رصدت "الحياة" توتراً سياسياً في صفوف الحكم السوداني ونذر مواجهة بين الرئيس عمر البشير ورئيس البرلمان الدكتور حسن الترابي، قبل ثلاثة أيام من انعقاد المؤتمر التأسيسي ل"المؤتمر الوطني" الحاكم. ولفتت مصادر في السودان وخارجه إلى خطوات عدة اتخذها البشير، كان آخرها إعتقال قياديين في حزب الامة المعارض وتفتيش منزلي رئيس الحزب السيد الصادق المهدي، ووضعت هذه الخطوات في سياق تهيئة الارض لمواجهة بدت وشيكة. واضافت ان البشير صعد لهجته ضد حزب الامة الذي يعتقد على نطاق واسع بأنه المسؤول عن عملية تفجير أنبوب النفط في شمال السودان الاسبوع الماضي، في اطار خطة تهدف الى حشد الجناح المتشدد داخل الحكم استعداداً لهذه المواجهة التي ترى اطراف انها ستتضح داخل المؤتمر، في حين لا تستبعد اطراف أخرى أن يتم التعجيل بها في الليالي المقبلة. واستخدمت هذه المصادر كلمات مثل "انقلاب أبيض" و"حركة إلتفاف" على الترابي الزعيم التاريخي للجبهة الاسلامية القومية. وتفيد معلومات تلقتها "الحياة" أن مؤيدي الترابي الذي ينتظر تكليفه صلاحيات واسعة في المؤتمر العام يعولون على انتهاج طريق قانوني بإجازة تعديلات اقترحتها أصلاً هيئات في الحزب. ولوحظ أن خطاب البشير أمام جلسة البرلمان أمس أظهر أنه لم يعد يعول كثيراً على المبادرة الليبية - المصرية، مركزاً على خطوط عمل الحكومة القديمة في اتجاه السلام من الداخل ومبادرة "إيغاد" وتعزيز وضع أحزاب التوالي التي نشأت وفقا للدستور الجديد. ويرد الفضل على نطاق واسع الى الترابي في مسألة المصالحة التي اطلقها لقاءه مع المهدي في جنيف مطلع أيار مايو الماضي. وعلى رغم أن جلسة البرلمان التي حضرها البشير والترابي وقادة الحكم بدت عادية وهادئة ولم تبرز فيها اي اشارات الى الخلاف، الا أن مجموعتين من النواب طرحتا مشاريع مرتبطة باحتدام الخلاف بين الطرفين. وتقدم نحو 50 نائباً بمذكرة تطلب بقاء الترابي رئيساً إلى حين إكمال البرلمان ولايته في آذار مارس المقبل. أما المجموعة الثانية وتتألف من 20 نائباً فطرحت مسائل مستعجلة تنتقد وقف الصحف والاعتقالات الجديدة. ويذكر أن البشير أمر بوقف صحيفة "الرأي الآخر" وكاد يوقف ثلاث صحف أخرى لولا تدخلات من مسؤولين. وعلم أن المجموعة الثانية أستدعيت وطلب منها عدم طرح الموضوع الآن. في غضون ذلك انتقد حزب الامة بشدة أمس الرئيس البشير، وحمله مسؤولية إعتقال قياديين فيه وتفتيش منزلي زعيمه. واوضح الحزب في بيان تلقت "الحياة" نسخة عنه أن "الاعتقالات تأتي في اطار حملة يقودها البشير وأعوانه من العسكريين والسياسيين لإجهاض جهود الحل السلمي لمشكلات السودان، وإحلال السلام والديموقراطية في ربوعه". وأضاف: "نحن في المعارضة ندرك أبعاد المخطط الذي يقوده البشير... ويسعى من خلاله الى الحفاظ على مصالحه الشخصية وموقعه الحالي هو وحلفاؤه داخل النظام". وزاد: "سنتعامل مع هذه الاجراءات بالحزم اللازم من دون النكوص عن التزاماتنا تجاه خيار الحل السياسي الشامل لمشاكل بلادنا إدراكا منا للدور ... المعزول الذي ظل يقوم به البشير وحلفاؤه من أصحاب المواقع والمصالح في النظام".