تمرّ سنة دون انجاب. يذهب الزوجان الى الطبيب لاجراء فحوص. يكتشفان ان احدهما عقيم او كلاهما. الحل: العلاج بالتخصيب خارج الجسم المشهور في البلاد العربية بأطفال الأنابيب. يتفاجآن بالتكاليف: المحاولة الواحدة تكلف 3000 جنيه استرليني. وبما انهما قد يحتاجان الى عدة محاولات، فهذا يقارب مبلغا بحدود تسعة الى15 ألف جنيه. تطبيق هذا السيناريو المبسط على نسبة الأزواج الذين يعانون مشاكل عقم 10 الى 15 في المئة من المتزوجين، يعني، بالنسبة للمستثمرين والباحثين عن الربح، سوقاً هائلة فيها ملايين الزبائن المستعدين للتضحية بالمال من أجل عيون البنين. لقد دخلت التجارة الى أشدّ المناطق حميمية في نفس الانسان: حاجة الأم والأب الى طفل، فكيف كانت النتيجة؟ "تجارة" أم علاج؟ ريما، 31 سنة، لبنانية مقيمة في بريطانيا، لها تجربة مريرة مع هذا الموضوع، فقد تكلفت مبالغ كبيرة اقتطعتها من لقمتها ولقمة زوجها، وهي لا تخفي اعتقادها بأن المستشفيات تقوم بالغش والتلاعب بمشاعر الأزواج من أجل امتصاص مزيد من المال منهما "عندما ذهبت الى المستشفى الخاص في المرة الأولى قاموا باجراء كل الفحوصات وقد كلفتنا 1500 جنيه. في البداية العلاج كان بأخذ السائل المنوي بابرة وحقنه داخل الرحم وكانت هذه العملية تكلف 1800 جنيه ومقابل هذا المبلغ يفتحون لك غرفة خاصة وشراشف جديدة وادوات جديدة، وهذا شيء جيد لكنني لم أذهب الى المستشفى لكي أنام في بطانيات جيدة بل لأحصل على طفل، وقد قمت بعمل ذلك ست مرات فلاحظت ان هذه العملية ما هي الا احتيالاً وان النقود التي احرقتها 1800 جنيه كل مرة كان مصيرها الزبالة ولا نتيجة منها". تؤكد الدكتورة شذى، وهي طبيبة امراض نسائية، وباحثة من سورية، على صحة رأي السيدة ريما، التي أحسّت من تجربتها الخاصة، التي كلفتها الكثير من المشاكل والمتاعب الصحية والنفسية، ان المستشفى يقوم باجراء هذه العملية التي لا تحتاج الى تقنيات كبيرة، ولكن المجزية مادياً، وتقول: "لا يجب ان يقوموا بهذه العملية لأكثر من مرتين او ثلاث مرات، لأنها اذا لم تنجح فيجب اللجوء الى تقنية أخرى". المشكلة في الحاجة الى طفل أن الأبوين لا يستطيعان التخلي عن هذا الخيار مهما كلف الأمر. تتابع ريما: "قررت ان أجري عملية "اي في اف" التخصيب خارج الجسم ولو ان التكلفة اكبر حيث قمنا بدفع 3000 جنيه لاجراء العملية وأحسست ان ذلك افضل من دفع 1800 جنيه لستّ مرات من دون نتيجة". تزوجت ريما منذ 10 سنوات وبدأت العلاج قبل 5 سنوات في مستشفى حكومي في غرب لندن، وبما ان المستشفيات العمومية تحتاج صبر الجمل لتحمل مرور السنوات بانتظار مجيء دورها ما زالت على قائمة الانتظار لاجراء عملية منذ 4 سنوات فقد قامت ريما، القلقة مثل كل أم، من تكّة الساعة التي تذكر كل امرأة بأن الزمن لا يجري في صالحها، بالذهاب الى مستشفى خاص وأجرت اربع محاولات تخصيب خارج الجسم "آي في اف"، مرتان منها طفل انبوب ومرتان تلقيح مجهري. كم كلفتك كل هذه العمليات؟ "كل تجربة من التجارب كلفت 3000 جنيه لعملية التلقيح و800 جنيه ادوية و400 جنيه اجرة الغرفة في الليلة الواحدة في المستشفى". نتيجة الأربع محاولات هي فشل الحمل مرتين واسقاطه مرة ثالثة. أما في المحاولة الرابعة فتدخل قدر ريما السيئ فقد دخلت بيتها فوجدت فيه لصوصاً فأغمي عليها من الصدمة وأسقطت الجنين. خبرة ريما مع المستشفيات جعلتها تعتقد ان المستشفى في تتصرف مع الناس كأنهم حقل تجارب. ففي أربع مرات قامت فيها بالعلاج كل مرة كان هناك شيء زائد أو ناقص بالعلاج وتعلق على ذلك: "يتصرفون حسب ما يسمعون من اميركا فالذي كان صح يصبح خطأ والذي كان خطأ يصبح صحيحاً. بعد العملية قال لي الطبيب المشرف: اذهبي الى حمام السباحة ولا ترتاحي ومارسي حياتك بشكل طبيعي ولكنها الى الآن لم تنجح معي ومن ملاحظتي الخاصة ان النساء اللواتي يقمن بعمل طفل انبوب ويرتحن اول اربعة اشهر يكون نصيبهن بالانجاب اكثر". في النهاية كانت التكاليف الكلية التي صرفتها ريما تتجاوز ال 15 الف جنيه وذلك فقط على أربع عمليات تخصيب خارج الجسم، واضطرت ريما لاقتراض هذا المبلغ من البنك، وتقول عن ذلك منفعلة: "احتاج نصف عمري لأفي بهذا المبلغ". 60 في المئة = 10 في المئة! أهم ما تتجاهله الاحصاءات والمعلومات المنشورة حول تقنية التخصيب خارج الجسم تقديم هذه التقنية على أنها تحمل العديد من المخاطر الصحية للنساء. فالهورمون المعطى لتحفيز الاباضة وذلك لانتاج عدد اكثر من بويضة واحدة ناضجة بالشهر يمكن ان يؤدي الى خطر انفجار المبيض، او امتلائه بالسائل وردود فعل أخرى من صداع الشقيقة، الدوخة، مشاكل الرؤية، زيادة الوزن والكآبة، والكثير من الناس المعالجين يعتقدون من خلال تجاربهم ان لأخذ هذه الهرمونات علاقة بسرطان الثدي والمبيض الأمر الذي تنفيه بعض التقارير الطبية. ونادرا، في المستشفيات التي يمكن اعتبارها تجارية، ما يتم اعلام المرأة بالمخاطر التي هي معرضة لها: واذا تذمرت من الألم او الأعراض الجانبية، فكثيرا ما يتم اخبارها ان ذلك يعتبر نقصا في التزامها بانجاب طفل. اضافة الى ذلك لا يتم اخبار المرأة عن المعدل الضعيف لنجاح العمليات: اثنتان من أصل عشر نساء يعالجن ينجبن طفلاً، وهناك أدلة ان الغالبية من هؤلاء قد يحملن دون علاقة للعلاج بحملهن. بالنسبة ل90 في المئة من النساء، فإن علاج ال"تخصيب خارج الجسم" يعني مواعيد مع الاطباء، زيارات للمستشفى، جراحة، قلق فظيع، كآبة، انقطاع عن العمل، أمل وخيبات أمل، يأس كل ذلك من دون الحصول على طفل في نهاية المطاف. هذه القصص لا تجدها في وسائل الاعلام المهللة للتكنولوجيات الحديثة. بدلاً من ذلك يعطى الناس، في الكثير من الدول، احصائيات مضللة، تظهر فيها كل