دفعنا المبلغ "المرقوم" وسهرنا حتى صباح السبت لنتابع، تلفزيونياً، نزال ملاكمة فريداً على اللقب العالمي لوزن الريشة الموحد بين البريطاني نسيم حميد والمكسيكي سيزار سوتو. فقاعدة ما قبل القرن الجديد تقول: "ادفع لتستمتع"! نسيم، وهو من أصل يمني ومواليد مدينة شيفيلد الانكليزية قبل 25 عاماً، معروف بإسم "البرنس" وبلقب الدلع "ناز"... خاض مباريات محلية كثيرة وتوج بطلاً للعالم حسب تصنيف المنظمة العالمية، فتميز بالدم الخفيف واللسان السليط وسرعة الحركة وإجادة نقل القدمين والدفاع عبر تحريك الجذع وليس بوضع القفازين على الوجه... وهي خصال امتلكها ملاكم واحد ولا كل الملاكمين من قبل، هو محمد علي. وسئم "ناز" نزالات شيفيلد ومدن بريطانيا، وهو يعلم أن الاعتراف بأي ملاكم لا يتم الا اذا تعرف عليه الاميركيون، وقد قدم نفسه لهم بقوله أنه "مزيج من الملاكم محمد علي والمغني الفيس بريسلي". لكن ما ان خاض اول نزال له في بلاد العم سام حتى قال ابناؤها: "إنه يلاكم فعلاً كألفيس ويغني كمحمد علي"! أما سوتو، الذي لم يخسر ابداً في السنوات الخمس الاخيرة فلقبه "كوبريتا" أي "كوبرا"... ملاكم طويل القامة، تكاد لا تشاهد وجهه إلا عندما يجلس عند احد اركان الحلبة، وكأن القفازين يلتصقان بأنفه ووجنتيه، وما أن تسنح له الفرصة حتى يسدد لكمة سريعة وكأنه كوبرا تنفث السم فعلاً. ودخل سوتو قاعة جو لويس في مدينة ديترويت الاميركية بهدوء تام، ربما لأن طموحه الاميركي محدود. أما صاحبنا "ناز" فأبى الا ان يبدأ باستعراض موسيقي راقص وزاخر بالالوان والانفجارات على مسرح طويل وبعبارات "الله اكبر". ولم يكن في المباراة شيء من فنون اللكم النبيل، وانقلبت مسرحاً للمصارعة في عدد قليل من المرات وللالتحام في مرات كثيرة اخرى، فأسف نحو 12 الف متفرج على ضياع الوقت والمال معاً. والمهم أن نسيم فاز بالنقاط باللقب الموحد بعدما فرض نفسه في الجولات الاخيرة، رافعاً عدد انتصاراته الى 33 من دون خسارة. وهو أسف بدوره العرض السيء، وكان محقاً عندما اوضح أن الذنب ليس ذنبه وإنما ذنب الطابع الدفاعي في أداء منافسه. تحب"ناز"، أو لا تحبه، هذا امر اعتباري... أما الامر الموضوعي فهو أنه متعدد المواهب ويعرف من اين "يلكم" الكتف.