على الرغم من النمو التدريجي لمفهوم الانترنت، وشبكات الاتصال عبر العالم خلال العقود الثلاثة الماضية، الا انها، حتى اليوم، غير مستخدمة في المجتمعات المتقدمة بالحجم الذي يتصوره البعض. وفي برنامج بثه التلفزيون البريطاني حول مدى مواكبة رجل الشارع الانكليزي للتطور التكنولوجي الهائل، وما يظهر معه من مصطلحات جديدة، سأل المذيع عينة عشوائية من الناس عن بعض المفردات مثل firmwae, modem, software وكلمات اخرى حديثة، فكانت الاجابات في معظمهالا اعرف - لم اسمع بها من قبل - ماذا؟!. وبدا غريباً ان كلمة "انترنت" ايضاً نالت الكثير من تلك الاجابات المنافية او المستغربة، اذ انها مألوفة فقط لدى المختصين بهذه التكنولوجيا والعاملين في مجالها، اضافة الى الطلاب في المراحل المتقدمة، وبالطبع ليس كلهم. ان اغلب المعاهد والمؤسسات في الدول العربية على اختلافها، تعليمية، حكومية، تجارية او غير ذلك، باتت تستخدم الكومبيوتر كجزء اساسي من عملها، والتليفون ايضاً، وهذا ببساطة كل ما تتطلبه الانترنت. وقد تكون كلفتها في الدول العربية اقل مما هي عليه في الدول الغربية، اذا قارنا اسعار اجهزة الكومبيوتر التي تباع في المنطقة العربية بأسعار ارخص بكثير من اسعارها في اوروبا مثلا. وكذلك اجرة المكالمات الهاتفية، التي تبلغ ربع اجورها في الدول المتقدمة. لقد اصبحت الانترنت عاملاً اساسياً في تقليص نفقات الكثير من المؤسسات، فالتعاملات التجارية يمكن انجازها عن طريق الانترنت بدلاً من المكاتب والموظفين واجهزة الطباعة والفاكس وغير ذلك. بعض الجامعات صار يقدم المحاضرات والامتحانات للطلاب عبر هذه الشبكة ايضاً، مثل جامعة كاليفورنيا التي جهزت كل غرف الطلاب في السكن الداخلي باجهزة كومبيوتر متصلة بالجامعة وتشترط لقبول الطالب اما الاقامة في السكن الداخلي او امتلاك جهاز كومبيوتر على الاقل يسهل اتصاله بالجامعة. وصار البريد الاليكتروني جزءاً من عمل اي جامعة او شركة، او اي مؤسسة على الاطلاق في معظم دول العالم المتقدم، لأنه اسرع وأقل تكلفة من البريد العادي. في مقابل كل هذه المزايا للانترنت، لا يعود ثمة منطق من ذكر المساوئ التي يتخوف منها البعض، والتي تظهر دائماً مع كل جديد، فكما هوجم التلفزيون لدى ظهوره، باعتباره جالباً للفساد ومدمراً للأخلاق وهادماً للدين، والراديو من قبله، والصحف كذلك، الا ان هذه التصورات المتعجّلة كانت زوابع سرعان ما انتهت بعدما تآلف الناس مع هذه المخترعات.