عملية حمل بما فيها عمليات الحمل التي تستمر لأيام فحسب على أنها "نجاح"، او عدد الاطفال المولودين مقسما على عدد النساء الداخلات في اجراءات ال"تخصيب خارج الجسم"، وهكذا فاذا حملت واحدة من عشر نساء بستة توائم، فإن ذلك يظهر في الاحصائيات على شكل معدل نجاح بنسبة 60 في المئة. وتعتبر وسائل الاعلام هذه التقنيات "اختراقاً علمياً" مثيراً ومعجزة حديثة. النساء اللواتي خضعن لاجراءات ال"تخصيب خارج الجسم" - حتى اللواتي حصلن في النهاية على طفل - يصفن الأمر بأنهن أحسسن بمعاملتهن كفئران تجارب، وأن هذه التقنية ما هي "الا احصاءات فارغة"، او "خيبة أمل للأطباء". وعندما يدخلن هكذا اجراءات، تشعر الكثيرات منهن انهن ناقصات ومذنبات بسبب عقمهن. والمعالجة التي يتلقينها تدعم الصورة السيئة للذات. احدى السيدات وصفت احساسها عندما فشلت بويضاتها الملقحة بالانزراع في الرحم: "احسست احساساً فظيعاً بالذنب وان جسدي كان وعاء خرباً غير قادر على جعل الحياة تستمر داخله. كان صعبا بالنسبة إليّ ان افكر بأنني سأحمل بويضات ملقحة ستموت مرة ثانية. لا أعتقد أنني أستطيع تحمل أطفالا ميتين آخرين". أطباء كثيرون من الذين يعملون في وحدات ال"آي في اف"، وخصوصا منها المستشفيات الخاصة، في الكثير من البلدان الغربية، غالبا ما يصفون النساء اللواتي لا ينجح علاجهن بأنهن "فاشلات" بأجسام فيها خلل يمكن ان تصلح فقط بالتكنولوجيا. البعض الآخر قد يكون اكثر عدوانية ويضع اللوم بالنسبة لعقم النساء المعالجات على التهابات ناتجة عن اتصالات جنسية متعددة، او على استعمال الاجهاض باكراً، أو يلوم المعالجات على الاهتمام بمستقبلهن الوظيفي وتأخير حملهن الى وقت فات فيه أوان ذلك. النساء اللواتي يظهرن انزعاجا من المعالجة يتم تصنيفهن باعتبارهن غير مستقرات عاطفيا وغير مستحقات لأن يكن أمهات. "لم أتجرأ على سؤال الكثير من الأسئلة لأنني اعتقدت ان ذلك سيؤثر على وضعيتي في الدور"، تقول احدى النساء، وتشرح أخرى: "بعد ان فشلت عمليتي أظهرت تذمرا فقال لي الطبيب: نحن مشغولون بغيرك وليس لدينا وقت لك الآن" وامرأة ثالثة تم اخراجها من القائمة باعتبار انها "قادرة نفسيا على استيعاب الفشل"! الى فترة قريبة في بريطانيا كان عدد كبير من حالات الحمل الناتجة عن علاج العقم هي حالات حمل متعدد مما يحمل مخاطر للأم وللأطفال. عام 1987 أنجبت امرأة بريطانية ستة توائم احياء ماتوا جميعهم. وامرأة أخرى انجبت خمساً: الأول مات بعد فترة قصيرة من الوضع، والثاني تعرض لهزات ما بعد الوضع، والثالث ولد اعمى مع التهابات أمعاء، ووضعت للرابع أداة تساعده على التبويل، والخامس ولد بالتهاب رئة مزمن. بعض النساء، المرعوبات من عواقب من هذا القبيل، قمن باجهاض الحمل المتعدد، ولكنهن عشن بعد ذلك باحساس رهيب بالذنب مضاف الى لوعة وحزن بسبب عقمهن. واذا كانت