تعد مدينة سوسةالتونسية مقصداً سياحياً رئيسياً للألمان الذين تصدروا المركز الأول بين زوار المدينة للعام الخامس على التوالي. وتعتبر تونس البلد الثاني الذي يقصده الألمان لتمضية اجازاتهم بعد تركيا، إلا ان سوسة تسحرهم بميزاتها التي تجمع بين جمال السواحل وتنوع الأسواق العربية وكثرة المدن الأثرية القريبة منها. وأمضى السياح الأوروبيون والعرب نحو 3.5 مليون ليلة في فنادق سوسة خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة الجارية طبقاً لإحصاءات "الديوان التونسي للسياحة" أي بزيادة تجاوزت ثلاثة في المئة قياساً على الفترة نفسها من العام الماضي. وتشكل المدينة السياحية المندمجة "القنطاوي" في الضاحية الشمالية لسوسة أحد أهم مراكز السياحة في المتوسط، اذ تضم عشرات الفنادق من فئتي أربع وخمس نجوم ويتوسطها ميناء ترفيهي يستقبل عشرات اليخوت والمراكب الخاصة، ويستقطب أعداداً كبيرة من الزوار الذين يجولون على المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي ويستمتعون برؤية البحر والسياح من جميع أنحاء العالم. شمس ورمال وتنتشر الفنادق في مدينة سوسة وكذلك في ضاحية القنطاوي على طول الساحل لأن السياح يفضلون تمضية غالبية الوقت في البحر. ويقول الهولندي ألبرت سيمونز: "هذه ثاني زيارة لسوسة على رغم كوني أحب تغيير البلدان التي أزورها ولا أذهب الى بلد واحد مرتين، فالمدينة ساحرة بصفاء مياهها ونصاعة رمالها وهذا ما نحتاجه في البلدان الباردة، لذلك علي أن آخذ زادي من دفء الشمس لسنة كاملة". وذكرت زوجة سيمونز أنهما لم يغادرا الفندق الا لمرات قليلة لزيارة المعالم التاريخية في سوسة والمهدية والمنستير ويفضلان دائماً الاستحمام وممارسة الألعاب البحرية على الشاطئ. وتمتلئ سواحل سوسة بالمظلات التي تجرها زوارق سريعة ويرتدي السائح سترة معلقة بمنطاد يكون على شكل مظلة كبيرة في "قاعدة" مهيأة لذلك على الرمال وتربط المظلة بزورق في البحر بواسطة حبل يجره في قوة الى ان يرتفع الراكب في الجو ويقطع به الزورق أميالاً وأميالاً قبالة الساحلة قبل ان يعيده الى "القاعدة" حيث يهبط في سلام بمساعدة شباب متخصصين في هذا العمل. ويقول الفرنسي روني فرادال ان اللعبة تستهويه كثيراً لأنها تتيح رؤية المدينة وما وراءها والسواحل المزدحمة بالمصطافين من الجو كما لو كان في طائرة. إلا ان السائحات الأوروبيات يقبلن على لعبة المظلات أكثر من الرجال. وقدر على الذي يعمل في احدى "القواعد" في سوسة نسبة السيدات بپ90 في المئة من اجمالي هواة المظلات. وتستقطب ألعاب بحرية أخرى، لا سيما الزوارق الشراعية والجولات على ظهور سفن صغيرة مكشوفة تزور الموانئ والمدن القريبة، أعداداً كبيرة من السياح. وعزا مسؤول سياحي في سوسة زيادة حجم السياح الفرنسيين يحتلون المرتبة الثالثة والبلجيكيين المرتبة الرابعة والهولنديين والإسبان والنمسويين الذين زاروا سوسة السنة الجارية الى السمعة التي تكرست عنها بوصفها احدى مدن السياحة البحرية