يتمنى كل متتبع مخلص للرياضة اللبنانية ان تتجاوز موسماً واحداً على الاقل من دون خضات وأزمات، لكن ذلك محال في الوقت الحاضر في ظل "التركيبة الادارية" المتحكمة بمقدراتها وأوضاعها، ما ينعكس سلباً على نتائجها الفنية. تسقط الورقة الاخيرة من روزنامة 1998، ومشاكل الرياضة اللبنانية تحجب انجازاتها المتفرقة التي ظلّت شموعاً مضيئة في ليل "الفساد الاداري" الذي طال امده... ويستقبل اللبنانيون سنة 1999، وبوادر "ثورة" قائمة في وسط كرة القدم وأزمة مستفحلة بين اندية الجودو، ويغذي الصراعات موقف "سلبي" اذا صح التعبير للمديرية العامة للشباب والرياضة التي تفاخر بأنها اصدرت التنظيمات والمراسيم الرياضية الجديدة وكأنها ابتكار يستحق جائزة نوبل، في وقت نجد اركانها يهربون الى الامام في مواجهة ما يقرع بابهم من صعوبات تعترض درب الاتحادات. هم يصدرون قرارات ومذكرات متناقضة، ويلوحون "بمسح" يطال الاندية وإذ باجراءاتهم غير سليمة وغير منطقية، لا بل انها صورية في اغلب الاحيان، ويصبح القضاء مسرح تحرك المتخاصمين المتنازعين. هلّل كثيرون واستبشروا خيراً ببعض النتائج النوعية التي تحققت في الدورة الرياضية العربية الثامنة 1997 التي استضافها لبنان، وأملوا ان تشكل تفعيلاً للوسط الاداري الرياضي في السنة التالية... لكن المطبات بقيت كثيرة ومنتشرة بؤر توتر في اكثر من لعبة من ابرزها الازمة المفاجئة التي عصفت بكرة السلة في الدور نصف النهائي لبطولة لبنان وكادت تأكل اخضر ويابس اللعبة التي استقرت ادارياً وفنياً في الموسمين الاخيرين... لم تستكمل المباراة بين الحكمة والرياضي اثر احتجاج الرياضي على دخول اكثر من 150 متفرجاً من مناصري الحكمة - وهو العدد المسموح به - فأصدر وزير التربية والشباب والرياضة جان عبيد قراراً جمّد بموجبه اتحاد كرة السلة متخطياً صلاحياته، ثم عاد عنه بعد ثلاثة ايام. ولعب استحقاق استضافة بطولة الاندية العربية الدور الاول في تطويق ما حدث و"تنفيس" ورمه. وما كاد جمهور كرة القدم الذي عاد للاستمتاع بالمباريات على ملعب المدينة الرياضية يهلل لاستقرار العلاقة بين اتحاد اللعبة ونادي النجمة صاحب القاعدة الجماهيرية العريضة، حتى "اندلع" خلاف بين الطرفين بسبب نقل الاتحاد مباراة النجمة والاهلي القطري كأس الكؤوس الآسيوية من ملعب بيروت البلدي الى ملعب برج حمود، فاحتج النجمة ثم انسحب غير عابئ بالعقوبات، وانطلق في حملة اسقاط الاتحاد المستمرة حتى الساعة... وشرارة ما حدث كانت التضارب بين ثلاثة من لاعبي الانصار ومجموعة شبان اتهموا انهم نجماويون في شارع مجاور للملعب البلدي عقب لقاء الانصار والعربي القطري مسابقة كأس الاندية العربية... ولاحقاً، اتهم النجمة المديرية العامة للشباب والرياضة بشخص مديرها العام زيد خيامي بمحاباة ودعم الاتحاد المستبد وخصوصاً امين سره رهيف علامة. وفي اواخر تشرين الثاني نوفمبر حجبت غالبية اندية الجودو الثقة عن الاتحاد الذي يرأسه فرنسوا سعادة رئيس نادي بودا والمنتخب حديثاً رئيساً للاتحاد العربي للعبة، والذي طعن بالقرار على اعتبار ان الاندية المستوفية الشروط ضمن "الطاعنين" تشكل الاقلية... ثم كان قرار