بلدان مثل بريطانيا وفرنسا تتابع باستمرار وضع قواعد صارمة للحد للتخفيف من آلام النساء والمخاطر عليهن، فإن هذه التقنية، ما يزال معمولا بها في بلدان عدة منها الولاياتالمتحدة، بل لا نعدم أصواتاً محتجة من أطباء او صحافيين للعمل بما يجري في اميركا، باعتبار ان القوانين الصارمة تحدّ من حرية العلم والطب. قليل من الناس ممن يبدأون علاج ال"آي في اف" يدركون ما ينتظرهم او يعرفون الاحصاءات ويدركون احتمالات نجاحهم. فرص الحصول على طفل بعد علاج بال"تخصيب خارج الجسم" في بريطانيا هو 7،16في المئة، مع العلم ان بعض العيادات تقدم معدلات افضل من غيرها. هذا يعني ان الاغلبية الكبرى، أي 3،83 في المئة يعودون الى بيوتهم دون طفل. بعضهم يستسلم بعد محاولة واحدة، والبعض الآخر يستمر المرة تلو المرة. قد يكونون محظوظين، وقد يكونوا غير محظوظين. انها لعبة حظ حيث حظوظك بالربح هي واحد من سبعة. ولكن كم هي المرات التي تذكر فيها هذه الحقائق الصريحة؟ نادراً. بين العيادات، وحتى بين المعالجين انفسهم، هناك نوع من "المؤامرة" أساسها النظر الى الجانب المشرق من المسألة فقط. فهؤلاء جميعاً يريدون باصرار ان ينجح علاج الخصوبة الى درجة انهم يفكرون بايجابية فحسب، كما لو ان الحمل يمكن ان يحصل نتيجة الايمان بقوة انه سيحصل. انهم مصرّون بقوة على عدم تقويض الثقة بال"آي في اف"، التي أدت بالتأكيد الى حصول ولادات معجزة للأطفال للكثير من النساء اللواتي ما كن أبدا ليحملن لولا هذه المعالجة. بالتركيز الكلي على الزوجين اللذين ينجح الحمل لديهما، لا يتم فقط اهمال الأزواج الذين لم ينجحوا وتركهم لحظهم العاثر، بل يتم ايضا تضليل الأزواج الذين ما زالوا يفكرون بعد في الالتحاق بقطار العلاج. بهذه الطريقة تتم ازالة اي شك لديهم في العلاج وزرع فكرة ان هذا العلاج هو الجواب السهل على متاعبهم. جزء من الخداع الذي يشعره الأزواج الذين يلجأون للعلاج اذن هو انه لا يتم اخبارهم عن حظوظهم الحقيقية في النجاح، ولا يدركون بالتالي ان ما يقومون به يشبه مقامرة، والغالب في هذه المقامرة ان اللاعب سيخسر، هذا الجزء من شروط اللعبة غالباً ما لا تدركه غالبية المعالجين، ويتم تجاهله من الأطباء، ومن السلطات المسؤولة عن ارشاد المريض فهل يعود ذلك لأن على المريض الزبون ان يكون آخر من يعلم؟ ليس على "الزبون" ان يعلم الكثير فالمعرفة قد تجعله يفكر ويحسبها كثيرا قبل ان يقامر بماله وصحته؟ فاتورة "طفل الأنبوب" - التي يدفعها الزوجان ضغطاً نفسياً ونقوداً - ضخمة جدا. والبدء في طريق علاج الخصوبة قد يكون التجربة الأغرب والأصعب في حياة الخائض فيها، والتي قد تأخذك الى رعشة الفرح وذروة الحزن خلال محاولة توليد واحدة. يمكن لهذه التجربة ان تنتهي بأن تحمل طفلاً من لحمك ودمك، او بأن تقع ضحية الخيبة واليأس - مرة بعد مرة بعد مرة. وهناك ايضا اتعاب أخرى - جسدية، ولكن ما قد يكون الأكثر أهمية بالنسبة للكثيرين هي الأتعاب المالية. حكاية السيدة ايمان، 34 عاماً، من العراق، مثال على اجتماع هذه المشاكل كلها، فهي متزوجة منذ عشر سنوات وقد بدأت التفكير بالعلاج بعد ثلاثة أشهر من الزواج "لقد احسست ان هناك شيئاً خطأ ولكن الطبيبة لم تقبل فحصي قبل مرور سنة من الزواج" تقول ايمان، "وذهبت بعد السنة للطبيبة فطلبت فحص زوجي الذي لم يقتنع بالذهاب الا بعد جهد لنكتشف ان شكل النطاف لديه مشوه وعددها وحركتها قليلة، وأول ما قالوه لنا يمكن القيام بتلقيح اصطناعي حيث ينتظرون نزول البويضة الى قناة فالوب ويتم بعد ذلك أخذ نطاف لحقنها في اليوم 14 أو 15 من الدورة فيقومون بعزل النطاف غير الصالحة ويتم حقن السليمة داخل عنق الرحم. ولمدة سنة كنت أقوم بهذه العملية في مرحلة الاباضة. بقينا على هذه الحال خمس سنوات في محاولات يائسة الى ان عرفت ان الحل الوحيد هو الحقن المجهري وذلك منذ حوالى خمس سنوات، وبين العامين 1994 و 1996 كنا في الامارات وحاولنا القيام بذلك لكن توقفنا لأن التكاليف بدت عالية جدا مقارنة بما كنا نحصل عليه من مال في الامارات "كانت كلفة العملية بحدود 4000 جنيه استرليني" وفي عام 1996 جئنا الى لندن وتم تحويلنا الى مستشفى "نورثويك بارك" ورأينا الاستشاري الاخصائي بالعقم. كان لدينا كل التقارير وصور الاشعة التي قمنا بها في العراق لكن الاستشاري قال إنها كلها ليست فيها فائدة ويريد فحوصاً جديدة". "بدأنا رحلة الألف ميل من جديد"، تتابع ايمان قصتها: "وكان ذلك في حزيران 1996 وبقينا على قائمة الانتظار 8 اشهر "فقط" من اجل عملية فحص داخلي للرحم المنظار الداخلي وبين التحليل والآخر ثلاثة أشهر في أحسن الأحوال لرؤية الاخصائي. كنت أفكر بموعد الطبيب وكأنني سأرى الانسان الذي بيده حياتي ومماتي وكل يوم انظر الى الروزنامة واتابع كم بقي للموعد". تتنهد ايمان ثم تتابع: "لم يبق نوع تحليل لم يقوموا به ولا تصوير الا واجريته. حولوا زوجي الى مستشفى متخصص بعقم الرجال. والنتيجة التي حصلنا عليها بعد هذا العذاب هي نفس النتيجة التي حصلنا عليها في العراق قبل ست سنوات واضافة عليها اجراء عملية دوال للظن بأن لها دور بالعقم بنسبة 30 في المئة وانتظرنا ثلاثة اشهر لنكتشف ان العملية لم تغير أي شيء بنتائج التحليل فقرر الاستشاري اننا مرشحان جيدان لعملية تخصيب خارج الجسم بطريقة الحقن المجهري لأن عمرينا انا وزوجي متقدمان أنا عمري 33 سنة وزوجي عمره 36 سنة ولكنه اشار الى ان في المستشفى 100 ألف حالة مثل حالتنا وامكانية العلاج على نفقة التأمين الصحي الحكومي ضعيفة جدا وتكاد ان تكون مستحيلة فالأفضل ان نذهب الى عيادة خاصة للقيام بذلك. اتصلت بالجمعية العربية الطبية وسألتهم عن حالتي وتكاليفها واين اذهب فقالوا لي ان هناك