميركي الأسبق لدى المملكة العربية السعودية هيرمان ايلتس. وقد خصص جانب من الندوة ايضاً لمناقشة الدفاع عن المملكة العربية السعودية والسياسة الخارجية. ورأس هذه الجلسة الأمير السفير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون السياسية، وكذلك السفير غازي القصيبي والسفير البريطاني السابق لدى الرياض ديفيد غور بوث.