تأجيل للازمة من جانب المديرية قضى بمنع الاجتماعات وبإجراء مسح جديد واتبع بقرار يقضي بمسح عام لأندية الالعاب القتالية والقوة كلها، في وقت واصل كل طرف التحرك من جهة. المنتفضون أجروا انتخابات وشكلوا لجنة ادارية جديدة، والمتمسك بشرعيته تحصّن بإفادة من المديرية وبقرار من قاضي الامور المستعجلة يسمح له بتنظيم المسابقات حتى مهلة انتهاء المسح الجديد - وليته يكون الاخير - في آذار مارس المقبل... ولا تزال القضية بين مد وجزر، ولا سيما ان سوابق مماثلة حدثت في اتحادي التزلج على الثلج والفروسية لم تفصل المديرية بشأنها في حينه، الى ان توصل المختلفون بعد مساعٍ، وبعد اشهر طويلة، الى التوافق على انتخابات تنهي الخلافات. مسرح الدورات والبطولات لكن هذا الكم الخصب من الخلافات لا يحجب البتة ان لبنان اصبح محطة لتنظيم البطولات العربية والدولية المتنوعة... ففي كرة القدم استضاف تصفيات المجموعة الرابعة لكأس العرب وربع نهائي كأس الاندية الآسيوية وكأس آسيا للشباب ونهائيات كأس الكؤوس العربية للمرة الاولى نظمها النجمة... ونظم حفلة سحب قرعة كأس الامم الآسيوية ال12 التي من المقرر ان يستضيفها رغم الشكوك الكثيرة التي تحيط بذلك لا سيما التأخر في بدء تشييد ملعبين في طرابلس وصيدا وملاعب التدريب. وعقدت اللجنة التنفيذية للاتحاد الآسيوي اجتماعات على هامش المناسبة. وكانت لكرة السلة حصة كبيرة عبر بطولة الاندية العربية وبطولة العرب للشباب وبطولة غرب آسيا للناشئين وحضور فريق هارلم غلوب تروترز للمرة الثانية منذ 1955 وخوضه ثلاثة لقاءات في القاعة المقفلة للمدينة الرياضية، التي اعيد بناؤها، ودشنت بمباريات لفريق من نجوم الدوري الاميركي للمحترفين. وافتتحت بطولات لبنان لموسم 98 - 99 بحضور رئيس الاتحاد الدولي السنغالي عبدالله سي مورو. واستضاف لبنان مجدداً بطولة الاندية العربية للكرة الطائرة وبطولة الاندية الآسيوية، كما نظم بطولة العرب العسكرية للفروسية، ودورة بروتور الدولية لكرة الطاولة وبطولة الاندية العربية للعبة وبطولة دول الفرنكوفونية، الى مناسبات دولية وعربية في التنس مثل مباريات كأس ديفيس ودورة الكسليك الدولية والبطولة العربية للعبة، ومهرجان الشطرنج الاول الذي حضر بطل العالم الروسي أناتولي كاربوف لافتتاحه، وبطولة العرب والشرق الاوسط لكمال الاجسام، والجولة الرابعة من بطولة الشرق الاوسط للراليات... وعاد الحديث مجدداً عن التحضير لاستضافة جولة من بطولة العالم للفورمولا واحد سنة 2003. وبالعودة الى ابرز النتائج المحققة، يشار الى عزوف الجمهور عن مؤازرة منتخب كرة القدم في مبارياته وقد ابدل مدربه الالماني فيرنر بالمصري محمود سعد الذي يبني فريقاً لآسيا 2000. وخاض بعهدته 18 مباراة حتى الآن لم يحقق خلاله سوى ثلاثة انتصارات، وارتقى اخيراً الى المركز ال 85 في تصنيف "الفيفا"... واحتفظ الانصار بلقب الدوري موسماً عاشراً - رقم قياسي جديد - كما احتفظ بالكأس السوبر الذي "اقصي" النجمة عنها. ومثلما ان الانصار من الفرق الثوابت في احتكارها ألقاب كرة القدم في الرياضة اللبنانية، فإن الشبيبة البوشرية ينسج على منواله في الكرة الطائرة