طبيبة من اصل عربي متخصصة بالعقم وتعمل في مستشفى ... فذهبت الى تلك المستشفى ورأتني لمدة نصف ساعة وكلفتني الزيارة هذه 80 جنيهاً، ومما ذكرته ان لديها عيادة خاصة حيث يمكنها اجراء عملية آي في اف لي ب4500 جنيه ونسبة النجاح 25 في المئة وفي حالة فشل العملية أخسر النقود، وقد اتصلت بعد ذلك بمدة وقالت ان المستشفى الذي تعمل به لديه عرض خاص لنا بحيث تكلف العملية بالاضافة للدواء 3000 جنيه فقط. عدت الى منزلي وبكيت واختلفت مع زوجي الى ان وافق لأن هذه العملية مثل لعبة قمار وليست هناك نتائج مضمونة لكنه وافق أخيراً ودفعنا المبلغ نقدا والادوية التي اعطوني اياها لم تكن كافية فاضطررت لشراء ادوية للاباضة ب300 جنيه تقريباً، لكن مع الأسف فشلت العملية وكان ذلك كارثة حقيقية بالنسبة لي. بعد ثلاثة أشهر أرسلت مستشفى "نورثويك بارك" رسالة بموعد لي مع الطبيب الذي أخبرني انني رشحت للعلاج على حساب الحكومة، وتم بعد ذلك تحويلي الى مستشفى سانت توماس. بدأنا بالعلاج في عام 1998، وأجريت عملية تلقيح مجهري ولكنها فشلت مرة أخرى، وبما ان التأمين الصحي كان قد قرر لي محاولتين أخريين كانت ردة فعلي غير سيئة وبعد ذلك بثلاثة أشهر تمت المحاولة الثانية في الشهر السادس 1998 ومررت بكل المراحل السابقة ووصلت الى اليوم الخامس عشر بعد زرع بويضتين ملقحتين لي وظهر انني حامل فاتصلت بالمستشفى لتأكيد ذلك وكانت فرحة الجميع كبيرة ولكنني في الأسبوع السابع بدأت أشعر بآلام فظيعة وجاءني نزيف فسقط الجنين". بعد كل هذه التجارب الفظيعة أحست ايمان باليأس ولكنها وافقت على القيام بالمحاولة الثالثة ولكن دون تعليق آمال كبيرة . تتابع ايمان: "مررت بجميع المراحل السابقة "عدا ان اليأس كان اكبر لأنه ظهرت لدي بويضتان فقط، وعند التلقيح تلقحت البويضتان واعادوهما الى الرحم". هنا أصبحت ايمان خبيرة بالحمل لذلك عرفت انها حامل من اليوم السابع بعد اعادة البويضة الملقحة الى الرحم. لم تكن متأكدة ولكن آمالها كانت كبيرة وفي اليوم الخامس عشر قامت بفحص روتيني بمادة فحص الحمل من الصيدلية وظهر انها حامل، والآن هي في شهرها السابع. "لم أشتر لنفسي أي شيء خاص بالحمل"، تقول ايمان، وهي غير مصدقة، بعد رحلة العذاب الطويلة، انها ستنجب، وتضيف: "فستان حمل واحد لأنني لا أريد ان أفرح. أخاف من الفرح لأنني سبق ان فرحت اكثر من مرة وخاب املي ففضلت ان لا اشتري أي شيء يذكرني بالفشل الجسدي والنفسي السابق. لم أشتر أي شيء خاص بالطفل ولم أخبر أحداً بالحمل حتى وصلت الشهر الرابع خوفا من الاجهاض وهناك اصدقاء الى الآن لا يعرفون بحملي والسبب أنني لا أريد أن أتسبب بآلام لغيري ويكفي انني أتألم على نفسي كما أنني لم أعد أحب أن أشرح وضعي للناس ليطيّبوا خاطري او أحس أنني كسرت قلوبهم او أحزنتهم لذلك أترك آلامي لنفسي ولا أزعج أحداً".