واجه تحول شركة "روكويل انترناشونال" من شركة تتعاطى المعدات الحربية إلى شركة تتعاطى الالكترونيات التجارية، نكسة أخيراً عندما أعلنت أنها ستبيع القسم الذي ينتج أشباه الموصلات إلى المساهمين وستتخلص من ثلاثة آلاف وثمانمئة وظيفة وتخصيص 625 مليون دولار لهذا الغرض، قبل دفع الضريبة. وكانت "روكويل" التي انتجت الطائرة القاذفة ب -1 والمكوك الفضائي، تعول على نشاطها في مجال الالكترونيات لكي ينقلها إلى رحاب المستقبل على اعتبار ان قطاع الالكترونيات سريع النمو ويجتذب اهتمام العامة والخاصة. وكانت "روكويل"، تطبيقاً لاستراتيجية التحول إلى نشاط الالكترونيات، باعت في 1996 نشاطها في مجال المعدات العسكرية والفضاء إلى شركة "بوينغ" لقاء 2،3 بليون دولار، كما فصلت عن الشركة الأم النشاط الذي يتعاطى قطع غيار السيارات وضمته في شركة مساهمة عامة هي "ميريتور اوتوموتيف". لكن سوق الالكترونيات، خصوصاً في مجال أشباه الموصلات متقلبة على رغم نموها السريع كنشاط اقتصادي. وتلقت "روكويل" ضربات متكررة من مقرها في كوستا ميزا في كاليفورنيا بدءاً من تراجع أسعار أجهزة الموديم الخاصة بالكومبيوترات الشخصية إلى بطء مبيعات الأجهزة المزودة بالشرائح التي تصنعها الشركة. وجاءت الضغوط من الخسائر في قسم أشباه الموصلات، إضافة إلى الضغوط من المساهمين لتحمل "روكويل" إلى التوصل إلى نتيجة مفادها أنها لا تطيق حال الازدهار الذي يليه ضيق يتبعه ازدهار في ما بعد. وان النشاط في مجال الشرائح لا يتناسب مع أنشطة الشركة الأخرى التي يمكن التكهن بتطوراتها وتقلباتها مثل انتاج المعدات الصناعية الآلية والفضائيات. وفي مقابلة إعلامية أخيرة قال رئيس مجلس إدارة الشركة وكبير المسؤولين التنفيذيين فيها، دون ديفيس: "الأنشطة أعلاه تختلف تماماً عن غيرها". ولما سئل عن الأسباب التي "أعمت" الشركة في العام الماضي عما تراه اليوم، قال في إشارة إلى سوق الموديم: "لقد تدهورت الأسعار أكثر بكثير مما توقعنا ما يبدل ديناميات الأمر برمته". وإضافة إلى الخسائر التي تكبدتها الشركة من وراء انتاجها شرائح الكومبيوتر التي تمثل أكبر قسم من أقسام "روكويل" ركدت مبيعاتها كذلك لأسباب أخرى، منها المشاكل الاقتصادية في آسيا، فيما بقي نشاطها في مجال الفضائيات قوياً. وقالت الشركة إنها ستعلن عن أرباح أقل من المنتظر عن الربع المالي الثالث الذي انتهى الثلثاء الماضي، وهو الربع الثاني على التوالي الذي تتراجع فيه الايرادات عن التقديرات السابقة. وقال ديفيس إنه من المنتظر ان يكون العائد على أسهم الشركة في الربع الثالث بواقع 30 سنتاً للسهم الواحد، من دون اعتار مخصصات تسريح الموظفين. وأضاف ديفيس انه لجهة النشاط في أشباه الموصلات سيكون عائد السهم الواحد 45 سنتاً بعدما كان 56 سنتاً للسهم الواحد في الربع الثالث من العام المالي الماضي. وكان المحللون توقعوا أن تكون الايرادات بواقع 68 سنتاً للسهم الواحد. وقالت الشركة إن القيمة الباقية لمبيعات السنة الجارية ستكون نحو 7،1 بليون دولار، أي بزيادة خمسة في المئة. وبالنسبة إلى العام المالي كله، توقعت الشركة أن يكون ايراد السهم الواحد من العمليات الباقية المتواصلة 30،2 دولار، مقارنة ب 12،2 دولار العام الماضي، وأن تكون قيمة المبيعات نحو 8،6 بليون دولار. وتعقيباً على تراجع الايرادات أعلن ديفيس أخيراً عن عمليات تتم لإعادة تنظيم الشركة تكهن بأنها ستؤدي إلى توفير مئة مليون دولار، قبل دفع الضريبة، في السنة المالية المقبلة، و200 مليون دولار سنوياً بدءاً من سنة 2001. يذكر ان ديفيس صار كبير المسؤولين التنفيذيين في الشركة، بعد خدمة طويلة فيها، في تشرين الأول اكتوبر الماضي، ورئيساً لمجلس إدارتها في شباط فبراير الماضي. ويقول المحلل الاقتصادي في شركة "سي آي بي سي اوبنهايمر"، ليور برغمان إن "روكويل" قاومت فكرة التخلص من نشاطها الخاص بالشرائح في وقت كان بوسعها ان تبيعه بسعر أفضل، أما الآن فهي تبيع بدافع الضعف لا القوة. ويضيف برغمان ان نشاط الشركة في مجال الفضائيات وانتاج الآليات ربما واجه النشاط الخاص بالشرائح في المستقبل لأن هذين النشاطين لا ينسجمان مع بعضهما البعض. وبالنسبة لخفض عدد العاملين في الشركة، المقرر أن يبدأ تطبيقه في مجال انتاج الآليات بواقع تسعة في المئة من العاملين في الشركة في غير النشاط الخاص بالشرائح والبالغ عددهم 41 ألف عامل. ومن المحتمل أن يُعاد تنظيم نشاط انتاج الشرائح في الشركة الذي يعمل فيه سبعة آلاف موظف على رغم ان المسؤولين يؤكدون ان عدد المسرحين في قسم انتاج شرائح الكومبيوتر لن يكون كبيراً. وتتضمن مخصصات إعادة تنظيم بنية الشركة، البالغة قيمتها 625 مليون دولار، بواقع 275 مليون دولار ستنفق في سبيل التخلص من الموجودات غير الملموسة أهميتها للشركة لا سيما في صناعة المحركات. ومعلوم ان القسم الذي ينتج الشرائح بدأ نشاطه في الشركة منذ نحو ثلاثة عقود، لكنه صار قسماً مهماً من الشركة في خلال السنوات القليلة الماضية فقط، أي بعدما تم بيع القسمين الخاصين بالفضائيات والمحركات السيارات، وبعدما شهدت مبيعات أجهزة الموديم ازدهاراً بسبب ازدياد شعبية انترنت. وكانت قيمة مبيعات قسم أشباه الموصلات ارتفعت بثلاثة أضعاف من 530 مليون دولار عام 1993 المالي إلى 59،1 بليون دولار عام 1996 المالي قبل أن تعود لتراوح مكانها عام 1997، فيما كانت شرائح الموديم تشكل نحو نصف مبيعات القسم. لكن حماسة المساهمين لشراء أجهزة الموديم خفت بسبب المعركة حول شكل الموديم التي نشبت العام الماضي بين "روكويل" وشركة أميركية منافسة لها هي شركة "روبوتيكس" التي تشكل الآن جزءاً من "ثري كوم كورب". وعلى رغم اتفاق الشركتين أخيراً على قياس لأجهزة الموديم الحديثة، التي تعمل ب 56 كيلوبت في الثانية، لم تستعد المبيعات عافيتها وبقيت الأسعار متدنية.