مائدة شهر رمضان المغربية حافظت على عادات وتقاليد مارستها العائلات المغربية منذ مئات السنين، وتغلب عليها السكريات واللوز. ولا تخلو مائدة رمضانية مغربية من "الشباكية"، وهي حلوى مكونة من المكسرات والدقيق والبهارات التي تمنحها نكهة خاصة، ويتم اطفاؤها في العسل، وتصاحب عادة حساء يعرف ب "الحريرة"، وهو طبق لا تكتمل الموائد الرمضانية من دونه، وإن بدأت بعض العائلات تتجه في الآونة الأخيرة نحو أصناف أخرى من "الشوربة" والحساء بالخضراوات. وتتشكل الموائد وتزيّن بأحسن المأكولات في المغرب حتى لدى العائلات المتوسطة الحال. فبالاضافة إلى التمر، تجد "البريوات"، وهي أصناف من الحلوى مكونة أساساً من اللوز والعسل، و"السفوف" الذي يحضر بالدقيق واللوز والسكر، و"بسطيلة"، وهي عبارة عن محشي باللوز أو الدجاج أو "أوراق البسطيلة"، وهي أصناف بحرية يتم لفها في رقاقات من العجين. كما تزيّن المائدة المغربية خلال شهر رمضان المبارك بأنواع عدة من الفطائر مثل "البغرير" و"الرغايف" و"الرزيزة"، التي تفضل غالبية ربات البيوت ابتياعها جاهزة. وتزدهر حرف عدة خلال شهر رمضان في المغرب تختفي بانتهائه. فثمة عائلات مغربية فقيرة عدة تلجأ إلى هذه الأعمال الموسمية لسد بعض من حاجاتها فتصنع خصوصاً الفطائر التي تمتلئ بها أزقة الرباط وسلا. أما الحلويات التي يتطلب صنعها كلفة مرتفعة، فتجدها في المحال التي تتنافس على تقديم أفضل أنواعها، وتلجأ أحياناً إلى أصناف من الحلويات الشرقية كالقطائف والكنافة والبقلاوة لجذب المزيد من الزبائن. وتتنوع وجبات الافطار في المغرب بحسب المناطق، لكنها تجتمع عند نغمات الموسيقى الأندلسية التي تبثها القناة الأولى، وتحرص العائلات المغربية على اتباع هذا التقليد والاستمتاع بنغمات أندلسية مع كل وجبة فطور. وفي حين تتابع العائلات المغربية في المدن آذان الفطور من على شاشة التلفزيون المغربي، أو بعد سماع دوي مدافع المدينة، تستطلع العائلات الريفية آذان المغرب من خلال المؤذن، أو "النفار" الطبال الذي يسمع طبله مع آذان كل فطور وسحور، وهو تقليد لا تزال العائلات، خصوصاً في الأرياف، تستأنس به. ويشكل بالنسبة إليها مظهراً أساسياً من مظاهر شهر رمضان. وتتنوع وجبة السحور. فهناك من يؤجل العشاء إلى السحور الذي يتضمن في هذه الحال أشكالاً متنوعة من الطجين المغربي، سواء باللحم المشوي أو المبخر أو بالدجاج، في حين تفضل عائلات أخرى العشاء بعد الفطور بساعات قليلة، والانكفاء على الحليب والتمر في السحور أو بعض الفواكه الطازجة. ويأخذ النصف الأخير من شهر رمضان طابعاً متميزاً في المغرب يتعزز فيه الحضور الديني، وتتكرر فيه مشاهد صيام الأطفال الذين يتنافسون في ما بينهم حول قدراتهم على إكمال اليوم. والاحتفاء بالصيام الأول للأطفال يتم التحضير له عبر تقليد اجتماعي متميز. وعند وجبة الافطار الأولى يكون "الصائم الصغير" مرتدياً جلباباً أبيض وطربوشاً أحمر، فيما تزيّن الفتاة بأبهى الحلل واللباس التقليدي المغربي الذي يزيّن العروس عادة. وتتبرك العائلات المغربية بأول صيام للأطفال وتحرص على احاطة هذا اليوم بأجواء احتفالية خاصة وطقوس دينية، فيرافق الصائم الصغير أباه إلى المسجد لاداء الصلاة في خطوة نحو تكريس هذا الاتجاه لدى الأطفال منذ صغرهم. ويجد الصائم الصغير في هذه المناسبة فرصة لتقبل التهاني المصحوبة بهدايا رمزية من الأقارب والأصدقاء. وتتكرر جلسات النساء المغربيات في رمضان فيجتمعن لساعات في جلسات اصطلح على تسميتها "النقاشات" يمضينها في الكلام وتذوق الشاي المغربي وصبغ الأيادي بالحناء، وهو تقليد يتزايد بوتيرة عالية في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان.