اختتمت في الأردن يوم الأحد الماضي فاعليات "مهرجان جرش 98"، وهو السابع عشر في سلسلة المهرجانات التي حملت هذا الاسم، والتي تدور أحداثها في مدينة الجرش الأثرية وفي أماكن أخرى من العاصمة عمان. وكانت الحفلة الثالثة التي أحياها المطرب السعودي عبدالمجيد عبدالله، خلال المهرجان، خاتمة الفاعليات الفنية والثقافية التي شهدها الحدث السنوي الذي افتتح في 22 الشهر الماضي. ولوحظ ان حفلات عبدالمجيد عبدالله جاءت لتعدل في مستوى الاقبال على هذه الفاعليات حيث شهدت اقبالاً جيداً مقارنة بالأنشطة الأخرى كافة بما فيها حفلات مارسيل خليفة الذي اعتاد أن يستقطب جماهير غفيرة في كل مرة يشارك فيها في مهرجان جرش. وقدر عدد من حضروا كل حفلة من حفلات المطرب عبدالمجيد عبدالله بنحو 12 ألف متفرج ازدحم بهم المدرج الرئيسي في جرش. ولأول مرة يحدث في المهرجان ان عدد حضور احدى الأنشطة الفنية لم يتجاوز 40 شخصاً، مما حدا بفرقة فنية اسبانية الى الامتناع عن تقديم عروضها نظراً الى قلة عدد الحضور، في حين كانت أعداد الحاضرين في بعض الحفلات على درجة كبيرة من التواضع. وعلى رغم ان المهرجان الذي كان يبدأ فاعلياته عادة منتصف شهر تموز يوليو من كل عام تأجل لتجنب تضارب فاعلياته مع بث وقائع آخر مباريات بطولة كأس العالم الى الثاني والعشرين من الشهر الماضي، إلا أن هذه اللفتة لم تجد في جذب العدد المنشود من المتفرجين الذين كانوا يملأون عادة جميع المدرجات حيث تجري الفاعليات والأنشطة من مسرحيات وعروض لفرقة فنية من جميع انحاء العالم وفاعليات ثقافية تتضمن أمسيات شعرية وحلقات نقدية ونقاشات أدبية. وأثارت هذه الظاهرة انتباه الكثيرين ممن وجهوا تساؤلات في شأنها الى السيد أكرم مصاروة، مدير المهرجان الذي استقال من منصبه كأمين عام لوزارة السياحة والآثار في العام الماضي ليتفرغ لإدارة المهرجان، وكان جوابه الوحيد: "اسألوا الناس". أما نائبة رئيس اللجنة الوطنية العليا للمهرجان السيدة ليلى شرف فقالت ان الأمر قد يعود الى تزامن افتتاح المهرجان مع مرض الملك حسين، أو الى أزمة قانون المطبوعات وأزمة المياه، وهي أزمات طرأت في الوقت الذي كانت فيه فاعليات المهرجان تتوالى في ظل حضور متواضع العدد. وكان العاهل الأردني والملكة نور الحسين، وهي رئيسة "اللجنة الوطنية العليا للمهرجان"، غادرا الى الولاياتالمتحدة حيث خضع الملك حسين للعلاج، وهو ما زال هناك يتلقى العلاج، ما جعل نائبة رئيس اللجنة العليا، السيدة ليلى شرف ترعى حفل الافتتاح الذي يبدأ في العادة باضاءة شعلة المهرجان في حضور الملكة نور الحسين رئيسة اللجنة العليا، وينتهي بانطفائها. وكان لمرض العاهل الأردني ومغادرته الى الولاياتالمتحدة للعلاج اثر سلبي على الأوضاع الاقتصادية في الأردن تمثلت في اندفاع المواطنين الى تبديل كميات كبيرة من الدنانير الأردنية الى دولارات، وذلك على رغم ان سعر الدينار مرتبط بسعر الدولار بموجب قرار حكومي اتخذ عام 1995. أما أزمة المياه التي أطاحت وزير المياه والري الدكتور منذر حدادين، فأشاعت جواً من الذعر في أوساط المواطنين الذين اكتظوا بأعداد غفيرة أمام محلات بيع المياه المعدنية ومواقف تجمعات الصهاريج التي تنقل الماء الى منازل المواطنين، لاستخدامها بديلاً عن المياه الملوثة التي تضخها اسرائيل الى الأردن من بحيرة طبريا. وأضاف مراقبون الى هذه الأسباب سبباً آخر لتفسير الاقبال المتواضع على فاعليات مهرجان جرش للسنة الجارية وهو الوضع الاقتصادي السيء للمواطنين الذين يرزحون تحت وطأة غلاء متواتر وبطالة مرتفعة ومستويات معيشة متدنية. وكان مهرجان جرش صادف بعض المشاكل العام الماضي أدت الى حدوث قطيعة بين إدارة المهرجان ممثلة في السيد أكرم مصاروة، الذي ما زال يشغل منصبه مديراً للمهرجان، وبين الصحف الأردنية، وكانت النتيجة ان تغيرات أجريت على بعض اللجان التي تحضر للمهرجان فحلت محل لجنة الشعر، التي كان يرأسها الناقد فخري صالح، لجنة من شعراء ونقاد عرب أوكلت لهم مهمة وضع الفاعليات الثقافية في المهرجان. غير أن جهود التغيير هذه لم تجد مع ذلك في انجاح المهرجان للسنة الجارية.