نيروبي، دار السلام، جوهانسبورغ، كيب تاون جنوب افريقيا، رامشتاين المانيا، شيكاغو، كوالالمبور، لاهاي، واشنطن - أ ب، أ ف ب، رويترز - بدأ المحققون الأميركيون أمس الربط بين الأدلة المتوافرة في تفجيري السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام التي أعلن فيها استجواب 14 أجنبياً غالبيتهم من العرب. وتواصلت أمس عمليات انتشال جثث من تحت الركام في نيروبي، حيث وصلت حصيلة الضحايا حتى أمس إلى 228 قتيلاً. ومن المتوقع أن تصل وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت اليوم إلى قاعدة أميركية في المانيا لترافق جثث 11 أميركياً إلى قاعدة اندورز في الولاياتالمتحدة لتأبينهم بحضور الرئيس بيل كلينتون. وقال الرئيس الكيني دانييل آراب موي إن قيمة الخسائر في اعتداء نيروبي تزيد عن 500 مليون دولار. وأعلن وزير الداخلية التنزاني علي عمير محمد لوكالة "فرانس برس" أن محققين من مكتب التحقيقات الفيديرالي اف. بي. آي والشرطة التنزانية يستجوبون ثلاثة مواطنين من العرب أحدهم سوداني. وقال: "بدأنا استجوابهم واطلاق سراحهم المحتمل سيكون مرهوناً بنتيجة هذا الاستجواب". وأضاف ان مواطناً المانياً اعتقل لفترة وجيزة الاثنين بعدما عثر في حوزته على قطع معدنية من موقع الانفجار في دار السلام. لكن أخلي سبيله بعدما أكد أنه اشتراها من شاب تنزاني كتذكار. وتابع عمير محمد: "عندما توجهت الشرطة الى الشاب التنزاني بالسؤال عما اذا كان باع فعلاً هذه القطع الى المواطن الالماني، أقر انه فعل ذلك، مضيفاً انه حصل عليها في موقع الانفجار في السفارة. وأخلي سبيله بعد استجوابه". وتابع خبراء في المتفجرات تحقيقهم أمس في نيروبي ودار السلام، بحثاً عن دلائل تساعد على تحديد نوع المتفجرات التي استخدمت في عملية التفجير. وقال ديبلوماسي أميركي في تنزانيا إن السلطات التنزانية تسيطر سيطرة كاملة على التحقيقات. وأبلغ الصحافيين "انهم يتعاونون في شكل ايجابي مع ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي ومسؤولي وزارة الخارجية الأميركية ومحققين لمكافحة الارهاب وصلوا إلى هنا". ورفض الديبلوماسي مناقشة التحقيقات، وصرح بأنه لا يملك معلومات تفصيلية عما أعلنته سوزان رايس مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الافريقية عن اعتقال أشخاص في تنزانيا. وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية أول من أمس ان الحكومة الاميركية انفقت خلال 13 سنة بليون دولار تقريباً لتحسين أمن سفاراتها، وهذا ما يشكل أقل من ثلث الجهد الذي أوصت به إحدى اللجان في 1985. فبعد الاعتداء على سفارة الولاياتالمتحدة في بيروت في 1983، حددت لجنة من وزارة الخارجية ترأسها الاميرال بوبي اينمان نفقات التحسينات الواجب ادخالها على المباني الاميركية الرسمية ال 126 التي يمكن ان تتعرض لهجوم في الخارج ب 5،3 بليون دولار. وحددت اللجنة أيضاً معايير لبناء مبان جديدة. ومنذ 1985 أقر الكونغرس 800 مليون دولار لبناء 27 مبنى جديداً و200 مليون دولار لاصلاح مبانٍ قائمة، كما قال باتريك كينيدي مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الادارية. واعترف كينيدي بأن سفارتي بلاده في نيروبي ودار السلام اللتين بنيتا قبل 1980 لا تنطبق عليهما معايير لجنة اينمان، لكنه أكد ان واشنطن أجرت كل التحسينات الممكنة لتحسين الشروط الامنية فيهما. لكنه قال إنه من المتعذر أحياناً تطبيق بعض المعايير على المباني الموجودة، كإقامة شريط أمني واسع بين الشارع والمباني. واضاف: "نبحث في أوضاع كل سفارة على حدة". وتقع السفارة في نيروبي في وسط المدينة، فيما بنيت السفارات الاميركية الحديثة جميعاً في أحياء بعيدة. لكن كينيدي رفض القول ما إذا كان الارهابيون الذين فجروا السفارتين في نيروبي ودار السلام اختاروا هدفيهما بسبب سهولة مهاجمتهما. وفي