العالم يملأه الضجيج والضرب والقرع والطنين والرنين الذي لا يزعج فحسب بل يصم الآذان. وتستلب الجلبة تدريجياً سمع كثير من الناس، وقد يؤدي الصخب الهائل في حالات معينة الى الاصابة بالصمم خلال أيام. لكن الباحثين يقولون انهم حققوا تقدماً في علاج فقدان السمع بسبب الضجيج وشرعوا في تجربة علاج يأملون أن يحقق تقدماً في الوقاية من الضجيج العالي. وتعيد التقنية الطبية الجديدة الصحة لخلايا الاذن الرقيقة المصابة بعطل لا يمكن اصلاحه. وطور الباحثون أدوية تؤخذ مسبقاً للوقاية من الأصوات المضرة. ابتكر الأطباء في المركز الطبي للبحرية الأميركية في سان دييغو طريقة لادخال انبوب قسطر صغير جداً عميقاً داخل الاذن ووضع الدواء في الخلايا الشعرية المصابة. ويُستخدم في العلاج دواء مضاد للتأكسد antioxidants لإزالة السموم التي تعززها الخلايا المصابة. ويمكن أن ينقذ العلاج المبكر الخلايا الشعرية الحساسة التي لا يمكن أن يعوض الجسم عنها ويوفر الحماية من الصمم الدائم. وقد نجحت التجارب في شفاء 3 مرضى بواسطة هذا العلاج الذي يستخدمه الأطباء حالياً في علاج 50 مريضاً آخرين. ويعود الاهتمام العسكري بالصمم الى كلفة علاج الصمم والتعويضات العالية التي يحصل عليها المصابون في القوات المسلحة وتبلغ نحو بليون ونصف بليون دولار سنوياً في الولاياتالمتحدة. ويقدّر أن نحو 11 في المئة من أفراد القوات المسلحة الأميركية يعانون من مشاكل سمعية سببها ضجيج اطلاق المدفعية والمحركات النفاثة وآلات البوارج والبواخر. ويتم العلاج عن طريق انبوب صغير جداً عبر الاذن الخارجية تحت طبلة الاذن وايلاجه الى الأعلى نحو الغشاء في نهاية قوقعة الاذن. والقوقعة على شكل حلزون في الاذن الداخلية ممتلئ بسائل تعوم فيه خلايا شعرية. ويبعث ضغط الأمواج الصوتية على غشاء قوقعة الاذن اهتزازات عبر السائل تحرك الشعيرات وتبعث اشارات تحملها الأعصاب في النهاية الى الدماغ. ويتم ايصال الدواء المضاد للتأكسد الى الخلايا الشعرية مباشرة. لأن أخذ الدواء بالفم أو الحقنة يستدعي تناول كميات كبيرة بشكل كاف حتى تبلغ الاذن. وتناول هذه الأدوية بكميات كبيرة يسبب أضراراً جانبية. ويمكن ابقاء الانبوب في موقعه داخل الاذن لاستخدامه في ادخال الدواء خلال كل يومين أو ثلاثة لفترة اسبوعين. أو يمكن ربط الانبوب بمضخة صغيرة تفرز الدواء أوتوماتيكياً يومياً. وتُستخدم الطريقة نفسها لادخال أدوية لعلاج مرض "منيير" Meniere الذي يصيب الاذن الداخلية ويسبب أعراض الدوار والغثيان الشديد والرنين في الاذن. ويتم العلاج بادخال دواء مضاد للحيوية سُمّي في جزء آخر من الاذن للقضاء على نوع آخر من الخلايا الشعرية التي تسبب المرض. وتستخدم هذه الطريقة بديلاً للجراحة التي تزيل نوعاً آخر من خلايا شعرية تنتج كثيراً من السائل في الاذن وتسبب أعراض هذا المرض. وذكر الأطباء أن الطريقة نجحت في علاج 18 مريضاً. وذكر أطباء في كلية الطب في جامعة إيلينوي أن طريقة استخدام الدواء المضاد للتأكسد ناجعة لأن سبب معظم اصابات الأذن الداخلية مواد سُمّية تنتج عن الاذن المصابة تدعى باسم "الجذور الحرة" free radicals التي يقضي عليها الدواء المضاد للتأكسد. و"الجذورالحرة" جزيئات ذات شحنة كهربائية عالية تنتج عن تفاعلات كيماوية في الجسم، ويُعتقد بأنها مسؤولة عن كثير من العلل، بما في ذلك الهرم والشيخوخة. وبرهن الأطباء على أن أضرار الاذن الداخلية الناجمة عن بعض الأنواع من أدوية مضادات الحيوية سببها مادة "الجذور الحرة" التي تنتج عنها.