"أين الدواء، هل من دواء"؟ صرخت الشابة الكولومبية إيلينا باتريشيا فيغا وهي تركض حاملة طفلتها البالغة من العمر ست سنوات والتي اصيبت في الهزة الارضية التي ضربت مدينة ارمينيا الكولومبية مساء الاثنين. نظرت الى جثة طفل مغطاة فلم تتمالك البكاء... "آه، ولدي، كم كان جميلاً" وراحت تولول حزناً على ابنها جون الكساندر 10 سنوات الذي قضى في الهزة. كانت فيغا 26 عاماً في الطابق الثاني من منزلها، في شارع برازيليا نويفا الشعبي، مع طفليها عندما انهار كل شيء بفعل الهزة التي قضت على مئات آخرين في هذه المدينة والمناطق المجاورة. راجع ص8 على قارعة الطريق في الجانب الآخر من الشارع، جلس بيدرو ماريا لندونو 46 عاماً وبقية افراد عائلته الاربعة الذين نجوا من الموت باعجوبة عندما انهارت كل غرف منزلهم الذي استحال الى ركام باستثناء الغرفة التي كانوا فيها. وراح بيدرو يسأل الناجين من جيرانه: "هل ستساعدنا الحكومة؟". ويضيف: "فقدت خلال 12 ثانية كل ما احتجت الى 20 عاما لبنائه". وفي آخر الشارع، كانت جثة إيلدا رينكون 54 عاماً مغطاة بملاءة بيضاء. قال كيفن اربوليدا 15 عاماً، وهو أحد أبنائها الخمسة الذين تركتهم وراءها: "سنأخذ جثمان والدتي إلى المحرقة في الصباح الباكر". هكذا كانت الصورة في أرمينيا المنكوبة امس والتي قال رئيس بلديتها انه "لا يمكن تقدير حجم الكارثة" التي حلت بها. اكثر من 60 في المئة من بنايات المدينة دمرت. وانقطع عنها الماء والكهرباء. وكانت الاحياء الشعبية في الجنوب الاكثر تضرراً في المدينة التي يقطنها 220 ألف نسمة. وتحولت المدارس والملاعب الرياضية الى ملاجىء موقتة واماكن لعرض جثث الضحايا. المأساة الفظيعة لم توفر أي موقع في المدينة التي بات سكانها ليلتهم اول من امس في العراء. تحلقوا حول حطبات اشعلوها من بقايا منازلهم وفقدوا كل شيء بما في ذلك الملابس . أشارت آنا ماريا بيدويا 44 عاماً الى ما بقي من منزلها المنهار في برازيليا نويفا. وقالت انها كانت تشاهد التلفزيون مع ابنها وابنتها عندما وقعت الهزة الارضية فإنهار الجدار الامامي للمنزل في اتجاه الشارع. ولو انه انهار في الاتجاه المعاكس لكانوا الآن تحت الانقاض. قالت "انه شيء لا يصدّق. يبدأ المرء التفكير بالله. ويعتقد انه سيموت لا محالة". ولم توفر الهزة الرياضيين اذ قضى خمسة اعضاء في فريق اتلاتيكو كوينديو المهني الكولومبي لكرة القدم. وكان الخمسة ثلاثة ارجنتينيين وبرازيليين. ومن القصص التي رواها أهل أرمينيا ان العاملين في الصليب الاحمر الكولومبي انتشلوا ثلاثة رجال احياء من تحت الانقاض في صباح الثلثاء. وكان هؤلاء يتناولون القهوة في الطبقة الاولى من البناية التي انهارت بفعل الهزة. وما ان بدأ ت الارض تهتز حتى اختبأوا بين خزانة كبيرة من الفولاذ وبين الجدار وذلك قبيل انهيار الطبقات العليا على مكان وجودهم. الهزة التي بلغت قوتها ست درجات حسب مقياس "ريختر" هزت مباني في العاصمة بوغوتا، التي تبعد 140 ميلاً عن ارمينيا. وتجاوب أهل العاصمة مع نداءالرئيس اندريس باسترانا وشكّلوا طوابير طويلة أمام مصارف الدم في العاصمة بوغوتا للتبرع بدمائهم، ونظموا برامج تلفزيونية خصيصاً لجمع التبرعات والهبات. يذكر ان هزة قوية ضربت كولومبيا عام 1994 وأسفرت عن قتل 800 شخص. ويعتبر المراقبون الهزة هذه المرة الأسوأ بعد تلك، في دولة تعوّدت الهزات. أ. ب