قال التقرير الاقتصادي العربي لموحد لعام 1998 ان سبب انخفاض معدل نمو اجمالي الناتج المحلي للدول العربية في عام 1997 الى اربعة في المئة من 8.6 في المئة عام 1996 يرجع الى انخفاض اسعار النفط العالمية. لكن التقرير اشار الى ان الانخفاض في اسعار النفط لم يؤثر بدرجة مهمة على عائدات الدول العربية من صادراتها النفطية لعوامل عدة من بينها الزيادة في امدادات النفط العربية. وافاد التقرير ان اجمالي الايرادات الحكومية للدول العربية تزايد بمعدل 10.5 في المئة خلال عام 1997 بالمقارنة مع العام السابق. واشار التقرير ان الى ان معظم المصارف العربية حقق ارباحاً صافية عام 1997 فاقت ارباح عام 1996 نتيجة تحسن البيئة الكلية التي تعمل المصارف في اطارها. وواصلت التجارة البينية بين الدول العربية نموها بنسبة 4.7 في المئة عام 1997. كما تابع العديد من الدول العربية خلال العام نفسه العمل على تحرير تجارته الخارجية في اطار سياسات التصحيح الاقتصادي والاصلاح الهيكلي. وفي ما يأتي ملخص لتطور الاقتصادات العربية كما اوردها التقرير العربي الموحد لعام 1998: النفط والطاقة ارتفع الاستهلاك العالمي من النفط بنحو مليوني برميل يومياً خلال عام 1997، وهو استمرار للاتجاه نحو استخدام المزيد من النفط، ذلك الاتجاه الذي لوحظ منذ عام 1994، حيث بلغت الزيادة الاجمالية 5.5 مليون برميل يومياً في فترة الاعوام الأربعة المنتهية في عام 1997. وتعتبر هذه الزيادة من اعلى المعدلات خلال العقدين الاخيرين. وبلغت الزيادة في انتاج الدول غير العربية من النفط 1.2 مليون برميل يومياً في عام 1997، واستطاعت الدول العربية رفع انتاجها النفطي بنحو 1.1 مليون برميل يومياً. وتعتبر الزيادة في انتاج الدول العربية عام 1997 أعلى معدل زيادة بالمقارنة مع الاعوام السابقة التي اتسمت بركود الطلب العالمي على النفط العربي. ويتضح من المقارنة بين اجمالي الزيادة في الاستهلاك، من ناحية، وفي الامدادات النفطية، من ناحية اخرى، بأن عام 1997 تميز بزيادة مستويات المخزون النفطي، الأمر الذي ادى الى الضغط على الاسعار. واتضح مدى تلك الضغوط في الأشهر الاخيرة من عام 1997، اذ بلغ متوسط سعر البرميل لسلة خامات "أوبك" 18.7 دولار لعام 1997. ويمثل ذلك انخفاضاً قدره 1.6 دولار للبرميل، او ما يعادل ثمانية في المئة بالمقارنة مع متوسط سعر البرميل في عام 1996. غير ان الانخفاض في سعر النفط لم يؤثر بدرجة مهمة على عائدات الدول العربية من صادراتها النفطية عام 1997، وذلك لعوامل عدة، منها الزيادة التي سبقت الاشارة اليها في امدادات النفط العربية. ومنها ان الانخفاض في اسعار الأنواع الثقيلة من النفط كان اقل من مستوى الانخفاض في سلة "اوبك"، وينطبق ذلك بصورة خاصة على النفط المصدّر من الخليج العربي. كما ان ارتفاع الدولار، وهو العملة التي يتم بموجبها بيع النفط في الاسواق العالمية، مقابل العملات الرئيسية في عام 1997 ادى الى زيادة القوة الشرائية لعائدات الصادرات النفطية. علماً بأن درجة الاستفادة من زيادة القوة الشرائية للدولار تتفاوت في ما بين الدول المصدرة للنفط وفقاً لنظم صرفها وهياكل تجارتها الخارجية. وأدى التحسن النسبي في العوائد النفطية خلال الأعوام الاخيرة وما صاحبه من انتعاش في حركة النشاط الاقتصادي، والتوسع السكاني المستمر، الى زيادة في استهلاك الطاقة في الدول العربية بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 4.5 في المئة خلال الفترة 1993 - 1997، ليصل الى نحو ستة ملايين برميل من النفط المكافئ يومياً. وجاءت هذه الزيادة اساساً في استهلاك النفط والغاز الطبيعي. اما الأنواع الاخرى من الطاقة والمتمثلة في الطاقة الكهرومائية والفحم الحجري فلم تشهد امداداتها واستهلاكها تغيرات تذكر بسبب محدودية الموارد المتوافرة منها في الدول العربية. كما واصلت الدول