ويتابعه الرياضي غزير وصيفاً... وكان البوشرية سجل "انجازاً" قد يرضي طموحه حين حلّ ثالثاً في بطولة الاندية الآسيوية. وعلى رغم ما "انتاب" موسمها من خضات تبقى كرة السلة الاكثر اشعاعاً في سنة 1998، فقد اصبح الحكمة بطل الدوري وحامل الكأس، اول فريق لبناني يحرز لقباً عربياً في لعبة جماعية، بعدما فاز بلقب بطولة الاندية العربية على حساب وداد بوفاريك الجزائري. وعمت هستيريا الفوز واحتفالاته مختلف المناطق اللبنانية على مدى ايام. وفي البطولة عينها احتفظ الهومنتمن بالمركز الثالث عند السيدات، وبعد شهرين كسر الانترانيك احتكاره لبطولة لبنان المستمر منذ 30 عاماً، لكنه عوّض بفوزه بمسابقة الكأس... وحلّ الرياضي ثالثاً في نهائيات بطولة الاندية الآسيوية في ماليزيا... وسجّل الموسم ارتفاعاً مضطرداً في موازنات فرق السلة ومشاركة اجانب من مستوى متقدم، ولا سيما من الولاياتالمتحدة ونيجيريا، وقدرت نفقات البطولة بنحو 10 ملايين دولار. والكلام عن ثوابت يحدونا لذكر فريق بودا في الجودو محتكر ألقاب الفئات كلها، ونادي الصحة والقوة في رفع الاثقال وكمال الاجسام والذي احرز لقب بطولة الاندية العربية الاولى لرفع الاثقال في الاردن، وفريقي النجاح والجزيرة في السباحة وهوليداي بيتش في كرة الماء. انتصارات اقليمية ودولية وسجلت الرياضة اللبنانية ألقاباً عربية واقليمية بفضل نتائج ابطال الشطرنج والسباحة والجودو وكمال الاجسام ورفع الاثقال والكاراتيه والتايكواندو والرماية وألعاب القوى والغولف والرغبي والبريدج، وأخرى أوروبية وعالمية في التاي بوكسينغ والكونغ فو والكيك بوكسينغ 25 ميدالية في بطولة العالم في الدنمارك. وانتظمت مسابقات كرة اليد واحتفظ الصداقة بلقب الرجال على حساب الجيش... وسجلت كرة الطاولة نشاطاً ادارياً وفنياً لافتاً، فإلى جانب تنظيمها المسابقات الدولية والعربية حلّ منتخب الناشئين ثانياً في بطولة العرب، كما احتفظت سيدات الهومنتمن بالمركز الثالث في بطولة الاندية العربية. وبقي مهاجرو التنس ذخيرة الفوز في كأس ديفيس، فحافظ لبنان على موقعه ضمن مجموعة آسيا - اوقيانيا الاولى ويستعد لمواجهة اليابان في شباط فبراير. كما احتفظ بلقب الزوجي في البطولة العربية موسماً سادساً على التوالي بفضل علي حمادة وشون كرم. وبرزت موهبة جو مخشن في الفروسية فأحرز بطولة لبنان، وحلّ منتخب اللعبة ثالثاً بعد الكويت وإيطاليا في مسابقة الفرق ضمن بطولة العالم العسكرية في مجمع فقرا، وجاء خياله كريم فارس ثانياً في بطولة الجائزة الكبرى للفردي خلف الايطالي فينشنزو كيميري. واحتفظ روجيه فغالي بلقب بطولة لبنان للراليات، وفاز نبيل كرم بسباق تل الرمان الدولي للسرعة في الاردن. غير ان نتائج البعثة اللبنانية في دورة الالعاب الآسيوية ال13 في بانكوك كانت نكسة بحد ذاتها، لأن المشاركين خيّبوا الآمال وأكدوا مغالاة الاتحادات التي مثلوها في ادعاء مستوى على غير حقيقته فبقي لبنان بعيداً عن جدول الميداليات منذ العام 1986. وجاء الرقم القياسي الجديد لجان كلود رباط الذي حلّ سادساً في الوثب العالي 15.2 م ليؤكد مرة جديدة ان اهمال هذه الموهبة جريمة بحق الرياضة اللبنانية.