لندن - "الحياة" - تمد دور الازياء، بوصفها أحد اختراعات القرن الماضي، جسراً يوصل الى الألفية الجديدة، مع غمزة الى الماضي ونظرة محدّقة نحو المستقبل. وفي انتظار الاحتفال بليلة رأس السنة، عشية الألفية الثالثة، تتدفق في المجموعات حيوية اكثر من أي وقت مضى، وتطرح جانباً كل القواعد المدونة وغير المدونة، وتشق دروباً جديدة، وتعبّر عن روح العصر. فعالم الاتصالات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة، والعالم الافتراضي، الى جانب الوفاء للتقاليد، وجدت كلها طريقها الى صورة للموضة تمتاز بتنوعٍ هائل وتمثل في الوقت نفسه توثيقاً لتوقٍ مطّرد الى الحداثة. تسود اجواء عالم الموضة مسحة أنثوية، حتى اذا كانت مصممة احياناً لنساء يتصفن بالقوة والنفوذ. فالازياء بسيطة وناعمة، وتعبّر عن ولاء واضح للفستان، الذي لم يعد يُعرض وهو يغطي الركبة بل في هيئته القصيرة من جديد. وعوضاً عن الثوب المؤلف من اجزاء عدة متناسقة، يبرز الاهتمام بأشكال لا تُحصى من المظاهر البراقة والتفاصيل المزخرفة الجميلة. ولم يتردد بعض دور الازياء حتى في استخدام ماسات حقيقية كأزرار، وسلاسل ذهب عيار 18 قيراطاً في ما يشبه شرائط تزيين ازدانت بها المنسوجات السويسرية التي تألقت على منصات الاستعراض خلال عروض ازياء شتاء 1999-2000. وكرّس جون غاليانو، من دار "ديور" كل تصاميمه لعصرٍ مستقبلي. وتضمن العرض الذي أقامه في فرساي، على خلفية "النظام القديم"، تمجيداً ل "الواقع الافتراضي" وإحياءً لاجواء رياضة صيد الثعالب الانكليزية، وكماً غير متناهٍ من روح العصر! فالالوان الطبيعية تتعاقب مع ظلال النيون، والجلد والبلاستيك يُفسحان في المجال في ازياء السهرة لمنسوجات موشاة بالذهب. وعلى رغم ان جان بول غوتييه اكد تمسكه بالكلاسيكية، فإنه اضاف ايضاً مسحة مناسبة تماماً من الحداثة. ويمكن للمرء ان يلمس عودة قدر كبير من المهارة الحرفية والفخامة. وعلى صعيد ازياء السهرة، عادت الرومانسية الى الظهور باستخدام الكشكش والطيات، وجرى ارتداء فساتين طويلة صُنعت من الحرير الفاخر مع سترات من جلد الدب الاصطناعي بالوان وردية ذات مسحة معدنية. وقدمت دوناتيلا فرساتشي عرضاً طغت عليه حمى الذهب، فيما انغمر كريستيان لاكروا في لجة ألوان مع مسحة غرائبية. وحتى عروض لويس فيرو، سادتها نزعة ترف محض: كائنات تشبه الجن، ترتدي فساتين مصنوعة من شرائط لماعة وشفافة. واظهر فالنتينو وسان لوران مرة اخرى انهما استاذا الخياطة البالغة حد الكمال، مع إثارة انثوية وتنوع واسع من عناصر الزينة وولع كبير بالتفاصيل. أما تصاميم اوسكار دو لارنتا، من دار "بالمان"، فانها اتسمت بأناقة مفرطة، اذ استخدم ريش النعام في زخرفة تكاد تعوم في الهواء حول فستانٍ ضيق بلون سمك السلمون يصاحبه برنس من نسيج حريري مترف. وكان للفرو، الذي يمثل جزءاً لا غنى عنه في موضة الشتاء، مكانه في مجموعة إيمانويل اونغارو، حيث لم تعد هناك حاجة لاخفاء الفخامة. وعرض أليكساندر ماكوين، من "جيفنشي"، افكاراً تكاد تكون بعيدة عن الحضارة، لكن الارجح انها تبيّن كيف سيكون المستقبل. وعُرضت اعماله على تماثيل زجاجية لعرض الملابس، ما أكسب الازياء نفحة من اجواء المتاحف ومن عالم مثالي على السواء. الصور من: Swiss Textile Information