العربية خلال عام 1997 جهودها لتنمية مواردها من النفط والغاز الطبيعي عن طريق تكثيف النشاط الاستكشافي والتطويري وتطبيق الأساليب الحديثة في الاستخراج. كما استمرت في الوقت نفسه في التوسع في المرافق والمنشآت النفطية، كي تزيد من امكاناتها الانتاجية والتصديرية، اضافة الى تنمية الاحتياطي النفطي. التطورات المالية تابعت الدول العربية خلال عام 1997 الجهود التي بدأتها خلال الأعوام الماضية لتصويب الاختلالات في اوضاعها المالية، وتقليص العجوزات في موازناتها العامة، واستكمال الاصلاحات الهيكلية التي بدأتها في جانبي الايرادات والنفقات، سعياً منها لايجاد بيئة اكثر استقراراً على مستوى الاقتصاد الكلي مواتية لتحقيق النمو القبائل للاستمرار. وقد تضمن ذلك مواصلة العمل على رفع كفاءة تخصيص الموارد، واصلاح النظم الضريبية وتوسيع قاعدتها. وتحسين هيكل الحوافز المشجعة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، والاستمرار في تنفيذ برامج اعادة تأهيل وتخصيص المؤسسات العامة. وتبين مؤشرات الأداء المالي، كما تعكسها البيانات المجمعة للموازنات الحكومية، ان الدول العربية تمكنت من تحقيق نجاحات ملحوظة خلال عام 1997. فقد انخفض العجز الكلي بنسبة تقدر بنحو 27 في المئة ليبلغ 11.4 بليون دولار، او ما يعادل 2.2 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي، بالمقارنة مع نسبة 3.1 في المئة في عام 1996. كما ارتفع الفائض الجاري بنسبة 31.9 في المئة ليبلغ 33.1 بليون دولار، وارتفعت نسبته الى اجمالي الناتج المحلي الى 6.4 في المئة بالمقارنة مع نحو خمسة في المئة عام 1996. ويعكس التحسن خلال عام 1997 جهود الاصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الدول العربية في مجال الايرادات والنفقات العامة. فقد تزايد اجمالي الايرادات الحكومية للدول العربية بمعدل بلغ 10.5 في المئة خلال عام 1997 بالمقارنة مع العام السابق، وارتفعت نسبتها الى اجمالي الناتج المحلي بما يقارب نقطتين مئويتين لتصل الى 33.7 في المئة. وفي المقابل، تراجع معدل نمو الانفاق الحكومي الى 7.1 في المئة في عام 1997، الا ان نسبته الى اجمالي الناتج المحلي اظهرت زيادة طفيفة عن مستواها في العام السابق والبالغ 35 في المئة. وتفاوت الأداء المالي على مستوى الدول العربية فرادى خلال عام 1997. ففي الوقت الذي استطاعت فيه كل من الجزائر وموريتانيا المحافظة على مستوى الفائض الذي تحقق في الأعوام السابقة، تمكنت الكويت من تحقيق فائض ملحوظ عام 1997 وللمرة الأولى منذ بداية عقد التسعينات. كما تمكنت ليبيا من تحقيق التوازن في عمليات الموازنة الحكومية خلال عام 1997. وفي المقابل واصلت دول اخرى تحقيق نتائج جيدة في خفض العجز الكلي بدرجة اكبر مما تحقق في العام السابق وهي الأردن والامارات وتونس والسعودية والسودان وسورية ومصر والمغرب واليمن. وحافظت عُمان على مستوى العجز الكلي المتحقق في العام السابق، في حين ارتفع ذلك العجز بالمقارنة مع العام الماضي في كل من البحرين وقطر ولبنان. التطورات النقدية والمصرفية والأسواق المالية في مجال التطورات النقدية، واصلت الدول العربية خلال عام 1997 اتباع سياسات نقدية تهدف إلى المحافظة على الاستقرار النقدي واستقرار الاسعار وسعر الصرف، وتنشيط الاستثمار، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي من خلال توفير التمويل اللازم لعملياته وأنشطته الانتاجية. واتجهت السلطات النقدية، بهدف زيادة فاعليتها واعطاء دور أكبر لقوى السوق وتدعيم المنافسة بين المصارف. وقد اسهم استمرار تقلص العجز في الموازنات الحكومية وتصحيح اوضاع مالية الحكومة خلال عام 1997 في تدعيم توجهات السياسة النقدية. وأظهرت التطورات أن معدل نمو السيولة المحلية في الدول العربية ككل أظهر ميلاً نحو الارتفاع في عام 1997، إذ بلغ نحو 2،10 في المئة مقارنة مع 3،9 في المئة عام 1996. أما على صعيد الدول العربية فرادى، فقد تباينت معدلات نمو السيولة المحلية فيها خلال عام 1997. ففي حين كانت معدلات نموها أقل مما كانت عليه في العام السابق في كل من السودان والسعودية وسورية ولبنان وجيبوتي، كانت تلك المعدلات اعلى بدرجات متفاوتة من مثيلاتها في العام السابق في كل من الأردن والإمارات والبحرين وتونس والجزائر وعُمان وقطر والكويت ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن. وكنتيجة لاستمرار الدول العربية في انتهاج سياسات مالية تقييدية تهدف إلى تصحيح أوضاع مالية الحكومة وتخفيض العجز في الموازنات الحكومية، تقلص دور صافي الائتمان الحكومي كمصدر للتوسع في السيولة المحلية، وكان له خلال عام 1997 أثر انكماشي على السيولة المحلية في معظم الدول العربية. وأدى ذلك إلى انخفاض نصيب الحكومة من الائتمان المحلي، وسمح بتحقيق زيادة ملحوظة في الائتمان المقدم للقطاع الخاص في جميع الدول العربية تقريباً. وواصل نصيب شبه النقود في السيولة المحلية بالنسبة للدول العربية ككل اتجاهه التصاعدي الذي بدأ منذ مطلع التسعينات. ويعكس هذا الاتجاه تأثير عدد من العوامل من بينها سياسات واجراءات تحرير أسعار الفائدة التي طبقها العديد من الدول العربية في إطار الاصلاحات الهيكلية الرامية إلى زيادة المنافسة بين المصارف وتعزيز كفاءتها في تعبئة الموارد وتخصيصها. بالاضافة إلى اتساع دائرة التعامل مع المصارف والتنوع والتحسين المستمر في الخدمات التي تقدمها المصارف للمتعاملين معها. وفي المجال المصرفي، استمر أداء المصارف العربية في التحسن خلال عام 1997، فقد حقق معظم المصارف العربية ارباحاً صافية فاقت ما حققته في عام 1996، ويعزى النمو في هذه الأرباح إلى تحسن البيئة الكلية التي تعمل المصارف في إطارها، وجهودها في تطوير وتحسين كفاءتها وتوسيع خدماتها. وواصلت المصارف العربية خلال عام 1997 التوسع في مجالات الخدمات التي تقدمها، وشمل ذلك بوجه عامو التوسع في الأنشطة والخدمات المصرفية والاستثمارية غير التقليدية. وعمل العديد من المصارف على زيادة استثماراته في الأوراق المالية العربية، وتوسيع وتطوير خدمات الوساطة الاستثمارية التي تقدمها لعملائها وتأسيس المزيد من صناديق الاستثمار. وشهد عام 1997 زيادة في نشاط المصارف العربية لتعزيز مواردها المالية وبشكل خاص متوسطة وطويلة الاجل، إذ عمد عدد من هذه المصارف إلى دخول الأسواق المالية الدولية عبر اصدارات الأسهم الدولية وإصدارات أدوات الدين والتحويلات المصرفية المباشرة. كما شهد عام 1997 العديد من حالات الاندماج والحيازة بين المصارف العربية. وعلى رغم ضآلة الحجم النسبي لقيمة هذه العمليات بالمقارنة مع عمليات الدمج التي شهدها القطاع المصرفي العالمي خلال العام نفسه، إلا أنها تمثل خطوة مهمة من شأنها ان تساعد على تشجيع المزيد من عمليات الدمج بين المصارف العربية بما يعزز من قدرتها التنافسية. وتشير بيانات الموازنة المجمعة للمصارف التجارية العربية لعام 1997 إلى أن الموجودات الاجمالية لهذه المصارف ارتفعت بنسبة 5،8 في المئة، كما زادت الودائع، خصوصاً الادخارية والآجلة بنسبة 3،9 في المئة، وسجل الائتمان المصرفي نمواً ملحوظاً خلال عام 1997 بلغت نسبته 9،11 في المئة بالمقارنة مع عام 1996. ويعزى ذلك إلى تزايد الطلب على التمويل المصرفي من قبل القطاع الخاص في ضوء تزايد دور ونشاط هذا القطاع في الاقتصادات العربية وفي ظل تحسن البيئة المالية والمصرفية وتراجع معدلات الفائدة. وفي اطار الجهود المبذولة من الدول العربية لتطوير اسواقها المالية وتعزيز دورها في حشد وتعبئة المدخرات المحلية واستقطاب الاستثمارات الاجنبية، شهدت الاسواق المالية العربية خلال عام 1997 تحسناً وتطوراً ملحوظاً في نشاطاتها سواء من حيث رسملتها او حجم التعامل فيها، كما شهدت هذه الاسواق خلال العام اصلاحات واجراءات متعددة هدفت في مجملها الى تطوير التشريعات والانظمة التي تحكم هذه الاسواق واعادة تنظيم اسواق الاوراق المالية بما يزيد من الافصاح والشفافية ويعزز ثقة المستثمرين وينسجم مع المعايير الدولية وسياسات الانفتاح على العالم الخارجي. وفي ضوء ذلك، شهدت الاسواق المالية العربية زيادة ملحوظة في نشاطها خلال عام 1997 اذ سجل حجم التداول ارتفاعاً كبيراً بلغت نسبته 109.1 في المئة ليبلغ 63.8 بليون دولار بالمقارنة مع 30.5 بليون دولار لعام 1996، وارتفع عدد الاسهم المتداولة بنسبة 34.7 في المئة ليبلغ 35.9 بليون سهم بالمقارنة مع 26.6 بليون سهم في عام 1996، كذلك ارتفعت القيمة السوقية الاجمالية بنسبة 36.0 في المئة لتبلغ 148.3 بليون دولار في نهاية عام 1997. وفيما يخص الاسعار ارتفع مؤشر الاسعار المركب لصندوق النقد العربي لهذه الاسواق بنسبة 15.4 في المئة ليبلغ 138.5 في المئة في نهاية عام 1997. وبمقارنة اداء اسواق الاوراق المالية العربية مع اداء الاوراق المالية الدولية اظهر المؤشر المركب لصندوق النقد العربي ان التحسن في اداء الاسواق العربية خلال عام 1997 فاق ذلك الذي سجلته معظم الاسواق المالية الدولية ممثلة بمؤشرات ادائها، حيث سجل مؤشر مؤسسة التمويل الدولية الخاص بالاسواق المالية الناشئة تراجعاً ملحوظاً بلغت نسبته 16.1 في المئة خلال الفترة نفسها. التجارة الخارجية والبينية تابع العديد من الدول العربية خلال عام 1997، في اطار سياسات التصحيح الاقتصادي والاصلاح الهيكلي، العمل على تحرير تجارته الخارجية عن طريق الغاء القيود الكمية وتقليل الحماية الفعلية وذلك بهدف ازالة التشوهات وتمكين اقتصاداتها من تعزيز قدرتها التنافسية لتعظيم استفادتها من الفرص التي يتيحها التكامل الدولي في اسواق السلع والخدمات. وانعكست التطورات في الاسواق الدولية على اداء التجارة الخارجية العربية خلال عام 1997، اذ اثر تراجع الاسعار العالمية للنفط على معدل نمو الصادرات العربية الذي تراجع من نحو 16.3 في المئة عام 1996 الى 3.5 في المئة عام 1997، في حين سجلت الواردات معدل زيادة قدره 4.2 في المئة وهو يقل عن معدل الزيادة في العام السابق والبالغ 4.6 في المئة. وتعكس الزيادة في الواردات عام 1997 في جزء منها اثر ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية على واردات الدول العربية التي تتمركز تجارتها مع الدول الاوروبية واليابان. وبالنسبة لحصة التجارة العربية الاجمالية في التجارة العالمية، فلم يطرح عليها تغير خلال عام 1997 اذ ظلت عند نسبة العام السابق البالغة 2.9 في المئة. اما في ما يخص التوزيع الجغرافي للتجارة العربية، فتشير الارقام الاولية الى حدوث زيادة طفيفة في قيمة التجارة العربية في جانبي الصادرات والواردات مع الاتحاد الاوروبي، الشريك التجاري الاول لمجموع الدول العربية، كما تظهر البيانات زيادة في قيمة التجارة العربية مع الولاياتالمتحدة وان كانت زيادة متواضعة. وحافظت الدول العربية على مستوى تجارتها مع دول جنوب شرق آسيا وبالتالي لم تنعكس بعد آثار الازمة الآسيوية التي بدأت في النصف الثاني من عام 1997، على التبادل التجاري مع الدول العربية. اما التجارة العربية البينية، فواصلت نموها بزيادة سنوية تقدر بنحو 4.7 في المئة عام 1997 وهي اعلى من معدل زيادة التجارة العربية الاجمالية للعام نفسه، ويبدو ان التجارة البينية تأثرت بالتطورات في الاسعار العالمية للنفط وارتفاع قيمة العملات بدرجة اقل مما تأثرت به التجارة الخارجية. ويرجع ذلك في جزء منه الى ان حصة الصادرات النفطية من الصادرات الكلية العربية اقل من حصتها من الصادرات البينية، كما ان وجود عدد من الاتفاقات الثنائية لتسوية المدفوعات ساعد على تخفيف آثار اسعار الصرف العالمية على قيمة التجارة العربية البينية.