أكد وزير المال السعودي ابراهيم العساف أن تحسن الوضع المالي في بلاده نتيجة ارتفاع أسعار النفط الخام لن يثنيها عن الاستمرار في تنفيذ برنامجها الخاص بالاصلاح الاقتصادي. وقال في افتتاح اجتماعات الدورة العادية الرابعة لمجلس الأعمال السعودي - الأميركي في واشنطن أول من أمس: "لا يزال أمامنا شوط نقطعه قبل أن يصبح بامكاننا الاسترخاء. ولا نتوقع تحقيق فائض في السنة الجارية. والتزامنا برنامج الاصلاح قائم وسيستمر بالتأكيد". وأشار العساف الى أن تشكيل المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير عبدالله سيدعم مسار الاصلاح الاقتصادي ويسرعه وقال: "ان المجلس الأعلى سيتيح للاقتصاد الاستفادة من قدر أكبر من التنسيق وتسريع عملية اتخاذ القرار وتطبيق السياسة الاقتصادية". وأعرب العساف عن اعتقاده بأن صندوق النقد الدولي أبدى "تشاؤماً مبالغ فيه" حين توقع في تقريره الأخير عن الاقتصاد الدولي انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة اثنين في المئة السنة الجارية والعودة الى النمو الايجابي بنسبة واحد في المئة في السنة الفين. وامتنع عن اعطاء تقديراته الخاصة لكنه أكد في لقاء مع رجال الأعمال السعوديين والأميركيين "أن الاقتصاد السعودي أثبت صلابته خلال الموجة الأخيرة من تراجع أسعار النفط وبقي التضخم معدوماً على رغم الانخفاض الحاد في عائدات وموارد الخزينة من صادرات النفط". وذكر الوزير السعودي أن أحد المعالم المضيئة في أداء اقتصاد بلاده تمثل في متانة القطاع الصناعي، الذي نجح بتحقيق نمو بنسبة 5.5 في المئة العام الماضي، بينما حقق قطاعا البناء والخدمات العامة درجة جيدة من النمو. وتلقى العساف الدعم من وزير الخزانة الأميركي لورنس سامرز الذي توقع أن يحقق الاقتصاد السعودي "نموا قوياً" السنة الجارية بعد انحسار الضغوط المالية منذ تضاعفت أسعار النفط الخام في كانون الأول ديسمبر. وقارن بين الوضع المستجد والوضع الذي شهده الاقتصاد السعودي العام الماضي حين انخفضت أسعار النفط الخام دون مستوى 13 دولارا للبرميل وتسببت في رفع عجز الموازنة الى عشرة في المئة وانكماش الاقتصاد بنسبة 1.2 في المئة. وحض الوزير الأميركي المسؤولين السعوديين على الاستفادة من تحسن الوضع المالي للاستمرار في جهودهم الرامية الى تشجيع الاستثمارات الخاصة وتوسيع قاعدة القطاع الخاص وقال: "هذه هي الخطوات الصحيحة للسعودية والوقت المناسب لاتخاذها هو الآن". وتطرق سامرز الى العلاقات الاقتصادية السعودية - الأميركية ورحب بالدور النشط الكبير الذي تلعبه السعودية في اطار صندوق النقد والبنك الدوليين كما عكسته مشاركتها في الاجتماع السنوي للمؤسستين الدوليتين الذي عُقد في واشنطن الاسبوع الماضي. وقال: "اسمحوا لي أن ارحب بالمشاركة السعودية المتعاظمة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية ومشاركتها في المناقشات الجارية عن اصلاح النظام المالي الدولي". وأضاف: "نأمل في استمرار المشاركة السعودية بينما يعمل المجتمع الدولي لمعالجة المسائل المالية المعقدة التي نواجهها". وأكد المسؤول الأميركي "تأييد بلاده الكامل" لانضمام السعودية الى عضوية منظمة التجارة الدولية معربا عن أمله في أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن. وقال: "ندرك مدى الأهمية التي تعلقها السعودية على انضمامها الى منظمة التجارة ونحن بدورنا نعلق أهمية حقيقية على ذلك". ووعد بحمل رسائل من المسؤولين ورجال الأعمال السعوديين الى مسؤولي وزارة التجارة الأميركيين المعنيين بمسار عضوية السعودية في المنظمة. لكنه أشار الى أن عضوية منظمة التجارة يمكن أن تقوم فقط على "أسس تجارية مرضية" وقال: "أن السلطات السعودية بحاجة الى احداث تغييرات في قطاع الخدمات المالية لا سيما ما يتعلق بمسألة وجود المصارف الأجنبية وشركات التأمين في السوق السعودية. وقال أنه لايستطيع التطرق الى قطاعات أخرى حيث يرغب مسؤولو وزارة التجارة الأميركية من السعودية احداث تغييرات في نظامها التجاري اذ أن هذا الأمر يعود الى المكتب الأميركي "للممثلين التجاريين". وقال سامرز أن المجلس السعودي - الأميركي لعب دوراً مهماً في "تعميق الشراكة الاستراتيجية القوية القائمة بين بلدينا" من خلال تعزيز التبادل التجاري ودعم العلاقات الثنائية. وأضاف: "لدينا جميعا مصلحة في استتباب الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وهذه المصلحة ستتدعم بتعزيز التفاعل الاقتصادي بين الولاياتالمتحدة والسعودية". وحضر اجتماعات المجلس السعودي - الأميركي التي عقدت يومي 29 و30 ايلول سبتمبر نحو 300 مشارك من المسؤولين ورجال الأعمال لتبادل الآراء عن الفرص المتاحة للاستثمار والأعمال في السعودية. وافتتح الاجتماعات السفير السعودي لدى الولاياتالمتحدة الأمير بندر بن سلطان الذي أكد في كلمة أن العلاقات السعودية - الأميركية قائمة على المصالح المتبادلة. وتحدث في الافتتاح رئيس المجلس السعودي لغرف التجارة والصناعة خالد الزامل ممثلا القطاع الخاص السعودي وقال: "أن القطاع الخاص يأمل في الحصول على حوافز متنوعة ضريبية وأخرى لمساعدة الشركات السعودية على التنافس في السوق الدولية وتطوير المشاريع القادرة على التصدير". وأوضح العساف أن غالبية الحوافز التي يسعى اليها القطاع الخاص هي موضع الدرس بل قريبة من التطبيق، وقال أن القانون الضريبي والقانون الاستثماري سيكونان "لصالح الأعمال" وسيجعلان الاستثمار أسهل عن طريق تسهيل الاجراءات. وقال: "أن الحكومة بصدد انشاء هيئة ضمانات التصدير وتسهيلات التمويل" التي صادق مجلس الوزراء على تشكيلها أخيرا وتهدف الى مساعدة الشركات السعودية في مجال التصدير.