بدأ بعض شركات القطاع الخاص في السعودية يدرك أن بمقدوره ان يلعب دوراً أكبر في مجالات التنمية الصناعية في الداخل، يتجاوز مجرد إمتلاكه حصصاً محدودة في شركات صناعية ثانوية ويتمثل في خوضه تجربة الإستثمار في القطاع الصناعي مباشرة بتأسيس صناعات أساسية وتشغيلها وإدارتها إما بالكامل أو بالمشاركة. وبدأ اخيرا بعض شركات القطاع الخاص النشطة يلتفت الى الإستثمار في الصناعات البتروكيماوية الأساسية وخصوصاً مادتي البروبلين والبولي بروبلين، ومن هذه الشركات "شركة التصنيع الوطنية" وهي شركة مساهمة مملوكة للقطاع الخاص بالكامل تملك حصصاً بنسب متفاوتة في شركات صناعية عدة تزيد على 20 شركة. وبدأت "التصنيع الوطنية" في اطار اهتمامها الإستراتيجي بالصناعات البتروكيماوية إعداد دراسة للجدوى الإقتصادية لإنشاء مجمع بتروكيماوي ضخم في الجبيل الصناعية لإنتاج مشتقات غاز البروبان. ويتضمن المشروع إنتاج مادة البروبلين بطاقة سنوية تقدر بنحو400 ألف طن متري، وذلك بإستخدام تقنية نزع الهيدروجين. وإذا أقر المشروع فإنه سيغدو الأكبر من نوعه في العالم وسينافس "الشركة العربية للبتروكيماويات" بتروكيميا، احدى شركات "الشركة السعودية للصناعات الاساسية" سابك، في مدينة الجبيل الصناعية التي تنتج هذه المادة حالياً بطاقة 300 ألف طن سنوياً، و"شركة ينبع السعودية للبتروكيماويات" ينبت التابعة ل "سابك" في ينبع والتي ستنتج هذه المادة بطاقة 250 ألف طن متري سنوياً بحلول السنة 2000. لكن الأهم من ذلك أن مادة البروبلين تشكل مادة خام لإنتاج مادة البولي بروبلين التي تنتجها "الشركة السعودية للبتروكيماويات" ابن زهر في مدينة الجبيل حالياً بطاقة 320 ألف طن سنوياً، مايعني أن "التصنيع الوطنية" ستكون قادرة اذا ارادت في المستقبل على انتاج مادة البولي بروبلين التي تدخل في صناعات إستهلاكية عدة مثل بعض أجزاء السيارات والسجاد والأواني المنزلية وبعض الأغشية ومواد التغليف، وستتمكن بالتالي من تحقيق غايتين من انتاج البروبلين، الاولى تسويق المادة محليا ودوليا والثانية استخدامها في انتاج مادة البولي بروبلين. وعلى الصعيد نفسه وبموجب الصيغة التكاملية نفسها تسويق البروبلين واستخدامه في انتاج البولي بروبلين، يجري البدء في انشاء مجمع بتروكيماوي ضخم في مدينة ينبع الصناعية يضم مصنعين لإنتاج البروبلين والبولي بروبلين تقدر كلفته بنحو 600 مليون دولار أميركي وتبلغ طاقته الانتاجية السنوية نحو مليون طن سنوياً لكلا المصنعين. ويشترك في تأسيس المجمع مناصفة مجموعة من المستثمرين السعوديين تحت إسم "ناتبيت" وشركة "مونتيل أرابيا" التابعة لشركة "مونتيل إنترناشونال"، ويتوقع أن يبدأ الإنتاج في السنة 2000. خيار إستراتيجي ويبدو أن الخيار الصناعي الذي يتوجه القطاع الخاص السعودي لتبنيه هو خيار إستراتيجي يتزامن مع تدهور أسعار النفط والأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمر بها الدول المصدرة للنفط، التي يشكل النفط معظم ايرادات موازناتها، الأمر الذي يتطابق مع دعوات البحث عن خيارات وبدائل إقتصادية أخرى تعمل على تنويع القاعدة ومصادر دخل الإقتصاد الوطني، ومن أهمها بالطبع الإستثمار في مجال البتروكيماويات. ويعني دخول القطاع الخاص السعودي مجال الإستثمار الصناعي على هذا النحو أن واقعاً إقتصادياً جديداً لا يمكن تجاهله بدأ يفرض نفسه، ضمن إطار إقتصاد دولي يتصف بالتحولات السريعة والتبادل التجاري الذي سيغدو حراً عبر تنظيمات منظمة التجارة الدولية.