شهدت مستشفيات ومراكز رعاية صحية أولية في المنطقة الشرقية، خلال الأيام الماضية، زيادة «ملحوظة»، في أعداد المصابين بأمراض الجهاز التنفسي، مع اعتدال درجات الحرارة، وبخاصة من الصغار المصابين ب «الأنفلونزا»، بحثاً عن علاج يوقف أعراض المرض. ويفضل البعض الابتعاد عن زحام العيادات في المستشفيات والمراكز، والتوجه إلى الصيدلية مباشرة، طلباً للعلاج. ويقوم صيادلة بتقديمه من دون إجراء فحوصات من قبل طبيب مختص، والتي تشمل المضادات الحيوية، التي تحظر وزارة الصحة صرفها من دون وصفات. فيما يحذر أطباء من خطورة ذلك، على الصحة. وقال اختصاصي طب الأسرة الدكتور علي الجشي، ل «الحياة»: «إن ثقافة تعاطي المضادات الحيوية من دون داع طبي، أصبح ظاهرة متفشية في المجتمع، إذ بات تناول المضاد الحيوي أشبه بتناول خافض الحرارة، خصوصاً للأطفال الصغار دون السنة، على رغم أن هؤلاء يمنع تقديم المضاد الحيوي لهم»، مؤكداً أن المضاد «لا يُقدم إلا بعد استشارة طبيب مختص، إذ يحظر صرفه للمصابين ببعض الأمراض، إلا في حالات الالتهاب البكتيري فقط، أما حالات الالتهاب الفيروسي، فلا تقدم لهم المضادات الحيوية. لأنه يأخذ مدته ويتلاشى، وأغلب حالات الأنفلونزا عبارة عن التهاب فيروسي». وأشار إلى إصرار البعض على الأطباء بوصف المضاد. وقال: «يعاني الأطباء في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، من إصرار الأهل على وصف المضادات الحيوية، ويدخلون في شجار مع الأطباء، وكثيراً ما يتعرضون إلى السب والشتم. ما يدل على عدم وعي المجتمع بخطورة هذه النوعية من الأدوية، وتأثيرها على الأطفال. بعد أن اعتاد المجتمع على عادات خاطئة، نسعى إلى إزالتها من طريق التوعية، والجلوس مع الأسرة، وشرح الأضرار». ويتذكر الجشي، حادثة وصفها ب «الجريمة»، إذ «كنت متواجداً في إحدى الصيدليات، فدخل رجل بمعية زوجته وطفل لم يكمل سنته الأولى، طالباً من الصيدلي علاجاً للطفل. لأنه مصاب بالسعال والزكام، فقدم له الصيدلي نوعين من المضادات الحيوية معاً، وقد صدمت مما رأيت. وتوجهت إلى الأب، وعرفته بنفسي. وأوضحت له خطر تناول المضاد على صحة الطفل. إلا أنه لم يستمع لي»، مبيناً أن الأضرار التي يتعرض لها الطفل من خلال تناول المضادات الحيوية، في شكل مستمر تشمل «تدمير جهاز المناعة، وإضعافه تدريجياً. كما تؤثر على الجهاز العصبي، ما يؤدي إلى أمراض عدة مستقبلاً. ومن أضرارها أيضاً، أنها تسبب التواء في الأمعاء، ما يستدعي تدخل جراحي». ونصح بتناول «الأدوية العادية، والقطرات، إضافة إلى السوائل الساخنة، ومنها النعناع، الذي يدخل في مركبات عدة لعلاج السعال». وأكد أنه «لا يوجد طفل طبيعي يتناول المضاد الحيوي، لمجرد أنه مصاب بالأنفلونزا، وارتفاع الحرارة، ويتكرر عليه ذلك إلا لوجود مسببات أخرى»، نافياً صحة ما يشاع من أن بخاخ الأنف يسبب تهيجاً للجهاز التنفسي. وقال: «إن المضاد الحيوي اختراع عظيم لعلاج أمراض خطرة. ولكن بعضنا يريد استخدامه مثل المسكن وخافض الحرارة. ويحتاج الطفل الذي يقل عمره عن سنة إلى فحص شامل من طبيب مختص. والبعض لا يراعي حساسية الطفل للمضاد، أو يقدمه له على شكل حقن وريدية. فيما لم يثبت طبياً أنها أكثر فعالية من طريق تناوله عبر الفم، وفي شكل كورس لمدة ثلاثة أيام». وأكد أن بيع المضادات من دون وصفة «بحاجة إلى وقفه حازمة من قبل وزارة الصحة، فلو أصيب الطفل بأي ضرر فلن يتمكن ذووه من إثبات أن المتسبب هو الصيدلي، الذي قدم له دواء من دون وصفة طبية».