"اذا أردتم العودة بالسينما اللبنانية الى وضعها السابق، فاليوم الوضع مؤات أكثر، إذ لم يعد من المهم إقتناء معدات متطورة، بل المهم هو البحث عن أسلوب ولغة سينمائيتين". بهذه العبارة افتتح المخرج الفرنسي رجيس وارنييه أول من أمس مهرجان بيروت السينمائي الثالث. والعبارة تحمل مفارقتين الأولى سببها لطف المخرج الضيف الذي حال دون إنتباهه الى ان السينما اللبنانية لم يكن لها وضع سابق ترجع اليه، والثانية سببها حساسية، ربما بسبب أوروبيته، من ضخامة الإنتاج السينمائي الهوليوودي، والميل الأوروبي الى تغليب الفكرة والسيناريو للفيلم على حجم الانتاج. استهل مهرجان بيروت السينمائي الثالث اعماله بعرض لفيلم دارنييه "شرق وغرب"، وحضره، الى مخرجه الحائز جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي عن فيلمه " Indochine"بطلة الفيلم ساندرين بونير. وأعرب المخرج الفرنسي عن حنين كبير غالباً ما يشعر به الى لبنان، "هذا البلد الذي جئته بداية كمساعد مخرج، لنسجّل فيلماً وثائقياً عن الحرب فيه في بداية الثمانينات". والمهرجان الذي يطمح الى ان يصبح مهرجاناً منافساً، يتخلله عرض ل15 فيلماً عالمياً من حيث المستوى، وسيشهد عرضاً لفيلمين روائيين لبنانيين هما "بيت الزهر" لخليل وجوانا جريج، و"متحضرات" لرندة الشهال، وسيحضره عدد من المخرجين والممثلين العالميين كإيزابيل هوبير التي تشهد عرض فيلمها La ceremonie والمخرج الايراني عباس كيارستامي، الذي سيعرض خلال المهرجان فيلماً وثائقياً يستعرض فيه أعماله. وستقام حفلة تكريم للممثلة المصرية يسرا وعرض لآخر أفلامها، وحفلة لتكريم لبلبة ومحمود حميدة. ومن ضمن فاعليات المهرجان عرض لأفلام من ايران والصين وتركيا. وسينظّم المهرجان حلقات عمل تطبيقية يشارك فيها المخرجون والممثلون الضيوف في مسعى لنقل خبراتهم الى السينمائيين اللبنانيين. وينظّم المهرجان ايضاً مباراة رسمية للأفلام القصيرة الوثائقية وأفلام الطلاب الجامعيين، إذ ستقوم لجنة تحكيم باختيار الفائزين، وسيتخلل ذلك عرض لأفلام متوسطة غير متنافسه. فيلم الافتتاح "شرق - غرب" يروي قصة طبيب روسي الأصل وزوجته الفرنسية، لبّيا مع ولدهما نداء ستالين فور انتهاء الحرب العالمية الثانية بالعودة الى روسيا، حيث تنتظرهما حياة موحشة في منزل يشتركون فيه مع عائلات وأفراد آخرين، يضيع فيها العام بالخاص، ويجعلنا مخرج الفيلم نشهد كيف يدخل هذا العام الى الميزات الخاصة فيحيلها خراباً، تجهد الزوجة للخروج منه، في حين يستسلم الزوج وينخرط فيه. وفي أثناء تحطّم الأسرة وابتعاد الزوجين وفي موازاتهما نقع على مشاهد قاسية لتحوّل المجتمع الروسي، ولخطوات القبض عليه من قبل الحزب الشيوعي السوفياتي المنتشي في حينه بانتصاره في الحرب، من دون ان يخلو انتشاؤه هذا من مظاهر سعادة حقيقية، أرادها المخرج ربما ان تكسر نمطية الموقف من النظام.