تصاعدت وتيرة المعارضة للحكومة الأردنية بعدما أمر الملك حسين الذي يمضي فترة علاج في الولاياتالمتحدة الأميركية، بتشكيل لجنة "لتقصي الحقيقة" في أزمة المياه التي تعيشها العاصمة عمان، فيما فشل اجتماع مجلس النواب مع وزير المياه منذر حدادين الذي لم يف بوعده احضار الخبير الأميركي الذي قدم تقريراً عن صلاحية المياه. وقال الأمير حسن نائب العاهل الأردني بعد ترؤسه مجلس الوزراء أول من أمس ان لجنة التحقيق تسعى "للوصول الى الحقائق المتعلقة بالموضوع كافة، والتعامل معها بموضوعية وحيادية تعكس مهنية ونزاهة وصدقية الدولة التي يجب ألا تُمس". وشكلت لجنة التحقيق من خارج وزارة المياه برئاسة الأمين العام لوزارة العدل وعضوية ممثلين من مؤسسات حكومية وأهلية ذات اختصاص. وحددت أهدافها بمعرفة "مصادر اليرقات والديدان التي اصابت المياه وكذلك مصادر الرائحة التي وصلت الى المنازل والمرافق". وستحدد اللجنة "الجهات المقصرة" خلال اسبوعين. وكان سكان عمان الغربية اشتكوا منذ منتصف الشهر الماضي من وجود شوائب وروائح في مياه منازلهم، إلا أن الحكومة أنكرت وجود تلوث وأكدت ان المياه "نظيفة وصالحة للشرب ولا يوجد ما يشوبها". وعزت التغيرات التي طرأت على المياه الى تقطع الضخ، وارتفاع درجة الحرارة. غير أن صحيفة "العرب اليوم" مستقلة نشرت تقريراً الاثنين الماضي لخبير في شركة "ستانلي" الأميركية التي استقدمتها الحكومة للتحقق من صلاحية المياه، كشفت فيه عن وجود "ملوثات غائطية في المصادر المائية الثلاثة" التي تزود محطة زي التي تمد غرب عمان بالمياه. واضافة الى الملوث الغائطي كشف التقرير وجود "الطحالب والديدان الاسطوانية والكلور" وذكر ان الحكومة تعرف هذه المعلومات منذ منتصف الشهر الماضي وتكتمت عليها. وقال التقرير ان المياه الملوثة مصدرها بحيرة طبرية، وهي المياه التي حصل عليها الأردن عقب توقيعه معاهدة السلام مع الدولة العبرية عام 1994. وفي اليوم التالي نفت الحكومة تقرير الخبير الأميركي الذي غادر عمان الخميس الماضي، وهو نائب مدير شركة "ستانلي" ويدعى لين بروت. وبث التلفزيون الأردني مقابلة مع خبير آخر للشركة هو مايكل رينغ قال فيها ان المعلومات المنشورة عن التقرير "غير مستكملة". ووعد وزير المياه الأردني باحضار الخبير الى مجلس النواب إلا أنه اعتذر في ما بعد بحجة ان السفارة الأميركية لم تسمح له بالحضور. وقالت أوساط نيابية ل "الحياة" ان الحكومة اعترفت في لقائها مع النواب بالمشكلة لكنها تحاشت الحديث عن مصادر المياه وتحديداً الآتية من طبرية عبر دجانيا. وكشفت الأوساط ذاتها ان وزير المياه حاول اشراك وزارة الصحة في المسؤولية إلا أن وزير الصحة رفض ذلك وأكد ان مسؤوليته تبدأ بعد وصول الماء الى البيوت. وقال النائب فواز الزعبي ان التقرير الذي نشرته الصحف لو كان في بلد آخر "لأسقط الحكومة" وتساءل النائب عبدالمجيد الاقطش عن سبب دفاع الحكومة عن المياه الآتية من طبرية. وطالب النائب منصور مراد بمحاكمة وزير المياه حتى لو اقيلت الحكومة. في غضون ذلك، تدرس نقابة المحامين رفع قضية جزائية لمقاضاة المسؤولين الحكوميين. فيما طالبت الأحزاب المعارضة برحيل الحكومة ومحاسبتها. واعتبرت أوساط سياسية ان الحكومة "مقالة مع وقف التنفيذ بسبب تعذر تغييرها دستورياً في ظل غياب الملك عن البلاد". وكشفت ان رئيس الوزراء عبدالسلام المجالي طلب منه "الاستراحة" عبر اجازة بدأها بزيارة للملك حسين الذي يمضي فترة علاج من اللمفوميا في عيادة مايو كلينك في الولاياتالمتحدة. وسبق للمجالي ان أمضى اجازة اسبوعين في الشهر الماضي. ويذكر ان وزير المياه الأردني سبق وان أقيل من منصبه كمدير لسلطة وادي الأردن عام 1987 بسبب فضيحة مياه مشابهة، وكان عضواً في الوفد الأردني المفاوض عقب مؤتمر مدريد والذي كان برئاسة الدكتور عبدالسلام المجالي.