هاتين السفارتين، على غرار القسم الأكبر من البعثات الديبلوماسية الاميركية، كان حراس محليون متمركزين خارج حرمهما، ولا يتدخل عناصر المارينز إلا بصفتهم خط الدفاع الثاني. ويتولى عناصر المارينز أيضاً تشغيل آلات تصوير المراقبة الامنية، لكن كينيدي رفض القول ما إذا كانت هذه الآلات المركزة في نيروبي ودار السلام سجلت الانفجارين. ويؤكد خبراء ان الأموال التي خصصها الكونغرس بناء على توصية لجنة اينمان انفقت كأولوية على بعثات ديبلوماسية في مناطق تعتبر خطرة كالشرق الأوسط واميركا اللاتينية، فيما كانت افريقيا في أسفل اللائحة لسنوات طويلة. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في عددها الصادر أمس أن وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي. آي. اي ساعدت العام الماضي على احباط مخططات للاعتداء على خمس سفارات اميركية في العالم. وأوضحت الصحيفة ان خطط الهجمات كانت "في وضع متقدم من التحضير" ولا تستهدف سفارات في افريقيا، مؤكدة أنها لا تملك مزيداً من التفاصيل عن هذه العمليات. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن "سي. آي. اي" احبطت هذه المحاولات عبر التسلل الى مجموعات ارهابية والتقاط اتصالات الكترونية. واعتبرت الصحيفة ان هذه النجاحات ربما اقنعت الارهابيين باستهداف المنشآت الاميركية الأقل حماية مثل سفارتي نيروبي ودار السلام. واضافت ان "سي. آي. اي" ساعدت أيضاً على توقيف أكثر من أربعين ارهابياً مشبوهاً في العالم منذ 1993. وواصلت أمس فرق الانقاذ في نيروبي عمليات ازالة الركام وتمكنت من انتشال جثة جديدة أمس. ويعتقد ان عشرات الجثث لا تزال تحت الانقاض. وقال ناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس إن اللجنة نقلت في الساعات الأربع والعشرين الماضية 28 جثة من "بيت الأفندي" وهو مبنى المكاتب المجاور للسفارة الذي اصيب بأكبر الأضرار في انفجار الجمعة الماضي. وأعلن مركز الكوارث الوطني في كينيا أمس ان المحصلة الرسمية لعدد قتلى انفجار نيروبي ارتفعت إلى 218 قتيلاً، بينما قتل عشرة آخرون في انفجار دار السلام. وقال الميجور جورج أجوي الناطق باسم المركز إن عدد من تأكدت وفاتهم من الأميركيين لا يزال 12 شخصاً. وأوضح المركز أن 224 شخصاً ما زالوا يتلقون العلاج في المستشفى، بينهم سبعة في العناية المركزة. وذكر ان زهاء خمسة آلاف اصيبوا في الانفجار غير أن غالبيتهم تلقى العلاج وغادر المستشفى. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن جثث 11 من 12 أميركياً ستصل إلى قاعدة اندروز الجوية خارج واشنطن غداً حيث سيقام احتفال تأبيني يتحدث فيه الرئيس بيل كلينتون. وأضاف المسؤول ان الاحتفال التأبيني سيقام صباح غد عقب وصول الجثث ترافقها وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت. وان كلينتون سيلتقي أيضاً أفراد عائلات الضحايا اثناء مراسم التأبين. وستغادر أولبرايت واشنطن اليوم في طريقها إلى قاعدة جوية أميركية في رامشتاين الألمانية، لمرافقة الجثث إلى الولاياتالمتحدة. والقتيل الأميركي الثاني عشر، وهي امرأة اسمها جين داليزو، ستدفن في كينيا، لأنها كانت متزوجة من رجل كيني. ووصلت جثث الضحايا الأميركيين ال 11 فجر أمس من نيروبي إلى قاعدة رامشتاين العسكرية الجوية الأميركية في غرب المانيا. وبعيد وصول الطائرة اقيم احتفال تأبيني للضحايا في القاعدة، ثم نقلت الجثث الإحدى عشرة 3 جنود و8 موظفين مدنيين إلى قاعدة "الم آتم" في مستشفى لاندستوهل العسكري الأميركي الذي يبعد بضعة كيلومترات. وفي جوهانسبورغ، أعلنت الناطقة باسم مؤسسة "خدمات نقل الدم الجنوب افريقية" ديانا دي كونينغ ان مؤسستها ارسلت وحدات من الدم إلى المستشفيات الكينية التي تعاني نقصاً حاداً في الدم. وأوضحت ان نحو 600 مواطن من جنوب افريقيا تبرعوا بدمهم منذ الأحد الماضي.