في تطور جديد للأزمة المفتوحة بين ادارة الخطوط الجوية المغربية وعشرات التقنيين المضربين، دعا وزير الداخلية المغربي ادريس البصري الطرفين الى استئناف نشاطهما الداخلي وفقاً للاتفاقات المتفاوض في شأنها، ومواصلة الحوار "عند الاقتضاء" في اطار من الهدوء والمسؤولية من أجل الحفاظ على المصلحة العامة. ويعتبر تدخل وزير الداخلية المغربي لفض النزاع بين الادارة والتقنيين المضربين الأول من قبل الحكومة منذ اندلاع الأزمة بين الطرفين قبل حوالى سنتين. وتأتي دعوة وزير الداخلية المغربي تقنيي الخطوط الجوية المغربية الى استئناف العمل بعد تزايد حدة النزاع مع ادارة الخطوط الجوية المغربية وفشل المساعي الرامية الى ايجاد تسوية مرضية للجانبين. كذلك فإنها تأتي بعد اشارة المدير العام للشركة الى "حصول تجاوزات" لم يفصح عن طبيعتها قام بها بعض المضربين "من شأنها ان تلحق الضرر بالشركة المغربية". واكد البصري التزام السلطات المغربية بالحريات العامة والحريات النقابية، وممارسة حق الاضراب. بيد انه أوضح ان الحكومة "لن تسمح بأي مساس بحرية العمل وسلامة المرافق العمومية والنظام والقيام باعتصامات غير مرخص بها في مقر الشركة". يشار إلا ان بوادر الأزمة بين ادارة الطيران المغربية والعاملين فيها بدأت منذ ما يزيد على سنتين بعد مطالبة تقنيي الطيران بحقوقهم في "الترقية الداخلية". وتصاعد التوتر بين ادارة الشركة والمضربين عندما لجأت الادارة في 12 ايار مايو الماضي الى طرد 16 تقنياً من بينهم 8 أعضاء في مكتب الجمعية المهنية، ما تسبب في شن سلسلة من الاعتصامات والاحتجاجات في مقر الشركة تحولت بعدها القضية الى المحكمة التي أمرت المضربين باخلاء مبنى الادارة. وحول التقنيون اضرابهم الى مقر الجمعية المهنية للطيران في الدار البيضاء، يشاركهم في ذلك اطفالهم وعائلاتهم. الى ذلك، أبدى وزير العمل المغربي خالد عليوة استعداد الحكومة برئاسة عبدالرحمن اليوسفي الى توفير مناصب عمل في القطاع الخاص لحملة الشهادات العليا المعتصمين امام مقر البرلمان منذ حوالى شهرين. وعزا اختيار القطاع الخاص لتوظيف هؤلاء الى "عدم قدرة القطاع العام على استيعاب هذه الاعداد الوفيرة من العاطلين عن العمل". واكد ان الحكومة تسعى جاهدة الى حل معضلة البطالة التي تطال آلاف الشباب من حملة الشهادات في اطار صيغة "التكوين من أجل الاندماج"، مذكراً في هذا السياق بتوفير مناصب عمل في آب اغسطس الماضي لحوالى ألفي شاب من حملة الشهادات "من ضمنهم من ينتمون الى المجموعات المعتصمة أمام البرلمان". بيد انه أكد ضرورة تقديم تكوين لحملة الشهادات العاطلين في مجالات أخرى تمكنهم من الحصول على مناصب عمل. وأشار عليوة من جهة اخرى الى ان عدد العاطلين عن العمل من حملة الشهادات يقدر حالياً بحوالى 200 ألف شاب. وكان نائب في التيار الاسلامي الحركة الشعبية الدستورية انتقد صمت الحكومة إزاء استمرار اعتصام الطلاب حملة الشهادات الجامعية أمام البرلمان. وقال أنهم بدأوا يعانون من المرض والمآسي نتيجة طوال الانتظار، بخاصة بعد هطول الأمطار الأولى التي جعلتهم يحتمون بإقامة خيام من البلاستيك في الشارع الرئيسي للعاصمة الرباط. في غضون ذلك، ذكرت مصادر المجلس الوطني للجمعية المغربية لحملة الشهادات العاطلين عن العمل، انه تقرر تنظيم "مسيرة ضد البطالة" في 26 تشرين الأول اكتوبر المقبل في الرباط. وأوضحت المصادر أن هذه المسيرة التي تقررت خلال اجتماع لمجلس حاملي الشهادات العليا "لا تأتي كرد فعل على وعود وزير العمل بتوفير مناصب عمل، وانما للاحتجاج بصفة رسمية على الاجراءات التي اتخذتها الحكومة في تعاطيها مع ملف العمل برمته". ولم تستبعد ان يقاطع الطلبة من حملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل الاجتماع الذي تقرر عقده في 23 ايلول سبتمبر الجاري مع وزير العمل المغربي. على صعيد آخر، أثار تصريح للكاتب الفرنسي جيل بيرو نشرته جريدة "الاتحاد الاشتراكي" التي يديرها رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي، انتقادات حادة في فصائل المعارضة. وعرف البرلمان المغربي أول من أمس نقاشاً ساخناً في هذا الشأن. وابدت المعارضة استغرابها ازاء نشر الاتحاد الاشتراكي تصريحاً لبيرو الذي قالت انه "عُرف بعدائه للمغرب ومواقفه من الصحراء الغربية"، في اشارة الى كتاب "صديقنا الملك" الذي ينتقد تعاطي الدولة مع التطورات وأوضاع حقوق الانسان في البلاد. وقال نائب في كتلة الحركة الديموقراطية الاجتماعية: "كيف يسمح لهذا الكاتب الذي يعرف بعدائه السافر للمغرب بنشر مقال في جريدة يديرها رئيس الوزراء". وزاد: "يجب معرفة أسباب ودواعي نشر هذا التصريح" الذي يقول بيرو فيه ان التناوب هو الفرصة الأخيرة للمغرب في تدشين الديموقراطية في البلاد. بيد ان محمد بوزيع وزير العلاقات مع البرلمان اعتبر انتقادات المعارضة "تخرج عن نطاق مراقبة عمل الحكومة". وزاد ان الأسئلة التي يوجهها النواب "يجب ان تنصب على السياسات العامة للحكومة وليس على ما تنشره الصحافة". واعتبر ان "أسئلة من هذا النوع تسعى الى جعل الأداة الاشتراعية أداة للمساس بحرية التعبير والتضييق على حقوق الصحافة". واشار ان مراقبة الصحافة هي من صلاحيات القضاء "الذي يفصل بين من يحدث له ضرر من صحيفة معينة". وقال ان الخبر مقدس "بخاصة اذا صدر عن خصوم المغرب عند مراجعتهم لمواقفهم". وزاد: "يجب حماية حرية الصحافة من كل الفاعلين السياسيين الذين لهم غيرة على الديموقراطية في بلادنا".