الرئىسية في المتوسط. ومن يرى الأعداد الكثيفة من السياح على سواحل سوسة لا يصدق ان مجموعات كبيرة منهم تنتشر كل يوم في المدينة العربية أيضاً الا عندما يصعد الى أعلى القلعة التاريخية رباط سوسة القائمة داخل أسوار المدينة العربية المشرفة على البحر والتي كانت منطلقاً للعرب لفتح صقلية. ففي محيطها وحول المسجد الكبير تتجول مجموعات السياح المولعين بالتاريخ والمفتونين بالعمارة العربية التي تحتفظ سوسة ببعض من عناوينها البارزة. ويزور كثيرون متحف المدينة الزاخر بالقطع الأثرية النادرة التي تختزل تاريخ تونس من العهد الفينيقي الى الحقبة الرومانية والحقبة الاسلامية الأولى وصولاً الى الاتراك والعصور الحديثة. لكن السياح يفضلون بعد زيارة المتحف والمعالم التاريخية الانطلاق الى الاسواق القديمة المنتشرة داخل الأسوار والتي تشبه سوق الحميدية في دمشق، فيطلبون من الحرفيين ان يصنعوا لهم قلائد أو أساور فضية تحمل اسماءهم ويشترون هدايا وتحفاً فنية من التراث التقليدي المحلي كالأواني الخزفية والطرابيش والجلابيب والسجاد والمشغولات الجلدية والنحاسية. مدن تاريخية ويتيح موقع سوسة الاستراتيجي زيارة مدن اخرى قريبة منها فبرامج الرحلات المعدة للسياح تتضمن دائماً زيارات لعاصمة الفاطميين الأولى: المهدية التي انطلقوا منها لفتح مصر وتركوا فيها آثاراً جميلة ما زال قسم كبير منها صامداً الى اليوم، وكذلك القيروان وهي أول مدينة أسسها العرب في شمال افريقيا بعد فتحهم المنطقة، وتعتبر أهم مدينة تضم معالم تاريخية اسلامية في تونس مثل جامع عقبة بن نافع وخزانات المياه التي شكلت أهم نظام مائي حضري في تاريخ المنطقة القديم. وأقرب مدينة لسوسة هي المنستير وهي كذلك مدينة سياحية كبيرة لكنها تضم معالم تارىخية عتيقة أبرزها قلعتها وأسواقها ومساجدها. ورأى مسؤلوون سياحيون في سوسة ان تنويع برامج الترفيه وتنظيم رحلات استطلاعية الى مدن ومواقع أثرية وتاريخية يبعد الروتين عن السائح ويجعله أفضل سفير للسياحة المحلية بعد عودته الى بلده. الى ذلك تمتاز سوسة بكونها تضم ملعباً من أفضل ملاعب الغولف في تونس وملعباً آخر للغولف وثالثاً للتنس ورابعاً للبولينغ وملاعب كثيرة أخرى ما يجعلها قادرة على تلبية أذواق فئات مختلفة من السياح. ولمواكبة الإقبال السياحي المتزايد تطورت البنية الأساسية الفندقية في المدينة وضواحيها لتصل الى مئة فندق 35 ألف سرير، إلا ان هذه الطاقة لم تعد كافية ما حمل على التخطيط لإنشاء مناطق سياحية جديدة. وفضل التونسيون تفادي الإزدحام على سواحل المدينة فأنشأوا فنادق ومراكز ترفيه ومطاعم جديدة على الطريق الساحية بين سوسة وضاحية القنطاوي تمتلئ كل يوم بالألعاب والموسيقى والفاعليات الثقافية الترفيهية. كذلك قطع العمل في انشاء محطة سياحية مندمجة في منطقة بوفيشة 40 كيلومتراً جنوبسوسة شوطاً كبيراً وهي منطقة تتميز بسواحلها البكر وجمالها الطبيعي ما يرشحها لتكون في المستقبل مركزاً رئيسياً لسياحة الهدوء والراحة الكاملة.