الممثل الايطالي مارتشيللو ماستروياني الذي تصادف ذكرى وفاته الثانية هذه الايام، من الممثلين الذين لا تغيب صورتهم عن خيال الناس، ليس بسبب عدد الافلام التي قدمها وزادت على الخمسين، ولا السنوات الطويلة التي قضاها في صناعة هذا الفن، بل بسبب الادوار المتميزة التي قدمها وطريقته في التمثيل التي زاوج من خلالها ما بين الاتجاه الواقعي الدرامي الذي اختطته الواقعية الايطالية، والاداء الكوميدي الساخر لتظهر شخصيته الشهيرة، شخصية العاشق الايطالي الممتلئ بالفحولة والرجولة، والطرافة، ورسختها افلامه الشهيرة مثل "بنات ساحة اسبانيا" 1952 و"الطلاق على الطريقة الايطالية" 1962 و"امس واليوم وغداً" 1963 و"الحياة حلوة" 1960 و"يوم خاص جداً" 1977 و"مدينة النساء" 1980 وعشرات الافلام الاخرى. ورسخت افلامه مفهوم الرجل الذي لا تعصى عليه امرأة، وكان لقاؤه بالممثلة صوفيا لورين انعطافة كبيرة حتى على حياته الشخصية، وظل يتنقل من عشيقة الى اخرى ومن زوجة الى اخرى، فقد تزوج في بداية حياته الفنية فلورا كاربيللا التي انجبت ابنته الاولى باربرا، لكنه ظل على علاقة عاطفية مع عدد من الفنانات العالميات والايطاليات، من بينهن مارت كلير، وفاي داناوي وكاترين دينوف التي انجبت ابنته الثانية كيارا التي تعمل هي الاخرى في حقل الاخراج السينمائي. ولد مارتشيللو ماستروياني في مدينة فريزينونا جنوبروما عام 1924 لعائلة فلاحية فقيرة، وسرعان ما انخرط في العمل السياسي في صفوف الحزب الشيوعي الايطالي، وعمل مع قوات الانصار والمقاومة ضد الفاشية، واعتقلته السلطات النازية ايام الحرب العالمية الثانية في روما، لكنه استطاع مع بعض من رفاقه تدبير خطة للهرب من معسكر الاعتقال، وكان متميزاً من بين جميع زملائه في المدرسة بقدرته على التمثيل، وعمل كومبارس في فيلم "التاج الحديدي" للمخرج بلاستي عام 1941، كما عمل مع المخرج دي سيكا في فيلم "الاطفال ينظرون الينا" عام 1943، ودرس في كلية التجارة والاقتصاد في روما، وساهم مساهمة فعّالة باحياء مجد الفرقة المسرحية للجامعة، ولاحظه المخرج الايطالي الكبير لوكينو فيسكونتي في احد ادواره المسرحية فأعجب به ليعطيه ادواراً مهمة في الاعمال المسرحية التي كان يخرجها، وابرزها "عربة اسمها الرغبة" 1949 و"موت بائع متجول" 1951 و"الاخوات الثلاث" 1952. وكانت عتبة الشهرة التي اوصلته الى النجومية مع فيلم "بنات ساحة اسبانيا" لما كان يتمتع به من موهبة الحضور، وتمتعه بنزعة جمالية فاتنة فهو الرجل المتفجر بالحيوية والحياة، القوي، المتماسك، فاتن النساء، اما تكامل نضجه الفني واكتمال شخصيته الفنية فكان في فيلمي "الحياة حلوة" و"ثمانية ونصف" للراحل فيلليني، وفيلم "الليل" لانطونيوني. ومثل عشرات الافلام لمجموعة من المخرجين الايطاليين والعالميين ومن ابرزهم، دي سانتس، بلاسيتي، ليتساني، بولونيوني، فيريري، سكولا، بيللوكيو، فينديرز، اولتمان، وعشرات من المخرجين السينمائيين والمسرحيين. لم يمهله المرض كثيراً مع انه ظل يعمل في السينما والمسرح، وكان آخر افلامه "ثلاث عيشات وميتة واحدة" الذي وصفه النقاد بأنه فيلم كان ماستروياني يبحث من خلاله عن ماهيته الحقيقية في لعبه الادوار الثلاثة في الفيلم. وتوفي في 19 كانون الاول ديسمبر 1996 في مدينة باريس.